معركة أولي البأس

خاص العهد

مستشفى الشهيد صلاح غندور: الخدمات الطبية تقدم لـ 19000 مريض شهريا
29/10/2022

مستشفى الشهيد صلاح غندور: الخدمات الطبية تقدم لـ 19000 مريض شهريا

داني الأمين

في منطقة "صفّ الهوى"، مدخل مدينة بنت جبيل، تبدو الحياة زاهرة بالعطاء، خلف صورة كبيرة للاستشهادي صلاح غندور (ملاك). زحمة سير لافتة أمام مبنى يعجّ بالزوار، يقصده المئات يوميًا للحصول على الخدمات الصحية والاستشفائية. هناك تعود الذاكرة الى العام 1995، عندما شاهد الجميع مشهد عملية الشهيد صلاح (ملاك) وهو يقدم نفسه فداء لخدمة الوطن والمواطنين ولما نشهده اليوم من أعمال خدماتية تقوم بها الهيئة الصحية الاسلامية، ما كانت لتحصل لولا دماء الشهداء.

يومها بدا المكان قاحلًا إلاّ من بعض الأبنية المهجورة، وموقع الـ "17" الاسرائيلي، ومبنى المستشفى، الذي كان أشبه بمستوصف صغير، كانت وزارة الصحة اللبنانية قد شيدته في العام 1978. داخل المستشفى "خلية نحل" تعمل بشكل منظم، لخدمة المئات من المحتاجين يوميًا للعناية الصحية. قد يصعب على مدير المستشفى الدكتور محمد سلمان تخصيص وقت للحديث مع الزوار، لأن كثافة الزائرين تتطلّب متابعة دقيقة وفورية.

يوم التحرير تاريخ انطلاقة المستشفى

الدكتور سلمان كان في يوم التحرير واحدًا من وفد الهيئة الصحية الاسلامية، الذي قصد مبنى المستشفى "ضمن خطة اتخذتها المقاومة للحفاظ على معدات المستشفى، والبدء الفوري بتقديم الخدمات الصحية للمواطنين". كان لافتًا حينها أن المستشفى بدأ يستقبل المرضى ويقدم ما يمكن تقديمه من خدمات صحية، لكن هذه المرة بادارة واشراف الهيئة الصحية الاسلامية.

يذكر الحاج سليم بزي، أحد الحاضرين والمتابعين لعملية التنمية في بنت جبيل، التي قادتها المقاومة قبيل التحرير أن "المقاومة اتخذت يوم التحرير قرارًا بحماية مبنى المستشفى، وحراسته، وتشغيله بشكل فوري، وكان الشهيد خالد بزي من بين المتابعين ميدانيًا لما يجري، قائلًا إن التحرير سيترجم نعمة على المقيمين وليس نقمة".

مستشفى الشهيد صلاح غندور: الخدمات الطبية تقدم لـ 19000 مريض شهريا

يشير د. سلمان الى أن المبنى كان وقتها مجهزًا للحالات الطارئة، بداخله عدد قليل جدًا من الأسرّة، علمًا أن قرى الشريط الحدودي كانت خالية من المستشفيات، باستثناء مستشفى مرجعيون الحكومي. منذ اليوم الأول تم تشكيل مجموعات تطوعية، من بينها حوالي 100 طبيب وطبيبة قادمين من مختلف المناطق ومن خارج لبنان، كما تم مسح امكانيات المستشفى وتحديد الخيارات المتاحة، وتسمية المستشفى باسم الشهيد صلاح غندور.

انقاذ حياة 200 مريض سنويًا

لم يمر وقت طويلًا حتى تمت اعادة تأهيل مبنى المستشفى، واستحداث غرف جديدة، اضافة الى كافتيريا ومطبخ، مع تزويد المستشفى بمعدات وتجهيزات جعلته قادرًا على استقبال ما يزيد على 200 مريض يوميًا. في حرب تموز 2006 استهدف المستشفى من طائرات العدو، لكن سرعان ما أعيد ترميمه. علمًا أن المستشفى استمر طيلة فترة الحرب بعمله.

وهنا يشير الدكتور محمد سلمان الى أنه "بافتتاح قسم التمييل في العام 2009، استطاع المستشفى انقاذ حياة ما يزيد على 200 مريض سنويًا، لأن الحالات الطارئة لمرضى القلب والشرايين كانت تنقل الى مستشفيات صور أو النبطية، وهي بعيدة نسبيًا عن المنطقة، وكان ذلك يمنع من انقاذ حياة الكثيرين". بعيد التحرير كان المستشفى مجهزا بـ 28 سريرًا، ثم أصبح مجهزا بـ 48 سريرًا.

يستقبل المستشفى شهريًا 19000 مريض والحسومات في خدمة الجميع

بعد العام 2019 بدأ المستشفى يشهد تطورًا لافتًا، فقد عمدت الادارة الى الانفتاح على الجمعيات والهيئات الخيرية والانسانية، واستطاع استقطاب أطباء متخصصين في كافة المجالات، وتم افتتاح قسم خاص لمواجهة وباء "كورونا"، فاستقبل ما يزيد على 187 حالة مصابة بالمرض، وفحص ما يزيد على 50 شخصا يوميًا.

كما تم ترميم المبنى والمختبر والعيادات واستحداث غرف نموذجية. ويلفت د. سلمان الى أن "ادارة المستشفى مع لجنة مختارة، استطاعت جمع التبرعات من أبناء المنطقة، لشراء معدات متطورة، ولما كانت توجيهات الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله تقضي بجعل الهدف من المستشفى هو خدمة الأهالي وليس تحقيق الربح المادي، الا بما يحافظ على استمرارية عمل المستشفى وتطوره، فقد حرص المستشفى على عدم رفع أسعاره خلال الأزمة، ولمدة عام ونصف، وبعد ارتفاع أسعار المازوت والأدوات الطبية بشكل فاحش، تم رفع الأسعار بشكل معتدل جداً، وهذا ساهم في زيادة أعداد زائري المستشفى، لتزداد نسبة اشغال الأسرّة وتصل الى 76%، حتى بات المستشفى يستقبل شهرياً ما يقارب 19000 مريض ومن كل المناطق وصولا الى بيروت، بسبب بدلات الاستشفاء المخفّضة".

مستشفى الشهيد صلاح غندور: الخدمات الطبية تقدم لـ 19000 مريض شهريا

وهنا يبين د. سلمان أن "من أهم أسباب اعتماد الأسعار المخفّضة، هو أن المستشفى استطاع الحصول على أجهزة طبية ايرانية الصنع تستخدم في العمليات الجراحية، وهي ذات جودة عالية، وأسعارها منخفضة جدًا نسبة الى أسعار الأجهزة الطبية المتداولة، كما أن المستشفى يقدم الحسومات وفق معايير مدروسة وحسب الأوضاع الاقتصادية لكل مريض، مستفيدا من صندوق لدعم المرضى الذي يتم تمويله من الخيرين بشكل شهري". يذكر أن المستشفى يقدم حسوماته أيضًا مستفيدا من صناديق البلديات والعمل الاجتماعي في حزب الله، اضافة الى أنه يؤمن الاستفادة من الحسومات لحملة بطاقات معتمدة مثل بطاقة سجاد وغيرها. وبات المستشفى اليوم جاهزا لاجراء كل العمليات الجراحية، باستثناء عمليات القلب المفتوح، وهو بذلك يجري عمليات في جراحة الشرايين والأعصاب".

مبنى جديد سيشمل أقساما مختلفة ومتطورة بدعم الخيّرين

ونظرًا لزيادة أعداد مرضى المستشفى، بدأت ادارة المستشفى في بناء مبنى جديد من أربعة طوابق، كل طابق بسعة ألف متر مربع، بعد أن عمدت الى شراء ثلاثة دونمات من الأراضي المحيطة بالمستشفى، وبمساعدة رجال الخير. ثلاثة شركاء جمعهم همّ تأمين الخدمة الصحية اللاّئقة هم اتحاد بلديات بنت جبيل، بلدية بنت جبيل، وادارة المستشفى، فاجتمعت الهمم بالاتكال على الله لتوسعة المستشفى عبر بناء جديد ملاصق للمبنى الحالي يراعي كل المواصفات المطلوبة في بناء المستشفيات، وسيصبح البناء جاهزًا بعد عام ونصف، اذا تواصلت عمليات الدعم من الخيرين، وعندها سيصبح المبنى الجديد مؤلفًا من عدة أقسام تشمل غرف العمليات والتعقيم والولادة، مع قسم خاص بـ"المناظير"، وغرف تتسع لـ 67 سريرًا، ليزيد عدد الأسرّة في المستشفى على 100 سرير.

وبحسب د. سلمان فإنه "سيتم افتتاح قسم للعناية الفائقة بمواصفات عالمية، وقسم للعناية بالأطفال مجهز بأحدث الآلات المطلوبة، اضافة الى أقسام استشفائية متعددة". ما تسعى اليه ادارة المستشفى اليوم، بالتعاون مع لجنة التبرعات، هو استكمال البناء الجديد، بوتيرة سريعة، لذلك تأمل من رجال الخير في المنطقة وغيرها، دعم المستشفى بما يجعله قادرا على تحقيق هذا الانجاز، الذي سيقدم الخدمات العلاجية الضرورية لأبناء المنطقة والمناطق الأخرى. ومن الجدير ذكره أن الكتيبة البولندية العاملة ضمن قوات اليونيفل في جنوب لبنان، تبرعت مؤخراً، بتجهيز مبنى المستشفى بالطاقة الشمسية اضافة الى تبرعها بمستلزمات طبية ضرورية.

الصحة

إقرأ المزيد في: خاص العهد