خاص العهد
كيف يعالج حزب الله والبلديات أزمة المياه في منطقة جبل عامل الأولى؟
داني الأمين
مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، التي ساهمت في شحّ المياه وانقطاع التيار الكهربائي، توقف عدد كبير من المزارعين في بنت جبيل ومرجعيون، عن ريّ أراضيهم المزروعة بالخضار والأشجار المثمرة، ما أدى إلى يباس المزروعات الصيفية باكراً، حتى في الأراضي القريبة من نهر الليطاني، بعد انقطاع المياه بشكل شبه دائم، في سابقة لم تحصل منذ عشرات السنين.
يقول المزارع حسين حيدر ابن بلدة عيترون (بنت جبيل) لموقع "العهد" الاخباري: "رغم أن أزمة المياه مستمرة ولم تتوقف في كل السنوات السابقة، لكنها اليوم فاقت كل التوقعات، فانقطاع الكهرباء وغياب المتابعة والاهتمام، أديا الى توقف المياه بشكل شبه دائم، بعد أن كانت تصلنا أكثر من يومين في الأسبوع"، معتبرًا أن "هذه الأزمة حرمت الفقراء قبل غيرهم، لأن الأغنياء يحصلون على المياه من خلال شرائها من أصحاب الصهاريج أو بطرق غير قانونية".
يرى المزارعون أن انقطاع الكهرباء وإن كان سببًا رئيسيًا لمنع وصول المياه بكميات كبيرة، إلاّ أن غياب الرقابة على الموظفين، الذين باتوا يمتنعون عن متابعة أعطال المياه وطريقة توزيعها على القرى والأهالي، كون أجورهم لم تعد تكفي لسد حاجاتهم الأساسية، هو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى منع وصول المياه إلى عدد كبير من المنازل. يقول أحمد عليان (من تولين) إن "توزيع المياه هو بيد بعض الموظفين، الذين لا يحركون ساكناً الاّ لمصلحة كبار الأغنياء، أو بعض النافذين، والسبب هو الحاجة الى المال".
ولا ينكر أحد الموظفين في مصلحة المياه وجود توزيع غير عادل "سببه غياب الرقابة من جهة، وسطوة بعض النافذين، اضافة الى فساد بعض الموظفين، خصوصاً بعد تدني الأجور، حتى أن أي موظف لا يمكنه الانتقال الى أي مكان من دون تأمين بدل الانتقال". ويلفت الى أن "بلديات بنت جبيل ومرجعيون لا تبخل على الموظفين، فهي تؤمن لهم المساعدة قدر الممكن بتوجيهات من العمل البلدي في حزب الله".
ويبدو أن بلديات المنطقة بالتعاون مع العمل البلدي في منطقة جبل عامل الأولى استطاعتحل جزء كبير من مشكلة المياه بدعم من الأهالي الميسورين وبعض الجهات المانحة. في هذا الاطار، يلفت مسؤول العمل البلدي في منطقة جبل عامل الأولى الحاج علي الزين الى أن "العمل البلدي استطاع، خلال العامين الفائتين، وبدعم من نواب المنطقة ومصلحة مياه جبل عامل واتحادات البلديات والبلديات، صيانة 79 بئرًا ارتوازية، وتجهيز 8 آبار أخرى، اضافة إلى صيانة 132 محطة مياه وصيانة وتجهيز 13 شبكة توزيع للمياه".
وبحسب معلومات "العهد" فإن "الكلفة المالية المدفوعة من منطقة جبل عامل الأولى بالتعاون مع بعض الجهات والنائب حسين جشي لخدمة وتحسين أوضاع المياه في الجنوب بلغت خلال العامين الماضيين 555485 دولار أميركي، من بينها تبرع كبير قدمه النائب جشي".
وكانت بلدية تولين قد استطاعت مؤخرًا حفر بئر ارتوازة وتشغيلها بدعم من حزب الله، ما ساهم في تأمين المياه الى البلدة، وفي بلدة مجدل سلم تم حفر بئرين ارتوازيتين بالتعاون بين البلدية وأبناء البلدة والجهات المانحة، كما استطاعت بلدية حولا حفر بئر ارتوازية وتشغيلها مؤخرًا للتخفيف من أزمة المياه. ويذكر الحاج علي الزين أن عدد الآبار التي تم حفرها وتجهيزها في المنطقة الأولى وصل الى 30 بئرًا. ومع ذلك فإن أزمة المياه تحتاج إلى الكثير من المتابعة والعمل، لا سيما من مؤسسة مياه لبنان الجنوبي.
