خاص العهد
تركيا توصد أبواب الجامعات بوجه الطلاب السوريين
محمد عيد
تنقلب حكومة أنقرة يوميًا على النازحين السوريين المهجرين إليها، فالاستثمار في الوجود السوري لأغراض سياسية بات حملًا ثقيلًا وجب على أنقرة التخفّف منه عبر إجراءات متتالية تطال السوريين في مختلف القطاعات ومن مختلف الشرائح.
وآخر هذه الإجراءات كان رفع أقساط التسجيل الجامعي للطلاب السوريين بعد إقرار معاملتهم كـ" أجانب" الأمر الذي يجعل من الجامعات التركية حلمًا بعيد المنال بالنسبة اليهم.
الطلاب يذمرون
لم يعد بإمكان الطالب إسماعيل أن يسجل في الجامعات الخاصة التركية فقرر أن يعيد فحص " يوس" (فحص الطلاب الأجانب في تركيا) عله يحصل على مقعد في إحدى الجامعات الحكومية التركية. ومع ذلك، يؤكد اسماعيل في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري أنه بقراره هذا يتأرجح بين "الرمد والعمى" فواقع الحال لم يعد يفرق كثيراً بين الجامعات الخاصة والحكومية التركية بسبب حملات التضييق على الطلاب السوريين.
أحمد المنحدر من منطقة القلمون في سوريا والمقيم في تركيا يروي لموقع "العهد" الإخباري قصته مع الدراسة هناك، فبعد أن تكلف مشقة دفع تكاليف باهظة في معهد خاص أثناء تحضيره لفحص " يوس" تبدد حلمه في دراسة الطب بعد أن اوصدت اثنا عشرة جامعة حكومية تركية أبوابها في وجهه ولم يبق أمامه إلا الجامعات الخاصة التي تصل تكلفتها إلى عشرة آلاف دولار سنويا.
ويضيف أحمد في حديثه لموقعنا إنه ومنذ العام ٢٠١٣ وحين طبق مجلس التعليم العالي التركي قرار تخفيض الأقساط لحاملي بطاقة الحماية المؤقتة من السوريين ارتفعت أعداد الطلاب السوريين في الجامعات التركية حتى وصلت إلى أكثر من ٣٧ ألف طالب في السنة لكن "القرار العنصري" الذي اتخذته الحكومة التركية والمتمثل في رفع قيمة الأقساط، سيجعل هذا العدد أقل من ذلك بكثير.
انتهت مدة الاستثمار السياسي
الباحث الدكتور أسامة العلي أكد أن الخطوة التركية من رفع أقساط التسجيل الجامعي للسوريين بعد إقرار معاملتهم كأجانب تأتي لتنقلب على كل الادعاءات السابقة التي ساقتها أنقرة بخصوص احتضانها للسوريين ومعاملتهم بالمثل.
وأشار العلي في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري إلى أن "حالة الاستثمار السياسي في الوجود القهري للمهجرين السوريين في تركيا ومنهم الطلاب قد أوشكت على نفاذ صلاحيتها بعد تيقّن أنقرة من صمود الدولة السورية وبقائها على ترابها الوطني وأن الأمور لن تعود إلى نصابها إلا عبر حل سياسي يمر عبر دمشق وبموافقتها على صون سيادتها التي انتهكتها أنقرة بشكل سافر خلال السنوات الماضية".
وشدد العلي على أن ارتفاع أقساط الطلاب السوريين في تركيا ومعاملتهم كأجانب ليست السبب الوحيد للحالة المزرية التي يعيشونها، بل يتعدى الأمر إلى غلاء المعيشة وارتفاع أجور النقل والأهم من كل ذلك هي حملات الكراهية الممنهجة التي تسود الشارع التركي وبتحريض من شرائح واسعة من السياسيين الأتراك الذين يزايدون على بعضهم البعض بخصوص المهجرين السوريين ويجعلون منهم مادة خصبة لضخ كل هذا القيح العنصري.
ولفت العلي إلى أن المعلومات التي بحوزته تشير إلى تقلص عدد الطلاب السوريين الملتحقين بالجامعات التركية بنسبة 40% مقارنة بالسنوات الماضية وأن هناك مساع "حقيقية وجادة وخبيثة" من قبل حكومة العدالة والتنمية من أجل دفع الطلاب السوريين في تركيا إلى التوجه نحو الجامعات التي بنتها أنقرة ضمن الأراضي السورية المحتلة في الشمال السوري الذي تسيطر عليه تركيا وتمارس عبره سياسة تتريك بغيضة وممنهجة، مشيراً إلى أن هذه الجامعات هزيلة ومسيسة والأهم من كل ذلك أنها غير معترف بها دولياً ووضعت لأهداف لا تمت إلى التعليم بصلة.