خاص العهد
التحرير الثاني: تحول مفصلي في الصراع مع التكفيريين ومشغليهم
دمشق ـ محمد عيد
سال ولا يزال حبرٌ كثيرٌ في قضية نجاح الجيش العربي السوري ورجال المقاومة الإسلامية في لبنان، بتطهير جرود القلمون على جانبي الحدود السورية اللبنانية من تنظيم "داعش" الوهابي الإرهابي والمجموعات التكفيرية التي استوطنت هذه المنطقة الحيوية، وأرادت استعمالها منصة للانقضاض على أمن البلدين تمهيداً لاستلحاقهما بالمحور المعادي المرتبط بالولايات المتحدة والكيان الصهيوني والرجعية العربية.
لم ينجح المخطط في حينها، لا بل إن فشله شكل الإرهاصات الأولى لاستعادة مساحات شاسعة من الجغرافيا السورية واللبنانية، فيما بدا أنه منعطف حاد في الصراع، انقلب فيه السحر على الساحر بعدما استعاد محور المقاومة بالقوة الناعمة الكثير من المدن والبلدات.
انتصار أحبط كل المشاريع الشيطانية
يرى المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة أن استعادة جرود القلمون شكل تطوراً مفصلياً في الحرب على الارهاب، بما يتجاوز الأهمية التكتيكية الموضعية للمواجهة والنصر العسكري.
وفي حديث خاص بموقع " العهد" الإخباري، أشار دنورة إلى أن هذا النصر وصل الى حد التأثير على المشهد الاقليمي برمته، وهذه الأهمية تتأتى بلا شك من اهمية الموقع الجغرافي المفصلي لمنطقة الجرود في موضع القلب من منطقة إستراتيجية هامة، فمن جهة هي تشرف على تخوم طريق دمشق حمص، بما يهدد بقطع المنطقة الجنوبية في سوريا عن المنطقة الوسطى وصولاً إلى الساحل السوري، وهو ما كان يعني بالدرجة الاولى زيادة ضغط الحصار على العاصمة دمشق، وبالدرجة الثانية تقطيع اوصال المناطق التي بقيت تحت سيطرة الدولة السورية.
ومن جهة أخرى يلفت دنورة إلى أن هذه المنطقة ليست بعيدة عن طريق دمشق - بيروت الذي كان يمثل آنذاك معبراً رئيسياً من المعابر التي بقيت تحت سيطرة الدولة السورية، وأحد أهم منافذها للتواصل مع العالم الخارجي، بعد أن سيطر الإرهابيون على المعابر مع الأردن والعراق.
ومن جهة ثالثة تتأتى حساسية المنطقة من كون الوجود الإرهابي فيها يمثل خنجراً بظهر لبنان بشكل عام والمقاومة بشكل خاص، فقد عمل الإرهابيون في هذه المنطقة على استقبال حملة فكرهم الاستئصالي من بعض المناطق اللبنانية، وإعادة إرسالهم بصورة سيارات مفخخة وصلت حتى العاصمة بيروت، وكان الغرض من ذلك تحويل لبنان إلى ساحة جديدة لنشاط واسع النطاق للمجموعات الإرهابية، بكل ما يجره ذلك من دماء وويلات، وينضم لبنان بذلك إلى سورية والعراق ليصبح ضحية جديدة من ضحايا العدوان على استقرار الدول العربية، واستمراراً لمخطط الفوضى البناءة الامريكي.
الكيان يخسر مدده الإرهابي
دنورة شدد في حديثه لموقعنا على أن مصلحة الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة وعملائهما كانت تتمثل بلا شك في الإبقاء على الوجود الإرهابي في هذه المنطقة، وذلك لاستخدامه كاحتياط كامن يمكن توظيفه للانقضاض على ظهر المقاومة، بالتزامن مع أية مواجهة مع العدو الاسرائيلي، أو تطوير هذا المشروع ليتحول إلى مشهد استنزاف يستهدف المقاومة في "غير زمن الصدام مع العدو،" بما يحقق هدف المشاغلة والإلهاء الإستراتيجي والاستنزاف.
ويؤكد المحلل السياسي أنه إضافة الى كل ذلك فإن القضاء على الوجود الإرهابي في القلمون مثّل إنهاء لخطر تكريس هذا العائق كمعطىً ثابت في خريطة المنطقة امنياً وعسكرياً، بما يؤثر على التواصل الجغرافي بين سورية ولبنان، ويحرم المقاومة من عمقها الاستراتيجي الأساس المتمثل في سورية، مشدداً على أن تحرير الجرود مثل استكمالاً لإفشال المؤامرة الإرهابية التي استهدفت المنطقة الوسطى في سورية، هذا الافشال الذي بدأ بتحرير القصير، وهي المعركة الفاصلة التي شكلت انطلاقةً لبداية مسار التحرير، وقلْب المشهد العسكري والميداني ضد سيطرة الإرهاب، والانطلاق نحو إسقاط مخطط استهداف محور المقاومة في واسطة عقده سوريا.
"ومن هنا فقد استحقت معركة تحرير القلمون، بمفاعيلها الاستراتيجية والسياسية، ودروسها القتالية والعسكرية، ان يطلق عليها معركة التحرير الثاني...".