معركة أولي البأس

خاص العهد

"صياد" القوات المسلحة في "حقل رماية" مع إعلاميين ومفكرين لبنانيين
22/01/2023

"صياد" القوات المسلحة في "حقل رماية" مع إعلاميين ومفكرين لبنانيين

رنا الساحلي
لربما هي من المرات القليلة التي تلتقي فيها شخصيات اعلامية وفكرية مستقلة مع لواء في القوات المسلحة الايرانية وبالبزة الزيتية للحرس الثوري الاسلامي الذي أذل أمريكا.. لكنه لبنان ومكانته عند الولي الفقيه. قاعة كبيرة تعبق بأريج الورد الايراني المشهور وألوانه، يسود الهدوء ليكسر الجليد بترحاب باللغة الفارسية من صوت رقراق يتشابه بنبرته مع صوت الشهيد قاسم سليماني، وملامح تختلط فيها القوة والشجاعة والرقي في آن واحد.

هو اللواء  ابو الفضل شكارجي والتي تعني "الصياد" باللغة العربية، ليتوافق اسم العائلة مع مهمة الرجل في انتقاء الكلمات المرسلة عبر أثير الهواء الى حاضري الجلسة وعبرهم الى العالم.

المهمة اليوم أصعب فهو امام شخصيات اعلامية وفكرية تتقن فن الإيقاع في الفخ، لعلها تصطاد منه بعضاً من مخزونه العسكري من المعلومات التي تسبح في فضاء عقول كانت ولا زالت تبحث عن الحرية والسيادة والاستقلال لكل شعوب منطقتنا والعالم  وفي كل الأوقات والازمنة. فكيف بملفات إقليمية عسكرية تتأثر بها المنطقة ككل وبصورة خاصة بعد البروباغندا التي عمل عليها الغرب وجعل العالم يظن ان الثورات الانسانية تفجرت في إيران بوجه ثورة إسلامية انتزعت حكماً ارستقراطياً خانعاً لاوامر أميركا والكيان الصهيوني.

"الصياد" جال بكلامه في فضاء المعلومات العامة عن تاريخ البلاد ما قبل الثورة الإسلامية، وكيف كان الغرب يتعامل مع حكام ايران خلال فترة الشاه والخنوع الذي عاشه الشعب لخدمة أميركا التي كانت الآمر والناهي في شؤون الدولة.

كل شيء كان بخدمة الولايات المتحدة وكأنه مستعمرة تابعة لها، او لربما ولاية من ولاياتها لدرجة انه كان من الممنوع على العسكري الإيراني ان يقترب من الأسلحة او حتى يكون عاملاً لتنظيفها كي لا يكتسب اي خبرة خلال فترة عمله. كان الاميركي هو السيد في تلك الحقبة، الى ان جاءت الثورة الإسلامية لتقتلع من الجذور حكماً استعبد مواطنيه وجعلهم يخنعون للغرب بينما الثروات التي تحملها بلادهم كانت لتجعلهم اسيادا في منطقتهم.

بعد الثورة الإسلامية انكب الشعب الإيراني وبجهد للحصول على الكثير من الإنجازات والعلوم المختلفة والبداية مرحلة تأهيل قواتها وقدراتها.

قدرات بإنتاج وطنية 100%

اللواء شكارجي عرض كل ما توصلت اليه القوات المسلحة من قدرات تفوق ما يتوقع من شعب تحت الحصار، فرغم التضييق ورغم العقوبات الاقتصادية ورغم محاربة الكثير من الدول الأجنبية كأمريكا وبريطانيا ومعهما الكيان الصهيوني، الا انها استطاعت كسر كل المحظورات بارادتها وارادة شعبها الذي واكب كل العلوم بدءاً من الصواريخ قصيرة المدى والمتوسطة وطويلة المدى، إلى صناعة الطائرات والمقاتلات والقاذفات والمسيرات والرادارات المتطورة بينما كان للمسيرات الحصة الوافرة... لربما يخفى الكثير والكثير فالصياد الماهر يدرك جيداً ان الصمت هو سر الوصول إلى الهدف ليعلن عن انتصاره بعد صيد ثمين فينتقل إلى هدف أكبر.

"صياد" القوات المسلحة في "حقل رماية" مع إعلاميين ومفكرين لبنانيين

انجازات التصنيع فاقت الأجواء الجوية ووصلت إلى عمق البحار فالغواصات المجهزة باتت رفيقة الخليج الفارسي وبحر قزوين والمدمرات موجودة دائماً لحماية امن الجمهورية الإسلامية.

تواضع اللواء شكارجي مصداق من مصاديق ايران الثورة ومؤسسها (قده) إذ يعتبر "الشعب هو ولي نعمة المسؤولين"، لذلك يجب أن يستمع المسؤول لمطالب الشعب المحقة. في الاحداث الأخيرة التي جرت في الجمهورية الإسلامية والتي جرى تضخيمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بصورة خاصة، سيما وأن الاعلام الغربي يضخ يومياً آلاف الفيديوهات المكررة بزوايا مختلفة ليظهر وكأن ايران ليست بخير؛ ويتم استخدام مشاهد لاحتجاجات قاسية يتم فيها سحل متظاهرين والاعتداء عليهم ليتبين انها في بلدان أخرى، وقد استطاعت القوات المسلحة الايرانية من التوصل إلى هوية هؤلاء المفبكرين وقد اعترف الكثير منهم بارتباطهم بتلك الدول وتحريضها لهم لزعزعة الاستقرار.

