معركة أولي البأس

خاص العهد

القرض الحسن: باكورة التكافل المالي
21/07/2022

القرض الحسن: باكورة التكافل المالي

لطيفة الحسيني

 

من شقةٍ متواضعة في أحد شوارع حارة حريك، بدأت قصة القرض الحسن. عودة الى العام 1983، تفتح أمامنا ذكرياتِ تجربةٍ صمدت ونَمَت الى أن أضحت مثالًا للتكافل المالي. بينما كان مَنْ كان مُنشغلًا بالدم والحسابات السُلطوية، انبرت مجموعة من المُبادرين بتوجيه ورعاية من آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الى تأسيس بيتٍ للمسلمين، حفظًا لحقوقهم الشرعية وتيسيرًا لشؤونهم الحياتية.

 

ظروفٌ قاهرة، دمارٌ واحتلالٌ وفاقةٌ لا تُطاق. كلّ شيء يُكبّل ويلجم أيّ تحرّك ينهض بالمجتمعات المُستضعفة، لكن السوء لم يبلغ ذورته. في الصورة حزب الله. بعد القرار 1982، انطلقت عجلة إنقاذ المسلمين من حفرة عميقة حدّت قدراتهم وحالت دون استعادة نشاطهم اليومي.

القرض الحسن أحد عناوين المرحلة. ورشةٌ اقتصادية شقّت طريقها. المَهمَّة وعلى تواضعِ نطاقها مُبشّرة. الهدف لا يحمل تأجيلًا. عملٌ جماعيّ يفتح ناحيةً تقوم على مؤازرة المُسلمين.

يستعيد المدير التنفيذي لجمعية "القرض الحسن" عادل منصور أول الأيّام. كيف ومتى وأين؟ يقول "عقب انطلاقة حزب الله عام 1982، بدأت مؤسّسات الجمهورية الاسلامية بالعمل في لبنان.. "الشهيد" و"الإمداد" و"الجرحى" أسّسها سماحة السيد عيسى الطبطبائي، ولها أصل في إيران. الفريق الذي ساهم في هذا البناء أنشأ أيضًا "القرض الحسن". ويضيف "كان لبيت مال المُسلمين ما يُمكن القول عنه "شورى"، والجهد الذي بُذل آنذاك مُستند الى هذا العنوان، أيْ تلقّي حقوق شرعية ومساعدة الناس في القروض".

يصف منصور ما كان يجري في تلك المرحلة بـ"العمل المتواضع الذي كان قائمًا على تلقّي موازنات لمؤسّسات "الشهيد" و"الجرحى" و"الإمداد" من إيران، توضع تباعًا في "القرض الحسن" كودائع، ثمّ تُترجم في بعض المشاريع الاستثمارية. وقد شكّلت بعض الحقوق الشريعة في ذلك الوقت موردًا للجمعية".

القرض الحسن: باكورة التكافل المالي

يتذكّر منصور جيّدًا المركز الأول لـ"القرض الحسن"، فهو كان فاتحة الفروع. في شقة مؤلّفة من 5 غرف في حارة حريك اجتمع 6 موظّفين لإطلاق نشاط الجمعية توازيًا مع مكتب الوكيل للشرعي للإمام الخامنئي في المكان نفسه وذلك لمساعدة الناس. العمل كان مُدجمًا لتيسير شؤون العباد، لكن سرعان ما انتقل لاحقًا الى مقرّ آخر.
 
في الفترة الممتدّة من عام 1983 الى 1994، كانت أغلب المهمّات داخلية، عبارة عن توزيع موازنات على المؤسّسات والعوائل المستفيدة (الشهيد والإمداد). العمل كان محدودًا، ثمّ عُمّم في مرحلة ثانية، وأصبح الشعار "من الناس الى الناس". اشتُهرت الجمعية هنا، فصارت تتلقّى مساهماتٍ من الخيّرين تُحوّل الى الحسابات، وبهذه الطريقة تتّسع قاعدة القروض. آلية نجحت بشكل كبير. عام 1995، بدأت الفروع بالانتشار فعليًا، في صور والنبطية كانت المحطّة التالية، حيث افتُتح أول فرعيْن بعد الحارة ثمّ في بعلبك، وكرّت "السُبحة"، حتى باتت الجمعية في عام 2008 تابعة تنظيميًا لحزب الله.

محطّة مفصلية هامّة من "عمر" الجمعية يتحدّث عنها منصور. عدوان تموز 2006. الخراب أصاب كلّ لبنان، كلّ بقعة ومؤسّسة وشركة. وقتها، كان للقرض الحسن 9 فروع، سُوّي 5 منها بالأرض إضافة الى مركز الإدارة العامة الرئيسي، حيث تأذّى مخزن الذهب بشكل كبير.

الخسائر فادحة، والمشقّة جليّة. بحسب منصور، بالإرادة والعزيمة والإدارة الحكيمة، وخلال سنة تمامًا أُعيدت كلّ الحقوق الى أصحابها وتمّ حفظها، على الرغم من أن قرابة 5000 شخص تضرّرت مدخراتهم.

على مدى 29 عامًا، تطوّرت الجمعية نظرًا للتقدّم في كلّ المجالات وتراكم الخبرات. وفق منصور، كان عدد الموظّفين لا يتجاوز الـ6 في فرع واحد فقط، واليوم أضحوا 500 منتشرين في 31 فرعًا (بمعزل عن الإدارات المركزية)، يتعاملون مع أعداد هائلة من المستفيدين والزبائن.

منصور يلفت في هذا السياق الى أن الجمعية تتعاون مع كلّ من يُقدّم ليحصل على قرض، فتُعطي القروض (بالدولار أو بالليرة) وفقًا لحاجة كلّ من تتوفّر فيه الشروط بناءً على الضمانة المطروحة، دون تمييز لأيّ مُقيم على الأراضي اللبنانية مهما كان الغرض منها (سكن/ زواج/دراسة/سيارة/طبابة/مهن..).

ويُبيّن أن الجمعية بدأت في الفترة الأخيرة بمنح قروض تيسير للمهن الزراعية والصناعية والحرفية عبر مؤسسة "جهاد البناء". ويشير في الوقت نفسه الى أن حجم الإقبال كبير من كل المناطق، ما يدفع الى فتح فروع جديدة في أماكن كثيرة، ولا سيّما أن عدد المستفيدين يلامس اليوم قرابة المليون و900 ألف، فيما وصل عدد القروض خلال عام 2018، الى 200 ألف قرض بما يُعادل النصف مليار دولار.

بناءً على الأرقام التي حصل عليها موقع "العهد الإخباري"، يظهر أن إجمالي عدد المستفيدين منذ التأسيس لغاية عام 2021 وصل الى 1900000  قرض، فيما بلغ عدد المتعاملين مع المؤسسة حاليًا 300000 شخص، أمّا إجمالي قيمة القروض الممنوحة منذ التأسيس لغاية عام 2021  فهو 4 مليارات دولار أميركي.

على صعيد القروض، تبرز أهمية الضمانة المقدّمة فتكون الصورة كالآتي:

• قروض بضمانة ذهب بالليرة والدولار.
• قروض بضمانة مساهم أو مشترك بالليرة والدولار.
• صندوق التيسير لدعم المهن والحرف بالليرة والدولار.

هذا وأنجزت الجمعية عددًا من المشاريع الحيوية وهي:

• مشروع الاشتراك
• مشروع المساهمة
• خدمة الصراف الآلي ATM
• خدمة تخزين الذهب
• خدمة بيع وشراء الذهب
• خدمة Mobile Application.

القرض الحسنالأربعون ربيعاً

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة