خاص العهد
الدولار.. الى أين؟
يوسف جابر
واصلت الليرة اللبنانية انهيارها الدراماتيكي أمام سعر صرف الدولار الأميركي محطّمة أرقامًا قياسيةً في الأيام الأخيرة. الزيادات التي طرأت على سعر صرف الدولار خلال ثلاث سنوات طرأت عليه خلال شهرين فقط حتى بات الدولار الواحد يعادل 87500 ل.ل. تسارع انهيار العملة الوطنية لم يعد يُدركه المواطنون الذين باتت جملة "ارتفع الدولار وانخفض" لازمة في حديثهم اليومي. حتى السياسيون أنفسهم تراهم في ملف العملة الوطنية خارج التغطية على غرار العديد من الملفات الاقتصادية والخطط الانقاذية.
ولمعرفة أسباب الارتفاع الكبير بسعر صرف الدولار في الفترة الأخيرة، أجرى موقع "العهد" الإخباري حديثًا مع الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور حسن مقلد الذي أرجع الأمر إلى 4 عوامل أساسية هي حجم الفراغ السياسي القائم في البلد حيث إنَّ أفق انتخاب رئيس للجمهورية مسدود، ولا يوجد إدارة يومية لأي قضايا، وحجم الهجمة الأميركية التي تتجلى كل يوم بعقوبات وغير عقوبات، إضافة الى تفلت السوق وتحكم المضاربين فيه، فحجم السوق كان يصل إلى 70 و80 مليون دولار بضوابط، ولكن اليوم يصل إلى 20 مليون دولار بدون أي ضوابط.
وأشار مقلّد إلى أنَّه على الرغم من هذه العوامل، لا نزال نعاني من عدم وجود قوانين ناظمة لمرحلة الانهيار، فمنذ 3 سنوات إلى اليوم لم يتم اتخاذ أي إجراءات لوقف الانهيار، ومن الطبيعي أنَّ هذا التراكم يسرّع وصولنا إلى أماكن أسوأ.
وأضاف مقلد: "وصلنا لمكان هناك أزمة قضائية حَادّة قسمت البلد إلى نصفين، قسم يعتبر ما يقوم به القضاء إنجازًا، وقسم آخر يعتبره كارثة، في وقتٍ بات البلد مستباحًا من الخارج، ونفس الذين كانوا يحمون كل الموبقات الحاصلة، صاروا يريدون إنقاذ الوضع بينما هم شركاء فيه".
وأسف مقلِّد في حديثه لـ"العهد" لأنه لم يُتخذ أي إجراءات لإدارة الأزمة بشكل أفضل أو إجراءات جدية وجذرية، لافتًا إلى أنَّ "القوى السياسية بمعظمها لم تتدخل لأنها تعتبر أنه يمكن استغلال الوضع عبر الضغط والابتزاز لتحقيق الاستفادة".
ورأى أنَّه يجب تغيير العادات التي تُمارس في طريقة الاستيراد، فليست مزحة أن لبنان استورد في العام 2022 بـ20 مليار دولار من ضمنها سيارات جديدة بمليار و500 مليون دولار، وهواتف جديدة بـ 300 مليون، في حين أنه لو أي بلد في العالم عانى ما يعانيه لبنان لم يكن ليستورد بهذا الشكل.
وتابع: " قد نشهد أسوأ مما نشهده مع الإشارة الى أنه من الممكن أن نشهد ضوابط في حال تحرك المعنيين، فلبنان يدخل اليه يوميًا عملة صعبة، وكان حجم السوق 70 و80 مليون دولار يوميًا وكان العرض أكثر من الطلب ولكن ما كان يرفع السوق هو المضاربات".
وأكَّد مقلد أنَّ مسار ذهاب الأمور مرتبط بنقطتين أساسيتين؛ الأولى بالسياسة أي إلى أين يُراد من الضغط الخارجي أخذ البلد، وطريقة إدارة المقاومة السياسية الداخلية لهذا الأمر، والثانية إدارية وتنظيمية لأمور البلاد، مبينًا أنَّ "الضغط الخارجي يكبر ويبدو أننا ذاهبون لمواجهات أكبر بالمدى المنظور، ولا يمكن التفرج على من يريد مهاجمتنا، فكل شي محتمل، وفي نفس الوقت كل شي ممكن أن ينظّم".
كذلك، اعتبر مقلّد أنَّه بظل عدم وجود اقتصاد بالبلد، لم يعد هناك رقم عقلاني لسعر الدولار الفعلي الذي يظهر من خلال معرفة حجم عرض الدولار والطلب عليه، وخلال العام 2022 دخل إلى لبنان أكثر من 15 مليار دولار أي أكبر من حاجته الطبيعية بكثير.
وأشار مقلد إلى أنَّه "طالما هناك عرض للدولار في البلد فهذه الأرقام التي نشهدها غير طبيعية، ومن الممكن أن يهبط لمستويات أدنى بكثير طالما هناك ضخ دولارت بشرط أن يكون هناك تنظيم لعملية استخدام الدولارات".
الدولارالليرة اللبنانيةسعر الصرف