خاص العهد
التأريخ لدور المرأة في المقاومة: كي لا تضيع التضحيات
حسن نعيم
أخذت جمعية الرابطة اللبنانية الثقافية على عاتقها مشروع التأريخ لدور المرأة في مقاومة الاحتلال. وهي قامت في سبيل تحقيق مقاصدها بعدد من الأنشطة وأصدرت سبعة عشر كتابًا تنوعت بين القصة والرواية والسيرة الذاتية. وفي مطالعة سريعة لعناوين الكتب الصادرة نقرأ: القابضة على الجمر، الحب الذي يكفي، القابضة أشواك الورد، تموز إن حكى، الوصول، فيسفساء تموز، فراشة الليل، الزهرة الغريبة، علية السنديان العاملية، دار سكنة، ذات أحلام وسفر، والنجم اذا هوى، على درب زينب.
تعكس هذه القصص في سردياتها الروائية والقصصية مشاعر الأمومة وتزخر أحداثها بالشخصيات الجهادية وتفرد حيزًا واسعًا لمشاركة المرأة في الأعمال الجهادية من تخبئة السلاح إلى إيصال الطعام إلى الجبال وحتى قيام بعض هذه النسوة بصفع ضباط إسرائيليين في المظاهرات والاعتصامات. وتحاول بعض هذه الأعمال الكتابية وصف صبر المرأة المقاومة في المعتقلات الإسرائيلية أو حين يعتقل ابنها أو زوجها ومعاناتها في مواجهة الحياة ومتطلباتها المعيشية.
عن أهداف هذا المشروع تقول مسؤولة التأريخ لدور المرأة في مقاومة الاحتلال في الرابطة اللبنانية الثقافية الحاجة زينب الحكيم: "نسعى من خلال هذا المشروع الى حفظ وتأريخ دور المرأة المقاومة في لبنان وتوثيق دورها في مواجهة الاحتلال الصهيوني من خلال التأريخ الشفوي والمكتوب، وإظهار فكر وبيئة المقاومة ودورها من خلال الكتابة القصصية والروائية بالإضافة إلى تأهيل الأقلام الواعدة. وفي سبيل إنجاز هذا الهدف نظّمنا لقاءات تأهيلية مع أهل الخبرة والاختصاص من كتّاب وروائيين وأساتذة جامعيين وأقمنا عددًا من الورش التدريبية للكاتبات العاملات في هذا المشروع، كما أنشأنا قسمًا لملف تراجم أمهات الشهداء النموذجيات وتراجم للأسيرات حيث تم استكتاب بعض الأسيرات ليكتبن عن أنفسهن وتجربتهن في الاعتقال".
أخذ المشروع فترة طويلة نسبيًا من الزمن حتى تبلور وأخذ شكله النهائي الذي هو عليه اليوم. الفكرة بدأت عام ٢٠٠٠ بعد التحرير لكن الكثير من إنجازاته ضاعت بعد عدوان تموز ٢٠٠٦ وغابت تحت الركام. بعد عام ٢٠٠٦ تابع المركز العمل وانما بزخم أكبر وتم توزيع الأدوار فبات هناك فريق كامل للتحقيق الميداني يتولى تسجيل المقابلات وتأمين الوثائق والمواد المطلوبة. وقد أنجز هذا الفريق حتى الآن حوالي ٧٩٠ مقابلة مع أمهات الشهداء و٥٠ مقابلة مع الأسيرات و١٠٠ مقابلة مع أخوات لهن تاريخ وجهاد في المقاومة. الفريق الثاني هو فريق التراجم الذي يعنى بتنظيم وصياغة المعلومات في مجلد تراجم. أما الفريق الثالث فهو فريق الكاتبات ويتكون هذا الفريق من نخبة الاخوات اللاتي تفاعلن مع المقاومة وعايشن أجواءها وامتلكن مؤهلات التعبير عن مناخاتها وحولن المواد التوثيقية إلى قصص وروايات أدبية وسير ذاتية.
في هذا السياق، تنوّه الحكيم أن بنك المعلومات الذي أنجزه فريق التحقيق الميداني سيضع الكتاب أمام مادة ثرية يستفيدون منها في القادم من الأعمال الإبداعية والتي ستزود المكتبة العربية بتلوينات مختلفة من أدب المقاومة بما يحفظ التاريخ من التزوير ويحفظ للمرأة المقاومة دورها ويفيها بعض حقها.
يبقى أن نجاح هذه المحاولات الأدبية التي تسعى إلى توثيق فعل المقاومة وجهادها وتضحياتها أدبيًا مرهون بمقدرة كتّاب أدب المقاومة على الاستفادة من ثراء تجربة المقاومة في لبنان ومن إمكانية هذه المؤسسات الثقافية والإعلامية التي تسعى إلى توفير المناخات الملائمة للإنتاج الأدبي المقاوم، وهذا ما بدأنا نتلمسه ونقرأه في نتاجات عدد لا بأس به من الكتاب لا يتسع المجال لذكرهم والإضاءة على الجوانب الإبداعية في أعمالهم.