خاص العهد
دمشق: اجتماع جنيف يهدف إلى إطالة أمد الأزمة السورية
دمشق ـ محمد عيد
أدانت دمشق ما جاء في البيان المشترك لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في جنيف عقب لقائهم المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية، معتبرة ذلك تكراراً ممجوجا ومحاولة يائسة لمتابعة جهودها الرامية لإطالة الأزمة في سورية وتبرير انتهاكاتها لسيادتها ومحاولتها التدخل بشؤونها الداخلية.
مسعى للضغط على دمشق
وأصدرت وزارة الخارجية والمغتربين السورية بيانا علقت فيه على الاجتماع الرباعي في جنيف بالقول "إن هذه الدول إن كانت حريصة حقا على الوضع الإنساني في سورية لكان عليها من باب أولى أن ترفع فوراً إجراءاتها القسرية أحادية الجانب اللانسانية واللاأخلاقية عن الشعب السوري".
من جهته أكد المحلل السياسي والعضو السابق في الوفد الوطني السوري إلى مباحثات جنيف الدكتور أسامة دنورة أن هذا الاجتماع يأتي في ظل ما يبدو انه مسعى امريكي حثيث لتنشيط عوامل الضغط على سورية في عدة اتجاهات، وذلك بعد ان اصبح الوضع في سورية بفعل التطورات الدولية في المرتبة الثالثة او الرابعة على سلم اولويات المجتمع الدولي.
وأشار دنورة في حديثه الخاص بموقع " العهد" الإخباري إلى أنه وبالاضافة الى عقد هذا الاجتماع، تم مؤخراً توقيع "قانون الكبتاغون" من قبل رأس الادارة الامريكية، كما تم تحريك ملف الاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي في دوما بإصدار تقرير يتهم الدولة السورية بالضلوع في الحادث، كذلك دخلت الولايات المتحدة بثقلها السياسي لتخريب واعاقة ارهاصات الحل على خط انقرة ــ دمشق، فضلاً عن الاعلان الأخير عن دعم الاعلام السوري "المستقل" بمبلغ ١٥ مليون دولار.
ولفت دنورة إلى أن هذه المؤشرات والخطوات الامريكية تشير الى ان هناك عوامل قد حرضت مسعى الضغط الامريكي في هذا التوقيت بالذات، فالولايات المتحدة تنظر بقلق لاحتمالات نجاح الوساطة الروسية ما بين انقرة ودمشق، وهي لا تريد ان ترى انسحاب العامل التركي من خارطة النزاع السوري، لانه يعني قفزة هامة لعودة دمشق الى وضعها الطبيعي سياسياً ودوليا، كما يعني ان التركيز سينصب لاحقاً على طرد الاحتلال الامريكي وتفكيك الحالة الانعزالية التي يرعاها في مناطق الشمال الشرقي من سورية، وهو ما يعني بالتالي أن قدرات واشنطن على استثمار وجودها الاحتلالي في المساومة والضغط على كل من سورية وروسيا وايران قد تراجعت الى حد يقارب الزوال، والامر برمته يعني استطراداً ان كل ما قامت واشنطن باستثماره في دعم الارهاب في سورية، ومسعاها لافشال الدولة السورية، واخراجها من الخارطة الجيوبوليتيكية للمنطقة، كل ذلك مهدد بالفناء.
محاولة إحياء قرار ميت
شدد عضو الوفد السوري السابق إلى مباحثات جنيف على أنه وفي هذا السياق فإن نجاح مسار استانا(وما يتفرع عنه) في انتاج الحلول، بدل ان كان مقتصراً على ادارة الصراع، يهدد عملياً بإخراج العامل الغربي بصورة شبه نهائية من خارطة الحل السوري، الامر الذي يفسر تأكيد الدول الغربية المجتمعة على حرفية القرار ٢٢٥٤ الذي سبق لبيدرسن نفسه ان اعلن انه قد مات.
ولذلك يبدو المسعى الامريكي ــ الغربي عبر هذا الاجتماع هادفاً الى إعادة عقارب الساعة الى الوراء، وتجميد الوضع في سورية على ستاتيكو معين يستمر فيه الاستنزاف السياسي والعسكري والاقتصادي للبلاد، وتجويع اهلها والسعي لكسر ارادتهم الوطنية ما دامت سورية حريصة على تحرير ارضها ورفض تقويض استقلالها السياسي.
وأضاف دنورة في حديثه لموقعنا بأنه من هنا جاء بيان الخارجية السورية ليقرأ بوضوح في البيان المشترك لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بجنيف مسعىً غربياً واضح المعالم لاطالة امد الازمة في سورية، وتجاهلاً مشبوهاً للقرار ٢٢٥٣ السابق للقرار ٢٢٥٤ والذي يتعلق بمحاربة الارهاب، وكذلك تجاهلاً تاماً للقرار ٢٦٧٢ وما ورد فيه حول دعم مشاريع التعافي المبكر، وهاتان الدلالتان انما تشيران الى استمرار الدعم المباشر والمستتر للارهاب من قبل الدول الغربية، واستمرار توظيف العامل الارهابي كأداة سياسية في الازمة السورية، كذلك استمرار الضغوط الاقتصادية والمعيشية على الشعب السوري، والوقوف السافر في وجه مسارات التعافي المبكر واعادة الاعمار.