معركة أولي البأس

خاص العهد

وزير الاقتصاد لـ"العهد": أكثر من 50 صنفًا من الأساسيات معفًى من الدولار الجمركي
02/12/2022

وزير الاقتصاد لـ"العهد": أكثر من 50 صنفًا من الأساسيات معفًى من الدولار الجمركي

فاطمة سلامة

بالورقة والقلم تحسب العديد من العائلات اللبنانية سلّتها الغذائية. شهريًا يتم شطب بعض الأصناف من سلّة باتت تقتصر على الأساسيات الأساسيات. الرواتب لم تعد تحتمل بعدما فقدت 95 بالمئة من قدرتها الشرائية ما يضع الأمن الغذائي العام على المحكّ. واذا كان الأمن الغذائي يُقاس في علم الاقتصاد على أنّه قدرة الفرد على الحصول على كميات كافية من الغذاء فإنّ العديد من الأسر في لبنان لا ينطبق عليها هذا الأمن بعدما باتت فاتورة القوت اليومي خارج إمكاناتها.  

ولا يخفى أنّ الأسر التي تؤمّن قوتها اليوم تعيش على همّ قوت اليوم التالي. تمامًا كما تعيش العديد من الأسر حاليًا على همّ مجاراة الأسعار بعد دخول الدولار الجمركي أمس الخميس (1/12/2022) حيّز التنفيذ. ثمّة مخاوف من الارتفاع الذي سيلحق بالأسعار وما اذا كان سيطال السلع الأساسية. وأيضًا، ثمّة هواجس من استغلال وغبن قد يتعرّض له المواطن وسط فوضى التسعير الحاصلة وتحت شماعة الدولار الجمركي. وهي هواجس يغلّفها السؤال عن الدور الذي سيكون للوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة الاقتصاد للحدّ من أي احتكار أو غبن قد يلحق بالمواطن. 
 
الوقت اليوم لتأمين حاجات المواطن الأساسية 
 
وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن لا شيء سيعلو فوق الأمن الغذائي. ووسط اللغط الحاصل وعدم صدور لائحة موحّدة حتى الساعة ـــ من الوزارات المعنية ـــ بالسلع المعفاة، يُطمئن سلام المواطنين بأنّ اللوائح المعفاة من الدولار الجمركي ستصدر الأسبوع القادم وسيكون على متنها نحو 75 بالمئة من المواد الغذائية. وفق حسابات سلام، فإن ما يفوق الـ50 صنفًا من المواد الأساسية كالرز، السكر، الزيت، البقوليات وغيرها الكثير ـــ ممّا يدخل ضمن  حاجات المواطن اليومية الأساسية ــــ ستكون معفاة من الدولار الجمركي. 

يبدو سلام حريصًا كل الحرص على مسألة الأمن الغذائي. "سأترك كل أعمالي في وزارة الاقتصاد خلال الأشهر القادمة وأتفرّغ لمتابعة قضيّة الأمن الغذائي" يقول سلام الذي يشدّد على أن الوقت اليوم ليس للقيام بثورة صناعية والحفاظ على مصالح هذا المصنع وذاك المعمل، وذلك في إشارة الى اقتراح وزارة الصناعة زيادة رسم جمركي عشرة بالمئة على المواد التي لها بديل في الصناعة اللبنانية. وفق سلام، الوقت اليوم لتأمين حاجات المواطن الأساسية بأسعار مقبولة لا لرسم سياسات صناعية وغيرها. 
 
بدءًا من الأسبوع القادم سيكون هناك تحرك كبير جدًا للوزارة
 
كلام سلام عن أنّ لائحة طويلة عريضة من السلع الأساسية ستكون معفاة من الدولار الجمركي لا يعني عدم وقوع المواطن في شرك الغبن والاحتيال من تجار كثر سيرفعون الدولار الجمركي كشمّاعة لزيادة الأسعار. وهنا يؤكّد سلام أنّ وزارة الاقتصاد ستعمل بكل أوتيت من قوّة وسينتشر مراقبوها في الأسواق، وبدءًا من الأسبوع القادم سيكون هناك تحرك كبير جدًا للوزارة ومديرية حماية المستهلك التي وإن كانت تشكو من قلّة العديد لكنها بالتآزر مع القوى الأمنية والبلديات ستثبت حضورها وبقوة في الأسواق قبيل موسم الأعياد لتفعيل الرقابة منعًا للغبن وتسهيلًا لأن يحصل المواطن على حاجاته دون الشعور بأي فروقات كبيرة في الأسعار. 

