خاص العهد
إضراب الإدارات العامة مستمر.. ولا حلول في الأفق
زكريا حجازي
يستمر موظفو الإدارات العامة بإضرابهم شبه المفتوح في مختلف الدوائر الحكومية، الواقع الذي يعطّل معاملات المواطنين ويضرّ بمصالحهم. وبالموازاة، تصرّ الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة على الإضراب وتتمسك بسلّة كاملة لمطالب الموظفين في وقت تعجز فيه حكومة تصريف الأعمال عن الاستجابة لهذه المطالب. وما بين الإضراب والعجز يبقى المواطن الضحية الأولى.
رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر أكّدت الاستمرار بالإضراب في الإدارات العامة حتى تحقيق كافة المطالب، مشددة على السلة الكاملة المتكاملة لمطالب الموظفين حتى لا تتآكل رواتبهم.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري لخّصت نصر مطالب موظفي الإدارة العامة بالتالي: زيادة على الرواتب، دولرة الرواتب عبر منصة صيرفة خاصة بالموظفين، زيادة بدل النقل، تغطية الاستشفاء والطبابة، وزيادة على منح التعليم.
وردًا عن سؤال أوضحت نصر "أن موظفي الإدارات العامة بدأوا إضرابهم في 17 كانون الثاني بصورة مجزّأة أسبوعًا فأسبوع أو عشرة أيام فعشرة ووفقًا للمعطيات. نحن نمدد الإضراب على أمل أن يكون هناك حلول واستجابة لمطالبنا خلال هذه الفترة، خاصة أن هناك حديثًا عن هذا الموضوع في جلسات الحكومة، لكن يبدو أن القصة طويلة ومستمرة ومفتوحة على المجهول".
وأضافت نصر: "إذا أردنا أن نقيس مستوى اهتمام الحكومة وطريقة معالجتها للأمور نرى أن الحكومة تبحث بمواضيع أخرى لا تقارب مطالب الموظفين".
وردًا على سؤال آخر قالت: "نحن نطالب بزيادة عادلة على الرواتب وربطها بمنصة ثابتة للدولار حددناها بـ15 ألف ليرة للدولار رغم أن الدولة بنفقاتها لم تلتزم بالـ15 ألفًا.."، معتبرة أن أي زيادة من دون ربطها بالمنصة يبتلعها الدولار قبل أن تصل إلى أيدينا وتعود إلى الدولة عبر رفع قيمة صرف الدولار"، مشددة على أن "مطلب تثبيت منصة خاصة لرواتب القطاع العام والإدارة العامة هو مطلب أساسي عندنا بالإضافة إلى مطلب السلة المتكاملة".
ورأت أنه إذا ما توفر أحد المطالب دون غيرها يعني "طار الراتب" لذلك قالت "نحن نطالب بسلة متكاملة"، وأعطت مثلًا مطلب الاستشفاء فـ"إذا أعطتنا الدولة زيادة الرواتب بدون استشفاء وطبابة فإنّ الموظف إذا اضطر لمعالجة استشفائية فإن المستشفيات ستقضي على راتبه".
وحول مطلب بدل النقل قالت نصر: "نحن لا نطالب بمعجزات، ولا نطلب أكثر من حقنا، فإن أعطونا أي راتب بدون بدل نقل يسمح للموظف بالوصول إلى مركز عمله يعني أننا سنصرف رواتبنا على النقل".
وأوضحت أن الموظفين يطالبون ببدل نقل مرتبط بالمسافات، معتبرة أنه حتى الـ5 ليترات من البنزين التي أقرتها الحكومة للمعلمين هي غير كافية بالنسبة للموظفين الآخرين، لافتة إلى أن نظام التعليم ينص على تعيين المعلم بأقرب مدرسة إلى مكان سكنه، وهناك شريحة كبيرة من المعلمين مراكز عملهم تقع ضمن مناطق سكنهم أو بلداتهم، في حين أن موظفي الإدارات العامة يقطعون مسافات طويلة بين أقضية أو محافظات للوصول إلى مراكز عملهم، وعندها لن تكون الـ5 ليترات بنزين كافية لهم.
