معركة أولي البأس

خاص العهد

الشتاء على لسان الكبار: الخير الماضي
14/01/2023

الشتاء على لسان الكبار: الخير الماضي

حسن شريم

"ع أيامنا كان الخير أكتر من هلأ وكان الشتا أوفر"، جملة تتردّد على مسامعنا كثيرًا من الأجداد، ولعلها صحيحة، فما من كبير بالعمر إلا ويقارن اليوم بالأمس ويقول "الخير قل والشتا خف".
وقياسًا مع العام الماضي نجد أنّ المطر قد تأخر هذا العام بنسبة كبيرة، فماذا يقول كبارنا؟

الحاج أبو جمال شريم (96 عامًا) من قرية حومين الفوقا الجنوبية، يستعيد في حديث لموقع العهد الإخباري أيام فصل الشتاء القديمة، فيقول: "كان المطر يهطل لمدة طويلة في الشتاء، وفي بعض الأعوام كان يستمر لمدة 40 يومًا متتالية، وكان الناس في القرية يلتزمون بيوتهم أغلب الأوقات ويعتمدون على "مونة البيت" لتناول الطعام من (الشوربة وكبة العدس، الصعتر، القاورما، الكشك، التين اليابس، الزوفا وشوِي البلوط عالحطب وغيرها...) وفي بعض الأوقات كانوا يتناولون الطعام بالملاعق لعدم تمكنهم من تحضير الخبز كون مياه الشتاء وطقسه يتسبّبان بترطيب التنور والحشيش اليابس فلا يشتعل، بالإضافة إلى الاعتماد على التبن والشعير لإطعام الماشية (الطرش)، وكانوا يجمعون مياه (مزاريب السطوح) لتفتيرها على "كانون الفحم" لكي تتمكن المواشي من شربها، خاصة أنّ أغلب الجنوبيين كانوا يقتاتون منها كونها مورد رزق وطعام.

ويضيف أبو جمال: "كانوا ينتظرون أيام الصحو لكي يتمكنوا من فلاحة الأرض واستصلاح الأراضي حيث تكون الأمطار قد جرفت التربة وتغيرت معالم "الجِلال"، وأيضًا كانوا يراقبون صفو السماء فوق البحر كإشارة لاقتراب فترة الصحو ليُخرجوا الماشية ويسترقوا لحظات ترعى فيها قبل أن يعاود المطر هطوله". ويتابع "كان الخير كتير والتلج لما ينزل كان بحدود المتر ويصير الجار يبرم عالجار ليساعدو بجرف التلج من قدام بيتو ليقدر يضهر، مش متل اليوم، كمية الشتا قلّت والناس جحدت بنعمة ربها".

ويُشير أبو جمال الى أنه عندما كانت الأمطار تتأخر في فصل الشتاء كانت القرى المجاورة تقصد بلدة جباع لنصلي صلاة الاستسقاء بإمامة فضيلة الشيخ المرحوم محمد علي نعمة من بلدة حبوش".

مربعانيات وخمسينيات الشتاء

ويلفت أبو جمال إلى أنّ "فصل الشتاء بأشهره الثلاثة يقسم إلى قسمين "المربعانيات" 40 يومًا، و"الخمسينيات" 50 يومًا، أي ما مجموعه 90 يومًا، فالـ"المربعانيات" تبدأ من 22 كانون الأول وتنتهي بـ 31 كانون الثاني، أما "الخمسينيات" فتبدأ من 31 كانون الثاني وتنتهي بـ 21 آذار عند بداية فصل الربيع. وهنا يردف الحاج: "هون بودعنا الشتا وبقلو شباط لآذار: يا ابن عمي يا آذار منك 3 ومني 4 والشتا من بعدنا متودعة. وإذا شتت كتير بآذار بكون موسم خير وإذا لأ بكون موسم قليل الحصاد".

ويتابع أبو جمال أنّ الخمسينيات تقسم إلى أربعة أقسام جميعها تحت مسمى سعد وهي ما تعرف بالـ"سعود" ومدة كل منها 12 يومًا ونصف وهي كالتالي:

- سعد ذبح: يبدأ في 31 كانون الثاني. وتمتاز هذه الفترة بالبرد الشديد. وكتعبير عن شدّة البرودة في هذه الفترة يقول الأجداد: "سعد ذبح كلبو ما نبح وفلاحو ما فلح وراعيه ما سرح".
- سعد بلع: يبدأ بـ 12 شباط. وسمي بهذا الإسم لأن الأرض تبتلع كل المتساقطات من الثلوج والأمطار فتمتلئ الآبار وتفيض الأنهار. وهنا يقول الأجداد: "بسعد بلع بتنزل النقطة وبتنبلع".
- سعد السعود: يبدأ بـ 25 شباط. وتمتاز تلك الفترة بأنّ الجو يكسر برودته ويميل إلى الدفء ويقول الأجداد: "بسعد سعود بدبّ الماويّة بالعود وبيدفى كل مبرود".
- سعد الخبايا: يبدأ من 9 آذار ويخرج كل "مخبّى من مخبئه حيث تخرج الورقة من العود وتزهر الأشجار وتسرح الحشرات والأفاعي ويبدأ ربيع الأرض".

أيام زمان وهمّ الشتاء

بدورها، الحاجة الثمانينية أم محمد شريم تقول لـ"العهد": "طبعًا خف الشتا (المطر) وهالإيام ما بتشبه قبل وما فيها العزارة يلي عشناها، في إيام كنا ننزل عالعين نعبي جرار ونسخن ماي للخدمة ولنغسل الغسيلات، لأن الخزانات بتلج فيها الماي".

تتنهّد الحاجة وتتابع: "كان الشتا إلو معنى وفي خير مش متل اليوم زمن "التلفون والانترنت"، كان في دفء عائلي".

وتتابع الحاجة "أم محمد": "كنا بس ينزل حدا ع سوق النبطية نوصيه ع غراض ونموّن البيت قبل الشتوية قد ما كانت تجي صعبة، وكنا نحط شموع لنضوّي ونتدفى عالفحم والحطب ونتغطى بالحرامات بالسهرة، وإيام نعتل هم يسخن شي ولد ما فينا نوصل عالمدينة لنحكمو، نغلي بهالزهورات ونشربو ليصح، كان في قساوة وعزارة بالبرد، كان يجي الشتا قاسي".

لمّة الشتاء

لا يختلف كلام الحاجة "جميلة" عن كلام الحاجة أم محمد، التي توافقها الرأي وتضيف: "كان دفء فصل الشتاء باللّمة العائلية حول الصوبيا وبالأحاديث المشتركة، والجار يضل عند جارو ويستفقدو بالصقعات، بس اليوم بزمن التلفون والواتس آب اختلف كل شي"، "أوقات كانت تتلج بنيسان وآذار وتضل البرودات للربيع، وع قولة المثل: "خبي فحماتك الكبار لآذار"، فعلًا كنا نعتل هم فصل الشتا بس اليوم انقلبت الأيام وتغير كل شي".

النبطيةالشتاء

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة