خاص العهد
لماذا الدفاع عن العملاء؟
مصطفى عواضة
أثارت الدعوات لعدم تسمية عناصر ميليشيا لحد الفارين الى الكيان الصهيوني قبيل الاندحار الصهيوني من لبنان في 25 أيار/ مايو 2000 تحت ضربات المقاومة بـ"العملاء" الكثير من التساؤلات عن الاهداف والغايات.
فهل أصبحت العمالة تحت عباءة التسامح والإنسانية وجهة نظر يسامح عليها القانون وتعطي أحقية منح العفو على حساب كرامة اللبنانين وتضحياتهم؟
ماذا يقول من واجه اتفاق الـ 17 أيار يوم كان الزمان "اسرائيلياً" عن هذا الموضوع، وكيف ينظر القانون الى القضية، وما هو رأي من كان ينال العقاب على مقاومته للعدو مرتين، مرة لأنه مقاوم والثانية لأنه مسيحي؟
واكيم: الموقف من "اسرائيل" يحدد توصيف اتباعها
في هذ السياق، اعتبر رئيس حركة الشعب نجاح واكيم أنه: "يتوجب على البطرك الراعي اتخاذ موقف تجاه "إسرائيل" ما اذا كانت صديقًا أو عدوًّا، فإذا كانت عدوًّا فمن الطبيعي أن هؤلاء عملاء لا مبعدون كونهم كانوا خدمًا للعدو ورهنوا حياتهم له وهم أعداء ولا جدال في ذلك".
وأردف: "إن كلام الراعي يعني أنه يريد إقامة علاقات مع "إسرائيل" ويشجع ويدفع الأمور لهذا النحو، وهنا الخطورة، فلو كان هناك دولة قانون لأخرست كل المدافعين عن الخونة زارعي الفتنة بين أبناء الوطن، فهذه جريمة بحق المسيحيين ولبنان بأسره".
وشدد واكيم على أنه: "لا يجوز للبطرك أو غيره أن يلقن الرعية ما هو مصلحة للعدو على حساب البلد وأبنائه، ويزرع الشقاق بينهم، وهذا ما يفعله يوميًّا سواء بإشادته بالعملاء والدفاع عنهم أو بوقوفه سدًّا في وجه القانون في قضية المطران موسى الحاج الذي لو لم يكن شريكًا له لما وضع نفسه تحت الشبهات!".
وخاطب رئيس حركة الشعب اللبنانيين عمومًا والمسيحيين خصوصًا بالقول: "تنبهوا لأدوار بعض رجال الدين الذي يعملون على إيقاظ الفتنة في البلاد وتعميق الخلافات الطائفية والمذهبية وتشويه الوعي لتهديد أمن لبنان واستقراره وعرقلة مصالحه مع دول الخارج".
ماذا يقول القانون؟
المتخصص في القانون الدولي الدكتور علي فضل الله أكد أن: "قانون منع التعامل مع إسرائيل 286/1956 يحظر في مادته الأولى على كل شخص طبيعي او اعتباري ان يعقد بالذات او بالواسطة اتفاقًا من أي نوع مع هيئات او اشخاص مقيمين في "اسرائيل" او منتسبين اليها بجنسيتهم او يعملون لحسابها، كما يحظر التعامل مع الشركات والمنشآت الوطنية والاجنبية التي لها مصالح او فروع او توكيلات عامة في "اسرائيل"، وتحدد هذه الشركات والمنشآت بقرار من مجلس الوزراء او السلطة المخولة بذلك بناء على اقتراح وزير الاقتصاد الوطني ووفقًا لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال".
وأضاف فضل الله: "مواقف البطرك الراعي جاءت في سياق طائفي، متناسيًا أننا في حالة حرب مع العدو الصهيوني، بناء على ما أعلنه عام 2006 وقف الأعمال الحربية وليس وقف إطلاق النار ما يعني استمرارية الحرب من الكيان الغاصب".
وأشار الدكتور فضل الله إلى أن: "هؤلاء الذين يدافع عنهم البعض ليسوا لبنانين إنما عملاء انضموا إلى جيش الاحتلال، ويعاني منهم الفلسطينيون يوميًّا، ويديرون شبكات تجسس وغيرها داخل لبنان، ودخلوا فلسطين المحتلة بكامل إرادتهم، وليس بالإكراه أو الغصب".