وانتقدت نصر "الإنتاجية المشروطة" التي طرحتها الحكومة للموظفين، معتبرة أنها حولتهم إلى أقل من "مياومين" وقالت: "بات الموظف في الإدارة العامة يشعر بالقهر والمذلة أكثر من شعور المياوم بها"، مضيفة: "نحن لا نمانع الحضور إلى مراكز أعمالنا وبطبيعة الحال نحن ملزمون بدوام رسمي محدد، وحتى نقدر على متابعة هذا الدوام ويستقيم وضع العمل بالإدارات يجب أن تكون هذه المطالب سلة واحدة متكاملة".
وعن المؤسسات المشاركة بالإضراب، أوضحت نصر أن الإضراب هو بالمبدأ للإدارات العامة التابعة للوزارات، وهناك استثناء من الإضراب لبعض المؤسسات "التي نصرّ على أن تستمر بعملها" وهي التي تتعلق بالأمور الحياتية الملحة أي الصحية والاستشفائية يعني وزارة الصحة العامة وتعاونية موظفي الدولة، لافتة إلى أن موظفي هاتين الإدارتين لا يخضعون للإضراب ويعملون يومًا أو يومين في الأسبوع أو حسب الحاجة.
وأشارت إلى خروقات للإضراب في بعض الإدارات، وقالت أحيانًا تصبح هناك أمور ملحة جدًا في بعض الإدارات فتخرق الإضراب ليوم أو أكثر حتى لا تتأثر مصالح المواطنين.
وعن التأثير السلبي للإضراب على المواطنين، قالت نصر: "نحن أيضًا من المواطنين لكننا كموظفين أمام حالة عجز ولا نطالب بزيادات رفاهية بل بزيادات ضرورية حتى نستطيع أن نستمر في العمل وتكون عائلاتنا مكتفية وحاجاتها مؤمنة".
وأكدت أن 80 بالمئة من الموظفين رواتبهم لا تكفي لشراء حاجات عائلاتهم من الخبز فقط، مشيرة إلى أن ربطة الخبز الصغيرة تباع بسعر 55 ألف ليرة في بعض المناطق في حين أن بعض العائلات بحاجة لأكثر من ربطتين أو ثلاث يوميًا، مضيفة: "نحن لا نتحدث عن حليب الأطفال ولا عن المواد الغذائية الأساسية كاللحوم والألبان والأجبان".
وعن إمكانية اعتماد يوم عمل في الأسبوع لإنجاز معاملات ومصالح المواطنين قالت نصر: "نحن اعتمدنا ذلك بداية إلاّ أن هذا الأسلوب أراح الدولة ورأت فيه متنفسًا، اعتبرت أن الموظفين يؤمّنون العمل بيوم أو يومين بما يوفر عليها بدلات النقل وصار عمل الموظفين مضاعفًا لأنهم باتوا يعملون لإنجاز الأعمال المتراكمة في أسبوع خلال يوم أو يومين، ولذلك ذهبنا إلى الإضراب الكامل".
واعتذرت نصر من المواطنين المتضررين من الإضراب وقالت: "إضرابنا قسري بعدما وصلنا إلى طريق مسدود، وما كنا لنلجأ إلى الإضراب الذي يضر بمصالح المواطنين لولا أننا أصبحنا عاجزين عن المتابعة ولولا أن عائلاتنا وإداراتنا صارت في خطر".
وختمت نصر معتبرة أن "السلطة القائمة وليست الدولة" بإهمالها لمطالب الموظفين وبإذلالهم القسري والإجحاف الذي تمارسه في حقهم، تمهّد عن قصد أو غير قصد لإنهاء الإدارات العامة والقطاع العام، وبالتالي القضاء على الوطن لأن لا قطاع عام يعني لا وطن ولا خدمات مواطن"، مشددة على "أن الخصخصة عندنا هي مجرد محاصصة واحتكارات تزيد الظلم على المواطنين وتقضي على هذا البلد".