خاص العهد
حلم النفط.. خلاص لبنان المهمل
خاص العهد
يأمل اللبنانيون في ظل الحديث الدائم عن مخاوف من الانهيارات المالية والنقدية أن ينعموا بالاستقرار. بات هذا الحلم أقرب إلى الواقع بعيد اكتشاف النفط في عمق الشواطئ اللبنانية. تأخرت الحكومة اللبنانية لخوض الدورة الأولى من التراخيص نظراً للمناكفات السياسية، إلا أن لبنان قد اجتازها ويحضّر الآن لدورة التراخيص الثانية. أعلنت هيئة إدارة قطاع البترول اللبنانية نتيجة دورة التراخيص الأولى في 12 تشرين أول 2017 للبلوكين 4 و9. كانت نتيجة الدورة الأولى إعطاء تراخيص لشركة توتال ونوفاتيك وآني للاستكشاف والإنتاج. في أيار من العام المنصرم أعلن مجلس الوزراء موافقته على البدء بدورة التراخيص الثانية للبلوكات1 و5 و8 10 في بداية العام الحالي. من المفترض أن تكون الهيئة قد اجتازت المرحلة الأولى والتي تعنى بدراسة الشركات المؤهلة للدخول إلى المناقصة وبدأت بالمرحلة الثانية، مرحلة المناقصة، على أن تقوم بتقييم العروض وإعلان الشركات الفائزة بالتراخيص في الربع الأخير من العام الحالي.
عمليا، تستوجب عملية الاستكشاف نحو خمس سنوات، تليها بضع سنوات لإعداد البنى التحتية قبل توليد الإيرادات من هذا القطاع المربح. وبتصريح لوزير الطاقة والمياه السابق سيزار أبي خليل خلال فترة توليه الوزارة كان قد أعلن أن أول بئر ستحفر في بداية العام 2019، إلا أن أيا من الجهات لم تعلن البدء بمرحلة الحفر. رغم غياب إقرار موازنة إلا أن العجز في الميزانية بات واقعا معروفا مقدرا بنسبة 10% من الناتج المحلي. لا يمكن نفي ضرورة إقرار الموازنة خاصة بعد تصريح وزير المال علي حسن خليل بحصر الإنفاق بالرواتب والأجور لحين إقرار الموازنة. ولكن، أيا من التغييرات الجذرية لم يحصل على الإيرادات او الانفاق. وبالتالي سيبقي العجز المقدّر على حاله. وفي ظلّ الدعوات الراجية إلى سيدر وصب اهتمامات الحكومة على الدين العام الجديد لا يمكن تجاهل إهمال الملف النفطي. إن الحلّ الأقرب لسدّ عجز الموازنة يكمن في ارتفاع إيرادات الدولة من خلال إيرادات النفط والغاز والتي تقدّر بمتوسط احتياط سنوي من الغاز بقيمة 8.2 مليار دولار وبمتوسط احتياط سنوي من النفط بقيمة 4.5 مليار دولار. هذه الأرقام ستعزز الإيرادات العامة للحكومة وتحافظ على متوسط نسبة العجز المالي إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى منخفض يبلغ 4 إلى 5 بالمائة سنويا. علاوة على ذلك، يرتقب لبنان قدرة الحكومة على تقليص نسبة الدين العام من الناتج المحلي من 150% إلى ما دون 100%.
قانونيا، يحتاج القطاع النفطي عشرات التشريعات لقنونة الأعمال النفطية وتجارتها. كذلك الأمر لا بد من العمل على تهيئة أرضية لسوق عمل مجهز للعمل في هذا القطاع. بالإضافة الى ذلك، يجب أن تكون الاستثمارات من العوائد المتوقعة من هذا القطاع مدروسة لتنمية الاقتصاد ككل كمحاولة لتنويع القطاعات المنتجة لخفض مخاطر سوق النفط العالمي على البلد. إن التأخر في إنتاج النفط لا يصب بمصلحة اللبنانيين. فالسوق العالمي يتجه نحو الطاقة المتجددة، لا يعني ذلك اندثار النفط كليا ولكن قد ينتج عن ذلك انخفاض الطلب عليه مرفقاً بانخفاض أسعار عالمية وهذا ما يجعل كلفة الفرصة مرتفعة جدا. فرصة انتشال لبنان من العجز ومخاطر الانهيار تكمن باستغلال الثروة النفطية. التجربة العربية نجحت بتغيير مؤشرات اقتصاداتها ولكنها فشلت في تغيير بنيته. فعند أي انخفاض لأسعار النفط تواجه البلاد النفطية العربية انخفاضاً بالإيرادات لا تستطيع تعويضه. من هنا، يجب أن لا يكون لبنان عرضة لهدر هذه الثروة أو تضييعها في أزقة ملفات الفساد اللبنانية.