خاص العهد
إتفاقية أوسلو و"الشعب الحر الباسل"
مصطفى عواضة
يعيدنا يوم الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر من كل عام بالذاكرة إلى المجزرة التي وقعت عام 1993 تحت جسر المطار في بيروت بعد انطلاق مظاهرة سلمية احتجاجاً على اتفاقية الذّل المسماة "إتفاقية أوسلو" المُبرَمَة آنذاك بين السلطة الفلسطينية والعدو الصهيوني في ظل رفض من أبناء المقاومة المناهضين للإتفاقية ولبيع فلسطين.
حاولت قوى معادية لمشروع المقاومة حينذاك الدفع باتجاه مجابهة المظاهرة السمية بالرصاص القاتل في محاولة لإحداث الشقاق بين المقاومة الإسلامية وجمهورها والجيش اللبناني. هذا المخطط الشيطاني أدّى إلى ارتقاء 9 شهداء وحوالي 50 جريحًا دفعوا ثمن فضح "أوسلو" في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، ومنعوا بدمائهم الفتنة التي أرادت فرض ما يسمى تسوية شاملة في المنطقة.
بعد 29 عامًا على المجزرة، يعيد موقع "العهد" الإخباري إحياء المناسبة مستذكرًا أولئك الذين بذلوا أرواحهم وعبّدوا سبيل المقاومة والإنتفاضة للحرية والتحرير بدماء عبّود خليل عبّود، علي طعّان طويل، سكنة شمس الدين، حسن بزّي، سمير وهب، صباح علي حيدر، محمد عبد الكريم، مصطفى شمص ونزار قانصوه.
مسيرة الرفض لـ"أوسلو"
"كان 13 أيلول/ سبتمبر 1993 يوم الموقف من هذه الإتفاقية ونحن اليوم نستعيد هذه الذكرى لنؤكد أن "أوسلو" وأخواتها سقطت بفضل دماء شهداء ذلك اليوم، وأثبتت أن مسار التطبيع الذي بشّر به الأمريكيون لن يؤتي أكله"، بهذه الكلمات استذكر شقيق أحد شهداء "جسر المطار" في تصريحه لـ"العهد" أحداث ذلك اليوم، مضيفًا: "لم تتقدم المسيرة التي كان من المقرر أن تنطلق من منطقة "الكولا" بدلا من مسجد الإمام المهدي (عج) في منطقة "الغبيري" مكان حدوث المجزرة إلا أمتارا قليلة قبل اصطدامها بالعساكر الذين حاولوا صدها بالرصاص، واكبه حظر للتجول وسط حركة شبه معدومة".
سقوط الشهداء بقرار سياسي
وتابع: منذ لحظة انطلاق المسيرة عمل العساكر على تفريق الناس بالتصويب على صدورهم ورؤوسهم بقرار سياسي مسبق يراد منه احداث شرخ بين المقاومة والجيش بعد أن فشلت بتحقيق هذا الهدف إبان حرب تصفية الحساب 1993".
واردف شقيق الشهيد القول: "إن وعي المقاومة وجمهورها أجهض مشروع الفتنة هذا بصبر أولياء الدم على الرغم من وجود بعض المندفعين للثأر من القتلة حينها إلا أن تربية الالتزام بالتكليف التي نشأت عليها هذه المقاومة لم تحدث على مر تاريخها أي ردة فعل عشوائية من قبل بيئتها وجمهورها الذين هم أهل التكليف في أيلول وقبله وبعده".
المجد لأيلول الشهداء... والحاج عماد مغنية
تثبيتاً للموقف من هذه الاتفاقية قررت المقاومة توصيل رسالتها بكل الوسائل، وكان النشيد احداها، بما يحمل من مضامين ثورية ملتزمة بالقضية الفلسطينية ورفض التطبيع والتسليم للعدو، فكان نشيد "الشعب الحر الباسل" القول الفصل الذي كتب ولحن ووزع بإيعاز وإشراف القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية، وذلك بحسب ما أفاد المهندس نبيل عساف أحد مؤسسي فرقة الولاية.
عساف لفت في حديثه لـ"العهد" الى أن: "المقاومة لجأت للفن الثوري كأسلوب في أحد ردودها، إيمانًا منها بما يحمله النشيد من تأثير مباشر على الجمهور، وهذا ما تبين منذ الانطلاقة التي تأسست على أثرها فرقة الولاية عام 1985 لمواكبة عمليات المقاومة وشهدائها، ما جعلها من الفرق الإنشادية المفضلة لدى الجمهور".
ولفت المهندس عساف إلى أنه: "على إثر مجزرة 13 أيلول 1993 رأى الحاج عماد مغنية الذي كان المحفز الأول لفرقة الولاية ضرورة إطلاق نشيد يستنكر الحادثة وتخليدًا لدماء الشهداء وتأكيدًا على عدم ضياعها هدرًا".
وكشف عساف لـ"العهد" أن: "الحاج عماد بعد قراءته الكلمات وسماعه لحن النشيد، فاجأنا يوم التسجيل بتواجده أثناء قيامنا بالتدريبات اللازمة في إذاعة "النور"، حيث كنا نقوم بتسجيل أعمالنا طالبا المشاركة في تسجيل هذا النشيد بالـ"كورال" قاصدًا من ذلك توصيل رسالته إلى العدو ولمن قام بهذه المجزرة برفض التطبيع والمساومة على القضية الفلسطينية".
وختم عساف حديثه لـ "العهد" مؤكداً: "الحاج عماد استطاع بانشاده "الشعب الحر الباسل" أن يوصل رسالته بصوته إلى من يهمه الأمر دون الكشف عن هويته، وقد تكون هذه المرة الوحيدة التي يقوم فيها الشهيد القائد بالمشاركة في عمل إنشادي".