وقّع المستوردون تعهدات ببيع السلع القديمة على الرسم الجمركي القديم 

ويلفت سلام الى أنّ وزارة الاقتصاد قامت بدور استباقي لمنع التجار والمستوردين من استغلال قضية الدولار الجمركي للكسب وجني الأرباح. وهي في هذا الصدد، تتعاون مع الأجهزة الأمنية المختلفة والقضاء المختص وتقوم منذ أسبوعين بجولات على المستودعات حيث طلبنا من المستوردين إيداعنا لوائح بكل ما استوردوه قبل سريان قرار الدولار الجمركي لأخذ العلم بالكميات، كما وقعوا تعهدات ببيع كل شيء "على القديم" أي وفقًا لرسم دولار "جمركي" 1500 ليرة وهذا يُخضعهم للملاحقة القانونية لاحقًا. وبحسب سلام، قامت الوزارة وعلى مدى شهر تقريبًا بدور كبير جدًا ضمن الإمكانيات المحدودة حيث جرى تسيير دوريات وتسطير محاضر ضبط من الجنوب للشمال وإقفال محلات مخالفة. 

وفي جانب من كلامه، يتحدّث سلام عن السياسات الخاطئة التي تهدّد الأمن الغذائي. لسلام مقاربة مختلفة عن المقاربات التي حاول البعض إرساءها خلال مناقشة الموازنة. برأي الوزير، وهو رئيس اللجنة الوزارية للأمن الغذائي، لا بد من معالجة مسألة الدولار أولًا ووضعه في سياقه الطبيعي. وفق حساباته، فإنّ الإطار الذي وُضع فيه الدولار كان خارج السياق الطبيعي للضرورة. كان حريًّا العمل على حل قضية الدولار بشكل عام أولًا لكن سلام يلفت في السياق نفسه الى أنّ وضع الدولة وضعف إيراداتها "أجبرانا" كمجلس وزراء على اتخاذ هكذا قرار. وبما أننا مجبرون لا "أبطالا" كان لا بد ــ برأي سلام ــ من أن تتم دراسة السلع بشكل دقيق كي لا ينعكس قرار الدولار الجمركي على إمكانيات المواطن وقدرته الشرائية بعدما فقدت 95 بالمئة من قيمتها.

لإعفاء كل المواد الغذائية دون استثناء من الدولار الجمركي ما عدا الأمور "الفاخرة جدًا جدًا"

وفق سلام، لا يجوز أن نضع ضرائب بشكل غير مدروس لنعزّز خزينة الدولة. وهنا يلفت الى أنّ سبب التأخر بإصدار لوائح بالسلع حتى الساعة هو معارضة وزارة الاقتصاد لأي عشوائية يتم من خلالها وضع لوائح غير مدروسة خاصة في المواد الغذائية. وهنا يشير سلام الى اقتراحه بضرورة إعفاء كل المواد الغذائية دون استثناء من الدولار الجمركي ما عدا الأمور "الفاخرة جدًا جدًا" والتي تدخل في الكماليات ولا تشكّل أساسيات النظام الغذائي وهي عددها قليل. 

لكن سلام لا يخفي أن بعض الوزراء المعنيين بدراسة الملف اقترحوا وضع رسم جمركي على بعض المواد الغذائية المستوردة وغيرها، لذلك عندما بدأت تصدر لوائح عن الوزارات المعنية عارضتُ ـــ يقول سلام ــــ "لأنني مع توجه أن تكون معظم المواد الغذائية معفاة وفي الأصل فإنّ 75 بالمئة منها معفاة". وفق سلام حاول البعض وضع مواد في خانة من يسري عليها الدولار الجمركي، لكنها بنظرنا كوزارة اقتصاد في خانة الأساسيات كالخضار المفرّزة بأكياس أو المعلبة أو حتى معلبات "الفطر" وغيرها فرفضنا، لأن بعض الأمور تعطي "البروتين" وهذا ضروري خاصة للمواطن غير القادر على شراء اللحوم والدجاج. 

كما يلفت سلام الى اقتراح وزارة الصناعة بزيادة 10 بالمئة على المواد التي لها بديل في الصناعة اللبنانية تضاف الى الـ 15 بالمئة، لكنني عارضت الفكرة من منطلق أننا لسنا الآن بوارد القيام بثورة صناعية. الوضع الاقتصادي منهار والقدرة الشرائية في "الأرض" ما يحتّم علينا اللجوء الى السلع المستوردة وشرائها حتى وإن كان لها بديل محلي اذا كانت الأسعار أرخص. الهم الأساسي هو تأمين الأمن الغذائي لخمسة ملايين لبناني. وفق سلام، المواد الغذائية خط أحمر واذا أراد المعنيون أن يرفعوا الدولار الجمركي على أمور ثانية وبنفس استنسابي لمصلحة الخزينة فليكن لكن لعدم الاقتراب من المواد الغذائية الأساسية، فلا يجوز تحميل المواطن أكثر ممّا يحتمل اليوم لأن أي إضافة على أي سلعة ستحتسب في نهاية المطاف من جيب المستهلك، يختم سلام.
 

أمين سلامالدولار الجمركي

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة