خاص العهد
عملاء الصهاينة في لبنان.. مرور الزمن لن يُسقط جرائمهم
يوسف جابر
هل يستوي من اشترى وطنه بالدماء والجراح وعذابات الأسر ومن باع أرضه وأهله واشترى تبعية المحتل الغاصب؟ في كل الشرائع والقوانين يُعدُّ ذلك خيانةً عُظمى، فلا جرم أعظم من خيانة الأوطان، إلا في لبنان، بمجرد أن يغيب العميل لمدة زمنيةٍ يسقط الحُكم عنه، ويعود عبر مطار بيروت مواطنًا يتمتّع بكامل حقوقه المدنية!
"هيئة ممثلي الأسرى والمحررين" التي لم تألُ جهدًا في ملاحقة وكشف العملاء الذي يعودون إلى لبنان قانونيًا وأمام الرأي العام، كانت قد تقدّمت منذ يومين بإخبار لدى النيابة العامة العسكرية ضدّ 12 عميلًا للعدو الصهيوني، وطالبت بـ"البدء بإجراءات الملاحقة وتحريك دعوى الحق العام وإجراء التحقيقات اللازمة مع هؤلاء العملاء وتوقيفهم وإحالتهم موقوفين على المحكمة، تمهيدًا لمحاكمتهم وإدانتهم بجرائم تصل عقوباتها حتى الإعدام".
لتعديل القوانين وإسقاط حجة "مرور الزمن" على العمالة
وكيل الهيئة المحامي غسان المولى تحدّث لموقع "العهد الإخباري" عن الخطوة والعملاء المقصودين في الإخبار، فقال إنَّ هؤلاء حرّاس وجلّادون ومحققون خدموا في معتقل الخيام، بعضهم من كبار الضباط في جيش العميل انطوان لحد، ممّن فروا الى داخل الكيان الإسرائيلي، وما زالوا يقيمون هناك ويحملون الجنسية الإسرائيلية، ويقومون بخدمة جيش العدو الصهيوني ويتقاضون رواتب ومخصصات مالية.
وأكَّد المولى أنَّ العملاء لم يطبّقوا القانون 194 الصادر عن مجلس النواب في العام 2011 والذي يشترط عليهم تسليم أنفسهم للدولة اللبنانية، وشرح أنَّ العملاء يعملون على استغلال حجة مرور الزمن في تطبيق المواد 275 و 278 و 285 و 286 و 297 من قانون العقوبات وغيرها من القوانين العسكرية، إضافة إلى لجوئهم لجنسيات أجنبية من أجل دخول لبنان عبر جوازات سفر تلك البلدان.
وشدَّد المولى خلال حديثه لـ "العهد" على أنَّ بعض الأسرى الذين يُقدّمون هذه الإخبارات بحق العملاء لديهم عاهات دائمة في أجسادهم لا يُعالجها مرور الزمن، مما يوجب تطبيق القوانين التي تتحدث عن الأضرار المستمرة بالإضافة إلى تكرار الجرم، فبعض العملاء لا زالوا يخدمون ويتقاضون رواتب من مؤسسات العدو.
وطالب بتعديل القوانين التي تتعلق بمرور الزمن من خلال مشروع قانون واضح وصريح بالنسبة لجرائم العمالة والتطبيع مع العدو، وتطبيق القانون 194/2011 الذي يشترط على العملاء تسليم أنفسهم للدولة اللبنانية فور عودتهم إلى الأراضي اللبنانية للخضوع للمحاكمة العادلة.
كما لفت المولى إلى أنَّ هناك قانونًا يتعلق بمخالفة قانون مقاطعة "اسرائيل" كما حدث مع المدعوة ماريا المعلوف وصدر حينها قرار ظني وهو نوعي بموضوع خرق قانون مقاطعة العدو الإسرائيلي والاتصال به.
القضاء مقصّر
من جهته، عضو "هيئة ممثلي الأسرى والمحررين" الأسير المحرّر أحمد طالب قال إنَّ العملاء دخلوا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مع الاندحار الاسرائيلي من لبنان عام 2000 وقضوا مدةّ مجهولة في الكيان الصهيوني، من بعدها ذهبوا إلى الخارج، ويستغلون ثغرة موجودة في قوانين الدولة اللبنانية وهي مرور الزمن العشري".
وأوضح طالب أنّ هناك انقسامًا في مجلس النواب حول هذا الموضوع وأي قانون بهذا الخصوص لا يمرّ، سائلًا: "رغم المهازل التي حصلت، لماذا الاستمرار في التهاون؟ ولماذا لا يلغى هذا القانون العشري؟".
وأضاف: "العملاء ينتظرون 10 أو 20 عامًا ليضمنوا عدم ملاحقتهم في لبنان من قبل القضاء، واللافت أنهم قبل عودتهم أو خلال وجودهم يعملون على تقديم المساعدات في هذه الظروف".
وأكَّد طالب خلال حديثه لـ"العهد" أنَّ العمالة تكفي لإدانة أي شخص، ويمكن إيجاد قوانين عدّة لمحاكمتهم بما يستحقون، فالعمالة لا يعفيها مرور الزمن، لأنَّ هذا التساهل يفتح الباب لجيش من العملاء.
واعتبر أنَّ "هناك ما يُحضَّر في البلد خصوصًا مع موجة التطبيع في المنطقة والترويج الذي يحصل للفكرة من قبل بعض الساسة اللبنانيين، كما أنَّه يتطور على الصعيد الاعلامي، وعودة العملاء بهذا العدد أمر غير بريء ويطرح علامات استفهام".
طالب اتهم القضاء بالتقصير، وقال: "القضاء لم يعذب نفسه بفتح القانون لتجريم العملاء، فقط لمجرد مرور الزمن العشري يسمحون لهم بالعودة رغم جرائمهم".
وتابع: "كل من يعود ونعلم به لن نقبل بوجوده، وسنقدم بحقه إخبارات، أولًا لإثارة الأمر أمام الرأي العام، ثانيًا هو إنذار للعملاء بأننا لم ننسَ جرائمهم بحق أبناء شعبهم، فهمّنا تثبيت فكرة أن أيّ عميل يجب أن يحاكم مهما غاب".
وشدَّد عضو "هيئة ممثلي الأسرى والمحررين" خلال حديثه لـ"العهد" على "أنَّنا نحن الذين رأينا مدى صهيونية هؤلاء العملاء بشكل مباشر إبان الاحتلال لن نقبل بفكرة أن الأمر مضى بهذه البساطة ولن يُحاسب عليه، ونحن من سنطردهم من هذا الوطن".
وختم طالب قائلًا: "طالبنا سابقًا منذ عشر سنوات تقريبًا بإلغاء مرور الزمن العشري ونكرّر المطالبة بذلك، وقُدّمت اقتراحات قوانين حول إسقاط الجنسية اللبنانية عن العملاء، فبمجرد النظر إلى أبنائهم الذين يخدمون في صفوف جيش الاحتلال، واستعدادهم للقتال إلى جانب العدو في مواجهة لبنان أمرٌ كافٍ ليعلم الجميع أن هؤلاء عملاء وليسوا مبعدين".