معركة أولي البأس

خاص العهد

بعد التكليف.. هل تكون مهمة التأليف سهلة؟
24/06/2022

بعد التكليف.. هل تكون مهمة التأليف سهلة؟

فاطمة سلامة

ما بين 23 حزيران 2022 تاريخ تكليف نجيب ميقاتي رئيسًا لتشكيل الحكومة، و31 تشرين الأول 2022 تاريخ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وبالتالي تحوُّل الحكومة الى مستقيلة دستوريًا، ثمّة نحو 4 أشهر فقط. مدة لا تحتمل ترف المماطلة في التشكيل على غرار ما كان يحصل في الحكومات السابقة. تمامًا كما لا تحتمل الأوضاع الاقتصادية والمالية السائدة ترف المناكفات. وعليه، المطلوب تسهيل مهمّة التكليف كي تتمكّن الحكومة الجديدة وفي الفترة الفاصلة عن الاستحقاق الرئاسي من تسيير الأمور المعيشية الملحة. فهل سيتمكّن ميقاتي من إنجاز مهمّة التأليف بسهولة؟ أم أنّه سيبقى رئيسًا مكلفًا ورئيس حكومة تصريف أعمال حتى الانتخابات الرئاسية؟. 

 المحلّل السياسي الدكتور وسيم بزي يتطرّق بدايةً الى عدد الأصوات الـ54 الذين كُلّف بهم ميقاتي. وفق قناعاته، في هذا البرلمان لم يعد عدد الأصوات والأرقام الكبيرة هي المعيار، بل المعيار ما تكرسه هذه الأرقام من حقائق، وبالتالي نحن أمام حقيقة أنّ ميقاتي رئيس مكلف وثانيًا يجمع بين التكليف وتصريف الأعمال، وهذا ما لا يمكن أن يتوفّر لأي مرشح آخر كان يمكن أن يُسمى. من هذه الحقيقة المتعلقة بالتكليف ينطلق بزي الى مرحلة التأليف. برأيه، الأسبوع المقبل سيُعطي صورة واضحة لمسار الأمور بعد أن تتظهّر خريطة الآراء ومدى تعاون الأفرقاء السياسيين لتسهيل مهمّة التأليف. 

سيناريوهان لا ثالث لهما 

لكنّ بزي يحاول تقديم صورة مبسّطة عن الواقع ومستندة الى واقعية سياسية بعيدًا عن الأوهام والآمال الكبيرة. برأيه، نحن أمام سيناريوهين لا ثالث لهما؛ أوّل ذي مضمون تفاؤلي يرتكز على توازنات الحكومة الحالية يُمكّن الرئيس ميقاتي من تشكيل حكومة جديدة قد تُعيد الكثير من الأسماء الموجودة حاليًا، بحيث تنتقل القواعد السياسية للحكومة الحالية أوتوماتيكيًا للحكومة الجديدة، وهذا ما يريده -وفق بزي- رئيس الجمهورية ميشال عون الى حد كبير مع تغيير أسماء درزية وسنية ومسيحية. 

هذا السيناريو قد يحصل اذا قُدّر للفرصة أن تولد من رحم التوازنات السريعة كاستمرار لرغبة دولية إقليمية مرّرت الانتخابات النيابية في الفترة الماضية رغم صعوبة الوضع، وقد تُمرّر الاستحقاق الحكومي من الزاوية الضيّقة التي مرّت فيها الانتخابات، وهذا إن حصل سيسمح -وفق بزي- بتمرير الاستحقاق الرئاسي من نفس "الخُرم" للاستحقاقين السابقين. فرصة "خرم" الإبرة موجودة -وفق بزي- في ظل حضور فرنسي على الخط ورغبة للقوى السياسية الأساسية خصوصًا حزب الله وحركة "أمل" وميقاتي، الأمر الذي قد يوفّر فرصة قد يتلقفها الرئيس عون "اذا تبيّن أنّ حضوره السياسي وحضور "التيار الوطني الحر" قد يكون بمستوى يرضى عنه الطرفان" على حد قول بزي. 