ولفت إلى أن: "دخول المطران موسى الحاج محملًا بالأدوية والأموال "الإسرائيلية" أمر غير قانوني ويجرم بحسب المادة الثانية من قانون منع التعامل مع "إسرائيل" 286/1956 والتي تنص على حظر دخول او تبادل او الاتجار بالبضائع والسلع والمنتجات بجميع انواعها وكذلك القراطيس المالية وغيرها من القيم المنقولة "الاسرائيلية" سواء وردت من "اسرائيل" مباشرة او بطريق غير مباشر، وتعتبر "اسرائيلية" البضائع والسلع المصنوعة في "اسرائيل" او التي يدخل في صناعتها او تجهيزها جزء ايا كانت نسبته من منتجات "اسرائيل"" .
وتعتبر في حكم البضائع الاسرائيلية السلع والمنتجات التي يعاد شحنها من "اسرائيل" او التي تصنع خارج "اسرائيل" بقصد تصديرها لحسابها او لحساب احد الاشخاص او الهيئات المنصوص عنها في المادة الاولى.
ودعا المتخصص في القانون الدولي الدولة اللبنانية إلى الإسراع في معالجة ظواهر العمالة المختلفة للعدو الصهيوني، مشددا على أن جعل العمالة وجهة نظر طبيعية أمر غير مفهوم ومرفوض، وأن التساهل في العمالة ناتج عن التساهل مع العملاء وإعطائهم أحكامًا مخففة.
أبو طاس: انتهى زمن منح صكوك البراءة
الأسير المحرر ديغول أبو طاس قال في حديث خاص بــ"العهد": "نحن لسنا بوارد التهجّم على أحد أيا يكن، ولكن سأتوجه إلى كل المدافعين عن العملاء: لقد انتهى زمن منح صكوك البراءة مقابل رزمة من المال دون الاستناد إلى جدار الحق خدمة لأجندات سياسية خارجية على حساب المسيحيين وحساب الوطن كله".
وتابع أبو طاس حديثه: "إن هؤلاء وظيفتهم الأساسية إشعال الفتن من حيث يدرون أو لا يدرون، وإرادة الشعوب عبر التاريخ لا تمثل إرادة المتخاذلين على اختلاف صفاتهم"، مشددا على أن "العملاء الفارين كرسوا حياتهم وأبناءهم للعدو الصهيوني وكيانه الغاصب".
وبيّن الأسير السابق أبو طاس أن: "الأمر الأكثر خطورة في الدفاع عن هؤلاء الخونة هو نعتهم بالأكثر وطنية من المقيمين في الوطن من قبل أحد رجال الدين أثناء زيارته للأراضي المحتلة، ضاربا عرض الحائط بكل التضحيات التي بذلها المسيحيون واللبنانيون جميعا من أجل تحررهم من مختلف الاحتلالات عبر التاريخ ومنهم العدو الصهيوني".
وتساءل أبو طاس "لماذا يعمل هؤلاء على حصر العمالة بالمسيحيين ويدافعون باستماتة عن الخونة، على الرغم من أن العمالة عبرت الطوائف كما المقاومة؟ ولماذا بذل هؤلاء المدافعون قصارى جهدهم من أجل إنهاء الدور المسيحي في العالم العربي من سوريا إلى العراق ومصر مقابل رهانات خاسرة مع كيان العدو وغيره من المتربصين بهذا العالم مقابل سلطاتهم وأموالهم ؟".
ونوّه الأسير السابق بأن: "المسيحيين الشرفاء الذين أصبحوا قلة قليلة في العالم العربي لن يقبلوا بهذا الحال مهما طالت المعركة، وأن 80% عادوا إلى لبنان منذ التحرير إلى ما بعد حرب 2006 وحوكموا أحكاما مخففة دون تدخّل المقاومة منعًا للثارات والفتنة وحفاظًا على السلم الأهلي".
وأضاف الأسير السابق أبو طاس في حديثه لموقعنا: "إن العملاء الذين ذهبوا إلى فلسطين المحتلة فعلوا ذلك بملء إراتهم لا بالتهديد ولا الإجبار، والمقاومة أثبتت أنها الوجه الناصع للبنان والمستقبل المشرق للشعب بجميع طوائفه".
وفي كلمة أخيرة دعا ديغول أبو طاس: "رجال الدين والسياسيين الذين يدافعون عن العملاء على اختلاف طوائفهم إلى القليل من الوفاء لهذا البلد وشعبه المضحي، ويكفوا عن الرهان على كيان العدو الذي يشهد أيام تقهقره مقابل تصاعد قوة المقاومة".
إقرأ المزيد في: خاص العهد
02/12/2024
القرض الحسن: صمود وعمل مستمر رغم العدوان
30/11/2024