خاص العهد
المسيحيون السوريون: الجنرال سليماني حمى الوجود المسيحي في سوريا
محمد عيد
تتقاطع روايات المواطنين المسيحيين السوريين وكبار رجال الدين في سوريا حول الدور الكبير لقائد قوة القدس في الحرس الثوري الاسلامي الشهيد اللواء الحاج قاسم سليماني في حماية الوجود المسيحي في هذا البلد.
"العهد" يوثق شهادات لمواطنين وكهنة عايشوا دخول التكفيريين إلى بلداتهم وشهدوا بأمّ أعينهم المذابح المرتكبة بحق الأهالي، وكيف حال التدخل الملموس للجيش السوري والمقاومة اللبنانية في طرد المعتدين، وكذلك الدور البارز حينًا والخفي أحيانًا للشهيد سليماني في تأمين هذه البلدات المسيحيّة وتطهيرها من دنس التكفيريين.
قتل بدم بارد
يروي المواطن السوري عامر رداح، ابن مدينة صدد في ريف حمص لموقع "العهد" الإخباري كيف تمكن الجيش السوري ورجال المقاومة الإسلامية من فك أسره مع عدد كبير من المواطنين الذين احتجزهم تنظيم جبهة "النصرة" الإرهابي كرهائن في البلدة ذات الأغلبية المسيحية. هرع عامر مسرعًا إلى بيته لكي يتفقد أحوال أبيه وأمه الطاعنين في السن قبل أن يقع على المشهد الذي لا يمكن للزمن أن يمحوه من ذاكرته. كان ارهابيو النصرة قد قتلوا العجوزين "الكافرين" بدم بارد قبل أن يسرقوا المصاغ الذهبي الموجود في البيت وكل ما خفّ وزنه وغلا ثمنه.
يعيد عامر على مسامعنا تفاصيل القصة الحزينة ويؤكد لموقع "العهد" الإخباري أنه كان قد يئس هو وكل المحتجزين في أحد الأبنية الكبيرة من النجاة "فهوس التكفيريين بالقتل لم يكن له حدود وكنا نسمع كل الشتاىم الطائفية التي تنال من اعتقاداتنا ومقدساتنا وحديث أصحابها عن أن من يقتل كافرا يدخل الجنة وكنا نحن بنظرهم هؤلاء الكفار الذين سيدخلونهم الجنة عبر تقديمهم كقرابين".
يتحدث عامر الذي كتب له عمر جديد بكل امتنان عن رجال المقاومة الإسلامية الذين "طهّروا المكان وحموا الكنائس والمقدسات وكانوا مثالًا للسلوك الأخلاقي متعففين وغيارى ولا يؤذون أحدا بنظرة".
ويشير عامر لموقع" العهد" الى أنهم كمواطنين لم يلتقوا بالحاج قاسم سليماني لكنهم شعروا بوجوده ووجود رجاله في المكان "وهو الأمر الذي أكده لنا كاهن البلدة والأب زهري خزعل كاهن كنيسة أم الزنار الذي اجتمع معه لتدارس قضية فك الأسرى في القريتين وصدد وهو ما تحقق لاحقاً بفعل تواجده الميداني في المكان".
مقاتلون شديدو الحياء والعفة
الدكتور مطانيوس يازجي مدير مستوصف صدد ورئيس الإغاثة تحدث لموقع "العهد" الإخباري عن دخول التكفيريين إلى صدد وقتلهم لعشرات المدنيين الأبرياء والقاء جثامينهم في بئر البلدة لعدة أيام قبل وصول طلائع الجيش السوري ورجال المقاومة الإسلامية لانتشالهم والعمل على تأمين دفنهم بما يليق بالشهداء.
الدكتور يازجي روى لـ "العهد" حادثة طريفة عن سيدة سورية مسيحية من عائلة "نصر الله" أعدت طعاماً وذهبت به إلى مقاتلين من رجال المقاومة الإسلامية في لبنان كانوا يحمون البلدة بعد تطهيرها من رجس التكفيريين. مدت السيدة يدها بالطعام فشكرها رجال المقاومة بشدة وتمنعوا عن أخذ الطعام راجين منها أن تعود أدراجها إلى البيت وتعطي الطعام لأبنائها فما كان منها إلا أن تشبثت برأيها وقالت "يجب أن تأكلوا من طعامي فأنا من بيت نصر الله وتجمعني صلة قرابة بسماحة السيد".
الأب مطانيوس سطوف كاهن صدد أشار في حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري إلى أن أهالي صدد وعموم البلدات المسيحية في سوريا يحملون الكثير من المحبة والعرفان لرجال المقاومة الإسلامية وللشهيد القائد قاسم سليماني الذي حمى البلدة بطيفه وجعلنا نشعر بالأمان منذ أن تبادر إلى ذهننا أنه قد جاء بنفسه لقتال إرهابيي جبهة "النصرة" وبعدهم تنظيم "داعش" التكفيري: "لقد وضعني الأب زهري خزعل في صورة التنسيق الذي تم معه لجهة إطلاق سراح الأسرى المدنيين من العائلات المسيحية في القريتين وصدد كما تحدث عن حماسته الشديدة في تحرير البلدات المسيحية من نير التكفيريين الذين ضربوا العيش المشترك وتعاملوا معنا ككفرة وجب استحلال مالنا وعرضنا وأرضنا".
قدّاس لراحة الشهيد سليماني
الأب متى رزق كاهن دير مار تقلا في بلدة معلولا السورية ذات الأغلبية المسيحية لم يخرج في حديثه لموقع "العهد" الإخباري عن كل الشهادات التي أنصفت الشهيد قاسم سليماني ورجال المقاومة الإسلامية ممن دافعوا عن سوريا الوطن وكل المقدسات الإسلامية والمسيحية بكل ما اوتوا من قوة ورباطة جأش لدرجة أنه "وبعد استشهاد القائد قاسم سليماني أقامت الكنائس المسيحية في سوريا قداديس تكريم لروحه الطاهرة عرفانا وامتنانا للدور الذي قام به في حماية الوجود المسيحي في هذا البلد الذي يعتبر مهدا للمسيحية".
وأضاف كاهن دير مار تقلا: "هذا الأمر يعتبر أبلغ تكريم يمكن أن يؤديه المسيحيون لشخص من خارج دينهم لكنه خدمهم من موقعه الإنساني والأخلاقي بما يجدر بالإنسان أن يقوم به تجاه أخيه الإنسان".