خاص العهد
فاتورة الكهرباء.. زيادة تعرفة بلا تغذية!
فاطمة سلامة
لو قُدّر لهبة الفيول الإيرانية أن تسلك طريقها نحو لبنان لاختلف واقع الكهرباء رأسًا على عقب. الوفد اللبناني الذي زار إيران مؤخرًا للاطلاع عن كثب على تفاصيل الهبة رأى ما يُدهش، حرفيًا هذا ما قالته مصادر الوفد التي أكّدت أن الزيارة كانت ناجحة جدًا. الإيرانيون أبدوا حينها استعدادهم لإضاءة كل لبنان، لكنّ "الفيتو" الأميركي أصاب المبادرة في مهدها. البطاقة الحمراء التي رفعتها واشنطن في وجه لبنان يدفع ثمنها اللبنانيون. فاتورتان للكهرباء بالملايين شهريًا، واحدة للدولة وأخرى للمولّد. أما ساعات التغذية الكهربائية الرسمية، فبالكاد تبلغ الساعتين يوميًا، ما يعني أنّ الفئات التي لا تملك قوت يومها تعيش تحت رحمة هاتين الساعتين اللتين قد تتعذران تحت وقع الظروف الطارئة.
ماذا يعني ذلك؟ يعني بكل بساطة أنّ واشنطن ــ الدولة التي تدّعي العدالة وتقود حملة شعواء كاذبة لنصرة الشعب اللبناني ــ تحرم اللبنانيين من الكهرباء. الوصول الى هذه الحقيقة لا يحتاج فطنة أو ذكاء أو تحليلًا. هذه الحقيقة برزت منذ اللحظة الأولى لإعلان الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عن إبحار سفينة محروقات إيرانية متّجهة الى لبنان. حينها، طار "عقل" السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي هاتفت رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون لإبلاغه وعدًا كاذبًا وبيع لبنان سمكًا في البحر.
وبعدها، جنّ جنون شيّا حين أعلن السيد نصر الله عن هبة الفيول الإيرانية. حركة السفيرة الأميركية لم تهدأ، تحريض وعرقلة. ممنوع على لبنان الاستفادة من هذه الهبة. ممنوع إضاءة لبنان بفيول إيراني. وفي المقابل، لا بديل أميركيًّا في جعبة شيا. يُحرم المواطن اللبناني من الكهرباء بحجة الفيول الإيراني، ويُحرم من تأمين البدائل لتغرق عائلات كثيرة في عتمتها مع ما يحمله هذا الأمر من عجز عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة. واشنطن بذلك تواصل حربها الاقتصادية على لبنان، وتخوض حرب انتقام بالوكالة عن "إسرائيل" خصوصًا بعد توقيع وثيقة الحدود البحرية التي اضطرت بموجبها "إسرائيل" وعلى وقع الرعب من "ورقة المقاومة" الى الاعتراف بحقوق لبنان الثابتة.
ولعلّ أكثر ما يستدعي الأسف من "الفيتو" الأميركي هي تلك الأرض الخصبة التي أوجدها مسؤولون لبنانيون للتحكم الأميركي بخيارات لبنان، وهو ما زاد "الفرعنة" الأميركية طالما لم تجد من يردها ويوقفها عند حدها. لم يفكّر هؤلاء المسؤولون عن الشعب بمصلحة المواطن أولًا. لا حرج بالنسبة اليهم أن يغرق في لعنة الظلام، المهم الوقوف عند خاطر الأميركي كي لا يغضب. والمؤسف أنّ هؤلاء المسؤولين الذين يتواطؤون ــ سواء عن قصد أو من دون قصد ــ في جريمة حرمان الشعب اللبناني من الكهرباء، لا يتوانون عن تكبيد المواطن مزيدًا من الأعباء. رفع التعرفة في الفاتورة الكهربائية يدخل في هذا السياق. طبعًا، ليس من الخطأ رفع التعرفة اذا كانت ستنعكس زيادة في التغذية الكهربائية. لكنّ رفع التعرفة دون وضوح الرؤية في ما يخص زيادة عدد ساعات التغذية يعني تضخيم فاتورتي المواطن الشهريتين دون فائدة للمواطن.
مصادر مطّلعة تؤكّد لموقع "العهد" الإخباري أنّ احتمالية بقاء ساعات التغذية على حالها ــ رغم رفع التعرفة ــ كبيرة، خاصةً أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وضعا شروطًا تعجيزية لوزير الطاقة وليد فياض كي يتم تمويل سلفة الخزينة. من ضمن الشروط الالتزام بالجباية وتخفيف الهدر، وإصدار قانون بالسلفة في مجلس النواب. وهنا تشدّد المصادر على أنّ المواطن سيدفع ثمن الزيادة المطردة بفاتورة الكهرباء، كما سيدفع ثمن فواتير مخيمات النازحين السوريين والمخيمات الفلسطينية، وسيسُد فراغ كل من يأخذ الكهرباء بطريقة غير شرعية. أكثر من ذلك، فمؤسسات الدولة قد لا تدفع فواتيرها أيضًا ما يعني سد المواطن مزيدًا من العجز عن الدولة، وكل ذلك كرمى لعيون الأميركي، تختم المصادر.