معركة أولي البأس

خاص العهد

21/03/2019

"ماكينزي" نظرة تفاؤلية بعيدة عن الواقع

العهد

يقدم لبنان على مرحلة تنفيذ خطة "ماكينزي" التي نشرت بتقرير مفصّل من 1274 صفحة في شهر كانون الثاني/ يناير من العام الحالي. ما يميّز "ماكينزي" أنها خطة طويلة الأمد وبالتالي لا تقوم على تحقيق مصالح الأمد القصير، وهذا جلّ ما يحتاجه لبنان. اذ إن معظم القرارات المالية والنقدية والسياسية تتخذ لوصول أصحاب السلطة لمآربهم في مرحلة ما. واقع حاجة لبنان لاستراتيجية اقتصادية لا يزكي ما قدمته ماكينزي.

قيّمت "ماكينزي" الاقتصاد الكلي اللبناني وتطوره وخلصت إلى أن لبنان يقع في "دورة اقتصادية مفرغة" وأشارت إلى أن الفساد المستشري، والتأخر في تشريع قوانين تخدم بناء خط الأنابيب، والنمو المتقلب، واستثمارات المغتربين التي لا تصب في القطاعات المناسبة كلها عوامل أساسية لما وصل اليه لبنان اقتصاديا. كما قامت بتشخيص 15 قطاعًا، واستمدت من ذلك "الرؤية 2025 الوطنية لماكينزي في لبنان" واقترحت في هذا السياق دفع النمو الاقتصادي عن طريق تجديد وتحديد ستة محركات قطاعية معروفة باسم القطاعات الإنتاجية للاقتصاد.

يمكن ايجاز أهداف "ماكينزي" للعام 2025 بما يلي:

⦁ رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي من الحالي (2017) بمتوسط 1 ٪ إلى 6 ٪ بحلول عام 2025  

⦁ خلق 370،000 وظيفة محلية جديدة

⦁ خفض البطالة من 25٪ حاليًا إلى 8٪

⦁ خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي: من 145 ٪ حاليا إلى 110 ٪ من خلال "الخصخصة وخفض العجز"

⦁ خفض العجز المالي من 8 ٪ إلى 3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي من خلال تقييد الإنفاق، وخفض الدعم، ومكافحة الفساد، وتعزيز تعبئة الموارد

⦁ تحقيق فائض بميزان المدفوعات بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي

⦁ خفض الحد الزمني لتمرير التشريعات: من أكثر من سنتين إلى 6 أشهر

وبحسب "ماكينزي"، لتحقيق هذه الأهداف لا بد من تحقيق ثلاثة عوامل أساسية ألا وهي تعزيز إنتاجية القطاعات وتنويعها، اصلاح اطار المنافسة، تصحيح إدارة القطاع العام وتفعيله وتحسين الجباية والانفاق.

وقد أظهرت الخطة تراتبية في تفعيل القطاعات لتعطي الأولوية لزيادة إنتاجية القطاع الصناعي ثم الزراعي لتليهما السياحة وبعدها القطاع المعرفي ومن ثم المالي. لتكون هذه القطاعات الستة هي المحركات الاقتصادية للبلد.

واعتبرت خطة "ماكينزي" أن تحسين البنى التحتية وخاصة المرافئ وقطاع الكهرباء ضرورة للنهوض بالاقتصاد اللبناني. كما وكررت أن السياسات المالية والنقدية وتسهيل الأعمال التجارية على أنها عوامل مساعدة مهمة لتحقيق الأهداف.

كما اقترحت الخطة تعجيل تحقيق الأهداف من خلال جعل لبنان منطقة تكنولوجيا البناء والحصول على القدرة التنافسية في المنطقة نظرا لحاجة سوريا والعراق لمثل هذه المشاريع، وتطوير القطاع السياحي عبر جعل السياحة سهلة "رحلة نهاية الى نهاية"، وأخيرا جعل لبنان بلداً يعتمد على اقتصاد المعرفة.

إن ما قدمته "ماكينزي" لا يوحي بما دفع لبنان مقابل هذه الاستشارة والبالغ ما يقارب الأربعمئة مليون ومئة ألف دولار. بعض من توصيات "ماكينزي" باتت من المسلمات للنهوض بالاقتصاد اللبناني مثل البنى التحتية، وأخرى كان من الجيد تسليط الضوء عليها لعلّ الحكومة تقوم بتنفيذها لما في ذلك من أثر إيجابي في المستقبل مثل جعل لبنان منطقة تكنولوجيا البناء وجعله يعتمد بلد معرفة، ومنها ما يجب تفاديه قدر الإمكان مثل الخصخصة. ولعلّ  أبرز ما أشارت إليه "ماكنزي" هو تصحيح الإدارة العامة وتفعيلها. إن في الإدارات الرسمية كوادر وكفاءات تستطيع أن تنتج تقارير سنوية وفعّالة إذا ما لجأ مجلس النواب لوضع مهل قانونية وتشريعات تسهم في تسريع التنفيذ وتشديد الرقابة، واذا ما لجأت الحكومة إلى العمل الجدي والسلطة القضائية للمحاكمة. لم تكن "ماكينزي" نفسها سوى طريقة لإخماد عمل القطاع العام عبر اللجوء إلى شركات أجنبية للقيام بعمله. ستعود ماكينزي إلى الواجهة عام 2025 إما بالفشل وإما بنجاح باهر نظرا للايجابية التي طرحتها الخطة مبتعدة عن أزمات المنطقة واللاستقرار السياسي في لبنان. وبكلا الحالتين لا مبرر لـ"ماكينزي"!

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل