ابناؤك الاشداء

خاص العهد

مطامر نحلة تعيد كسارات شننعير إلى الواجهة: من المستفيد؟
11/11/2022

مطامر نحلة تعيد كسارات شننعير إلى الواجهة: من المستفيد؟

زكريا حجازي

مشروع إنشاء مطامر لـ"تخزين اللقى الملوّثة إشعاعيًا" في جرود بلدة نحلة البقاعية التي تعدّ خزانًا جوفيًّا للمنطقة ومحيطها، أعاد أذهان اللبنانيين إلى المطامر التي أقامها حزب القوات اللبنانية في المناطق التي كان يسيطر عليها في الثمانينيات.

طرح مشروع مطامر نحلة يأتي في وقت لا تزال المناطق اللبنانية تعاني من آثار وتلوّث النفايات النووية والمواد السامة التي دفنتها القوات اللبنانية في مناطق سيطرتها آنذاك وقُدّرت بآلاف بل عشرات الآلاف من البراميل، ومئات الأطنان من هذه النفايات.

مناطق كسارات شننعير، الرميل وأدما وجبيل ويسوع الملك، جعيتا، ونهر الكلب، وكفر ذبيان، حوّلتها القوات اللبنانية إلى مستودعات غير نظامية للنفايات النووية والمواد السامة، فضلًا عن البحر ومحرقة نفايات برج حمود.

قصة هذه النفايات بدأت عبر صفقة أولية تم إبرامها بين القوات اللبنانية بشخص رئيسها سمير جعجع، ومجموعة سورية معادية للنظام في دمشق ولبنان، ممثلة بكل من: عبد الحليم خدام وشقيقه وغازي كنعان ونجله، وأتبعت بصفقات متتالية حصل بموجبها الجانبان على مئات الملايين من الدولارات.

فضيحة جعجع ــ خدام انكشفت في العام 1987، مع وصول باخرة نفايات نووية مستوردة من إيطاليا إلى بيروت، والتي رفضتها فنزويلا، وتلقفها "الحكيم" وشريكاه خدام وكنعان، وتم نقل كمية منها إلى منطقة الجزيرة السورية التي يعيش فيها الأكراد. وكان نصيب لبنان منها 15800 برميل و20 مستوعبًا.

لم يرفّ لـ"الحكيم" جفنٌ حيال كل المناشدات التي أطلقها اللبنانيون ولا سيما أبناء المناطق المعنية التي تلوثت بالمواد المشعة والسامة، فضلًا عن التقارير التي نشرت آنذاك حول خطورة هذه المواد وتأثيراتها السلبية على حياة اللبنانيين والبيئة والمياه الجوفية، فاستمرت هذه الصفقات على مدى عقد كامل من الزمن (1985 - 1995).

بالطبع عمليات طمر هذه النفايات لم تلحظ أيّة قواعد أو معايير علمية، فكان الكثير منها يعود للظهور بين الحين والآخر، نتيجة العوامل الطبيعية، فضلًا عن ظهور براميل مليئة بالمخلفات النووية والكيميائية على الشواطئ، والأخطر ظهور براميل بلاستيكية بيعت فارغة في السوق المحلية واستخدمت كأوعية للمخللات، على الرغم من وجود صورة الجمجمة والعظمتين عليها للإشارة إلى خطورتها. 

هكذا توالت صفقات الموت والقتل البطيء بين المجموعة السورية الفاسدة والقوات اللبنانية. عشرات الآلاف من البراميل ومئات الأطنان من النفايات النووية والمخلفات المشعة، تمّ التخلص منها إما بالطمر أو الحرق أو التلف، أو رميها وحتى إفراغ محتوياتها في البحر، وطالت أضرارها المباشرة عددًا من المواطنين وأدت إلى نفوق أعداد كبيرة من المواشي والأسماك.

أبرز ضحايا النفايات النووية كان الخبير اللبناني في المواد الكيمائية بيار ماليشاف الذي توفي متأثرًا بالإشعاعات التي تلقاها خلال معايناته لمواقع النفايات النووية ومطامرها.

حينها، كان ماليشاف قد أعد تقريرًا ميدانيًا من موقع كسارات شننعير، حيث أدت براميل النفايات السامة المطمورة هناك إلى نفوق عدد كبير من الأغنام والماعز متأثرة بالمواد المشعة بعد تسربها من البراميل.

أخطر ما كشفه تقرير ماليشاف هو أن الانفجار والحريق الذي وقع في مستودع بمبنى سكني في فرن الشباك ناجم عن مواد مشعّة كانت مخزونة في المستودع، في العام 1987، وأدى إلى مقتل 18 شخصًا وإصابة أكثر من 40 آخرين بحالات إعاقة دائمة. 

تجربة النفايات والمخلفات النووية التي استقدمتها القوات اللبنانية ومجموعة عبد الحليم خدام إلى لبنان، تستوجب التشدد أكثر في رفض المطامر في أيّة منطقة لبنانية حتى ولو كانت مشروعًا بمرسوم رسمي.

إقرأ المزيد في: خاص العهد