التزوير الممنهج الذي يتبعه الغرب ليس جديدا فهو الناقم على انتصار الثورة وهروب الاميركيين تحت وطأة شعب رفض الذل ورفع راية الكرامة عالياً.

فالدين الإسلامي وثقافة الإسلام تمنع الكذب لانه حرام و ويحرم الأساليب وما يقوم به الاعلام الغربي ولو كان الهدف سامياً، بينما الغرب كل يوم في كذبة جديدة وأختلاق قصص غير موجودة اصلاً.. انها ذروة الشيطنة لديهم فاستغلال النساء في كل الامور مباح وصولا إلى امتهان الشرف والعرض والكرامة.

اعترف اللواء ان "الاعلام ضعيف امام كذب إعلام الغرب وآلاته المتعددة والذي يلفق كل يوم كذبة لاضعاف وتوهين عزيمة الشعب الإيراني وليظهر امام الدول الاخرى وشعبها ان هنالك حريات مقموعة"، بينما الحقيقة تشبه ذاك الثلج الذي يغطي ايران خارج تلك القاعة الكبيرة.. لا شيئ يدعو للقلق فالجمهورية الاسلامية بخير وعشرة الفجر باتت قريبة وسيتم الإحتفال بها فالدولة والحريات مصانة في الجمهورية الإسلامية بل انها كل يوم تزداد قوة وخبرة  وثبات.

لبنان والاقليم

اما في الملفات الإقليمية فالحديث عن لبنان كان مليئاً بالعاطفة الحقيقية التي ظهرت ببريق يلمع في عينيه فالروح واحدة، وان كانا جسدين اثنين فكيف بلبنان المقاومة والشجاعة التي طردت العدو الصهيوني.

هي ايران التي تدافع عن مستضعفي الأرض أينما كانوا وحلوا... هي ايران التي كانت إلى جانب لبنان وفلسطين واليمن وافغانستان وسوريا وكل من تحاول الدول الاستكبارية الاستيلاء على ارادته الحية في الحرية والكرامة.

يستوقف احدى الصحافيات سؤال عن قرار الاتحاد الأوروبي بوضع الحرس على لائحة العقوبات وكيف سيكون الوضع، يؤكد "الصياد" ان لا فرق بين الجمهورية الإسلامية والحرس الثوري فهكذا قرار او عدمه لن يضرها بشيء، اذا انها لا ولم ولن تحتاج لهذه الدول، فكل قدراتها العسكرية موجودة وتقوم بالعمل لوحدها.. لربما هم بحاجة الى الجمهورية الاسلامية. بكل الاحوال فلننتظر ولنرى ما سيقوم به الأوروبيون الذين كان حري بهم ان يشكروا ايران  لطردها "داعش" من المنطقة والا كانت أوروبا تحت وطأة ارهابهم يعيثون فساداً في دولها، ولربما كانت نساؤهم اضحت هدية وسبايا لـ"الدواعش"،  للاسف ان البرلمان الأوروبي خضع لاهواء بعض السياسات.

واثق الخطوة والكلمة لم يكتف بل تحدث عن العلاقة مع السعودية وعن حوارات سياسية موجودة رغم كل الخلفيات السابقة الا ان الحوار قائم رغم وجود تيارات تستهويها الرياح الاميركية والبريطانية. 

اما الرسالة الأبرز والأهم فهي للكيان المؤقت والعدو الصهيوني، رغم كل المفاجأت الا ان العدو لن يجرؤ على استهداف الحرس بشكل مباشر لانه يعرف جيدا قدرات الحرس الثوري فهو يدرك أن ذلك كفيل بزواله من الوجود.

تشبه ايران قادتها وقاعدتهاالشعبية ذات السيادة من حيث الانتماء والقوة. تتماهى بملامح تحمل تعابير الجسارة والقدرة، ورغم دفء تلك الوجوه فاللين والحزم بالمواقف سمة اساسية لهؤلاء القادة العسكريين كسليماني الشهيد الذي عرف عنه الحزم والقوة والمواجهة الشرسة مع الاعداء فيما تراه بمشاهد الحنو والابوة، والعطاء والدمعة السخية التي نراها في كثير من أرشيفه الخاص.. ايران الثورة اثبتت جدارتها على كافة الصعد السياسية والعسكرية والحضارية والثقافية رغم كل العقوبات والتضييق والحصار ورغم كل الحروب الإعلامية.. انها باختصار دولة عظمى حمت شعبها بكل ما أوتيت من قوة.

ابو الفضل شكارجي

إقرأ المزيد في: خاص العهد