أما السيناريو الثاني؛ فيلخّصه بزي بعرقلة التشكيل وبقاء ميقاتي رئيسًا بمهمتين: تصريف أعمال وتكليف. من وجهة نظره، فإنّ بعض القوى التي وضعت ورقة بيضاء وعلى رأسها "القوات" اللبنانية مدعومة من السعودية قد تُطالب بالمشاركة في الحكومة وهي مُدركة أن "التيار الوطني الحر" أمام آخر ثلاثة أشهر من ولاية الرئيس عون، وعليه هي لا تريد (القوات) أن تترك له الساحة فيكون الهدف من الدخول على الخط هو عرقلة التشكيل إما بنزاع مع "التيار" أو افتعال أزمة خاصة أنّ "القوات" حافظت على قناة خلفية مع ميقاتي عبر النائب ستريدا جعجع. وفي المقابل، يلفت بزي الى موقف رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل في الاستشارات واصفًا إياه بـ"القاسي" الذي قد يُصعّب على الرئيس ميقاتي المهمة اللهم الا اذا تحقّقت فرضية "خرم" الإبرة التي تحدّث عنها سابقًا.

احتمال الجمع بين التكليف وتصريف الأعمال كبير 

وهنا يرى بزي أنّ احتمال أن نكون أمام تكليف وتصريف أعمال دون تأليف هو احتمال كبير. وفق بزي، هذا الجمع ما بين التكليف وتصريف الأعمال يعزّز دور ميقاتي على رأس تصريف الأعمال وقد يرفع له من وتيرة وقوة تصريف الأعمال علمًا أن هذا الأمر قد يكون عليه إشكالات دستورية. يعيد بزي الإشارة الى أنّه ومن المفترض بعد المشاورات غير الملزمة بداية الأسبوع المقبل أن تتظهّر الصورة أكثر، مرجّحًا أنّ يقدّم الرئيس المكلّف لرئيس الجمهورية صيغة حكومية في الفترة الزمنية التي تتراوح ما بين الأربعاء المقبل والأحد، فالرئيس ميقاتي يعلم أنّه يعمل ضمن مدى قصير جدًا، ويدرك أنّه لا يستطيع أن يضيع الوقت على غرار الحكومات السابقة. 
 
بعد عرض السيناريوهات المطروحة، يقرأ بزي في الشكل الذي جرى فيه تكليف ميقاتي سواء بالمضمون السياسي الذي تظهّرت فيه الاستشارات عبر تصويت الكتل أو عبر مواقف الدول الخارجية وتحديدًا فرنسا التي يفترض أنها الراعية السياسية الدولية لميقاتي، ومن خلفها واشنطن، وسط هزيمة السعودية للمرة الثالثة على التوالي بالاستحقاقات الدستورية التي تلت انتخاب المجلس النيابي الجديد سواء في انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب أو الطريقة التي وزعت فيها اللجان والرؤساء ومنطق التوافق الذي أداره الرئيس بري، وكان تعبيرًا وترسيخًا لموازين القوى. 

تلك الموازين هي نفسها التي أتت بميقاتي رئيسًا مكلفًا ما يؤكّد أن موازين القوى التي تحكم البرلمان الجديد بعيدة كل البعد عن ادعاءات السفير السعودي في لبنان وليد البخاري و"السياديين" و"التغيريين" لناحية الأكثرية، وأنّ الأكثريات والأقليات يُعبّر عنها من خلال الاستحقاقات الدستورية.

ما المطلوب من الحكومة؟ 

ولدى سؤال بزي عن المطلوب من الحكومة في حال تشكّلت، يجيب "بدون أوهام، وبتقدير واقعي شديد منسجم مع واقع الانهيار فإنّ المطلوب من الحكومة أن تحافظ على إدارة الانهيار، وأن تبقى على ربط نزاع مع الملفات الموجودة على الطاولة كملف صندوق النقد، وخطة التعافي، للبدء بتلمّس خريطة طريق للخروج من الانهيار". كما يلفت بزي الى أولوية ملف الحدود البحرية، ذلك الملف الاستراتيجي والأساسي جدًا، والذي قد يفتح على احتمالات متنوعة في الفترة القليلة القادمة، كما أنّ المطلوب والأهم من الحكومة أن تهيئ البيئة لانتخاب رئيس للجمهورية، يختم بزي.

الحكومة اللبنانية

إقرأ المزيد في: خاص العهد