يشير المزارع محمد عواضة الى أنه "اضطر للاستغناء عما زرعه من شتول الخضار المختلفة، لأنها تحتاج الى الري المتواصل"، معتبرًا أن "ما يحصل من اهمال أدى الى حصار الأهالي، ومنعهم من العمل في أراضيهم، بعد أن باتت أجورهم لا تكفي لاطعام أولادهم". ومن الجدير ذكره هو أن البلديات التابعة لاتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل استطاعت تأمين محطات لتوزيع المياه المفلترة لتقديم مياه الشرب بالمجان للأهالي، وكان لافتًا تهافت الأهالي على هذه المحطات، والتي باتت تحتاج الى تنظيم ومتابعة، بسبب ازدحام الأهالي حولها، وشحها في أوقات مبكرة.
ويذكر المزارع محمد شيت، أحد كبار المزارعين في منطقة الوزاني، أن "أزمة المياه أدت الى القضاء على أكثر من 50% من الحواكير المنزلية، أما كبار المزارعين فقد بدأوا بالاستغناء عن الزراعات التي تحتاج الى الريّ، والتركيز على الزراعات البعلية وزراعة الحبوب". ورغم أن أراضي الوزاني لا تبعد أكثر من 500 متر عن نهر الوزاني، إلاّ أن المزارعين يمنع عليهم استخدام مياه النهر، ويعتمدون في الريّ على الآبار الارتوازية، التي باتت تحتاج الى كميات كبيرة من المازوت يوميًا لضخّ المياه. يقول شيت "أحتاج الى 28 مليون ليرة شهرياً لشراء المازوت لري 20 دونمًا فقط من الخضار، أما مياه الوزاني فهي ممنوعة على المزارعين، والدولة غائبة كلياً عن ابتكار مشاريع لجرّ المياه الى آلاف الدونمات لمساعدة المزارعين وتحريك العجلة الاقتصادية في المنطقة".
في سهل الخيام لم تتأثر الأراضي الزراعية بأزمة المياه، لأنها تستفيد من مشروع ريّ نبع الدردارة. يقول رئيس تعاونية ادارة مياه نبع الدردارة جهاد الشيخ علي إن "التعاونية استطاعت تأمين الري الى جميع أراضي السهل، وتعمل على توزيعها بشكل عادل يتناسب مع الأراضي المزروعة، لكن المشكلة في تزايد أعداد المعتدين على أراضي السهل، من قبل عمال يعملون على زراعة الأراضي سراً، والحصول على المياه خلسة وبالمجان، ثم بيع الانتاج بأسعار متدنية، علماً أن التعاونية تحصل على مبلغ 150 ألف ليرة عن كل دونم أرض، يحصل صاحبه على مياه الريّ، بهدف تأمين أتعاب نواطير السهل والمعدات اللازمة للريّ". ويلفت الى أنه "رغم وجود النواطير، فإن أراضي السهل وشبكة المياه تتعرض للسرقة والاعتداءات المتكررة".
ويبيّن أحد المزارعين في سهل الخيام أن "عدد مزارعي السهل تراجع بنسبة كبيرة، بسبب كلفة الأسمدة والمبيدات الزراعية". ويلفت رئيس اتحاد بلديات جبل عامل، علي طاهر ياسين، الى أن " مضخات المياه الخمس التي تضخّ المياه الى مشروع الطيبة، ضعيفة وتتعطل باستمرار، ورغم ذلك فإننا نتابع الموظفين بشكل دائم"، ويشير إلى أن "الآبار الارتوازية لا يمكن تشغيلها بسبب غلاء المازوت، لذلك عمدت بعض البلديات، وبمساعدة المتمولين والأغنياء، الى تأمين الطاقة الشمسية لضخ المياه من الآبار". ويسعى الاتحاد إلى الحصول قريبًا على قرض مالي من الصندوق الكويتي للتنمية بقيمة 62 مليون دولار. ويطالب ياسين "بوقف التعديات الكبيرة على شبكة المياه، ومتابعة سلوك الموظفين، وضرورة امتناع أصحاب المنتجعات والمسابح عن الحصول على المياه من حساب الأهالي والمزارعين".