خاص العهد
"إعدام بطيء".. ما مستجدات وضع الأسير أبو حميد؟
مصطفى عواضة
لا تقتصر معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني على التعذيب والاعتداء الجسدي فقط، بل يعاني مئات الأسرى في المعتقلات من أوضاع صحيّة صعبة وقاسية بفعل الإهمال الطبي وعدم عرضهم على الأطباء بشكل منتظم يضمن مراجعة حالة كل أسير بشكلٍ منفرد.
وجرّاء هذا الإهمال المتعمّد من قبل إدارة سجون الاحتلال الصهيوني كوسيلة لإعدام الأسرى بالموت البطيء، تدهورت الحالة الصحية، للأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد المُصاب بالسرطان منذ أشهر.
ويقبع الأسير ناصر أبو حميد في مستشفى "برزلاي" بوضع صحي خطير منذ بداية شهر كانون الثاني/ يناير الجاري.
ونُقِل بعدها لمستشفى "أساف هروفيه"، حيث واجه منذ العام الماضي رحلة طويلة من سياسة الإهمال الطبي "القتل البطيء" ومنها "خطأ" طبي تعرّض له بعد أنّ تبيّنت إصابته بسرطان في الرئة.
وكان الوضع الصّحي للأسير أبو حميد، قد بدأ بالتدهور بشكل واضح منذ شهر آب/ أغسطس 2021، حيث بدأ يعاني من آلام في صدره إلى أن تبيّن بأنّه مصاب بورم في الرئة، وتمّت إزالته وإزالة قرابة 10 سم من محيط الورم.
وتقدّم مرض الأسير أبو حميد إلى مرحلة ميؤس منها ولا تتقبّل العلاج نتيجة تفشي الخلايا السرطانية في جميع أنحاء جسده، ولا سبيل لتخفيف أوجاعه إلاّ ببعض المسكنات بسبب التأخر في إجراء الفحوص والعلاجات اللازمة واكتشاف مرضه، وذلك بحسب ما أكد المتحدث باسم شؤون الأسرى في الحركة الأسيرة حسن عبد ربه في تصريح لموقع "العهد" الإخباري.
وأضاف: "حالة الأسير أبو حميد تستدعي الإفراج عنه فورًا، لكن تعامل الاحتلال مع حالات من هذا النوع لا يوحي بالإفراج عن أيّ أسير مريض، خاصة إذا كان من ذوي المحاكمات العالية، بسبب تشريعه لقانون في "الكينيست" يمنع الخروج المبكر لكل من قام بعمليات ضد الصهاينة، كما أنّ هذا العدو لا يملك شيئًا من الحس الإنساني يحثّه على الإفراج عن أيّ أسير مريض، بل أنّه في بعض الأحيان كان يحتجز جثمان الأسرى الذين يموتون نتيجة الإهمال الطبي".
ولفت عبد ربه إلى أنّ "الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي لا يحركان ساكنًا تجاه الانتهاكات الإنسانية للأسرى، بل يكتفيان بتوثيق الأحداث لا أكثر، ولا يقومان بأيّ دور فاعل تجاه الأسرى في سجون الاحتلال، وبأحسن الأحوال تقوم المنظمات الحقوقية بإصدار بيانات الشجب والاستنكار والإدانة دون بذل أيّ جهد أو ممارسة ضغط على العدو لإنقاذ حياة الأسرى!".
المتحدث باسم شؤون الأسرى في الحركة الأسيرة بيّن أنّ "قضية الأسرى هي جزء من معركة الشعب الفلسطيني ومعركة وجود وطنية في وجه العدو الذي يصرّ على إلغاء هويتنا وثقافتنا وتاريخنا، وهذا الأمر يتطلب تكاتف جميع أبناء الشعب الفلسطيني بفصائله ومؤسساته المختلفة، والذي نراهن عليه دائمًا".
وأشار عبد ربه إلى أنّ "الأسرى علقوا إضراباتهم وتصعيدهم الذي كان مقررًا في الأول من الشهر الجاري، نتيجة تجاوب إدارة السجون الصهيونية مع بعض مطالبهم وتراجعها عن بعض الانتهاكات والإجراءات بجهود وطنية من جميع الفصائل، شملت التخفيف عن جميع السجناء، وإنهاء العزل الانفرادي للأسير عبدالله العارضة، أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي الذي سجنه الإحتلال بـ "الإنفرادي" بعد عملية "نفق الحرية" العام الماضي".
وشدّد حسن عبد ربه على أنّ "الحركة الأسيرة تتطلع لقضية الأسرى على أنّها جوهر القضايا الوطنية الفلسطينية، وهي تبذل كل الجهود في سبيل الإفراج عن جميع أبناء الشعب الفلسطيني في سجون الاحتلال".
بدوره، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور صلاح عبد العاطي أدان في تصريحه لـ "العهد" انتهاكات العدو الصهيوني بحق الأسرى الفلسطينيين واستمرار الإمعان في الإهمال الطبي وإجراءات التعذيب المختلفة.
وبيّن عبد العاطي أنّ "هناك أكثر من 4500 أسير في سجون الاحتلال، بينهم 600 أسير يعانون من أمراض مختلفة، بما فيهم 120 يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية كالسرطان وغيره"، ولفت إلى أنّ "الاحتلال يمعن في إهمال المرضى من الأسرى، كوسيلة للتخلص منهم عبر الموت البطيء، وأنّ كل ما يُقدَّم لهم من علاجات هو أدنى من المطلوب، وأقلّ مما تنصّ عليه شرع حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية، كالتي أبرمت في جنيف الثالثة والرابعة، والتي تقضي بضمان تأمين جميع الخدمات الطبيّة للأسرى والإفراج عنهم".
وكشف الحقوقي عبد العاطي أنّ "231 أسيرًا قضوا في السنوات الماضية نتيجة الإهمال الطبي من قبل الاحتلال، دون أن يقيم أيّ اعتبار لمنظمات حقوق الإنسان، في ظل الغطاء السياسي والمالي الغربي الداعم له، عدا عن انشغال بعض الدول العربية بقضايا مختلفة، شغلتها عن القضية الفلسطينية، وجعلتها تهرول إلى التطبيع مع الاحتلال".