خاص العهد
بومبيو يزور لبنان للتحريض على حزب الله: "لا أهلاً ولا سهلاً"
فاطمة سلامة
لو قُدّر لنا التسلل قليلاً الى بعض الغرف والصالونات التي يجتمع فيها المسؤولون الأميركيون ببعض اللبنانيين المصنّفين كأدوات أميركية في الداخل، لوجدنا أنّ كلمة حزب الله هي الكلمة الأكثر ترداداً في اللقاءات. فأولئك الوافدون من بلادهم الى لبنان بأهداف معروفة مسبقاً وبأجندات محددة تجعل التحريض على حزب الله أولى الوصايا وآخرها في تعليمات "المعلم" الأميركي لمبعوثه الى لبنان. فلا شك أن أولئك يُمطرون من يلتقيهم بأسئلة استراتيجية بالنسبة اليهم عنوانها كيفية التخلص من حزب الله والحد من شعبيته الواسعة. فالنهج الأميركي معروف بعدم تفويته أي فرصة للتآمر والتحريض على حزب الله. فوبيا الحزب تلازم الإدارة الأميركية في كل زمان ومكان، والمطلوب رأسه بأي ثمن. نموذج السفارة الأميركية في عوكر خير دليل على ما سبق. في الكثير من الفترات لم يكن لدى هذه السفارة شغل شاغل غير التجسس على حزب الله، وتتبع أخباره، وكل ذلك لصالح "إسرائيل"، ما حوّل هذه السفارة الى وكر للجواسيس. لم يكن لديها عمل سوى إعداد التقارير والاجتماع بخصوم الحزب لإكمال "جوقة" التحريض والتفرقة.
ولا نبالغ إذا قلنا إنّ واشنطن لا تعير أي اهتمام لمصالح لبنان، وإن فعلتها يوماً، فتّش عن حزب الله. تستعد الإدارة الأميركية لتقديم العروض والإغراءات في سبيل محاصرة هذا الحزب. يعنيها جداً أن تسمع ممن في الداخل كلمات تحاكي الموجة التي تسير عليها. ولا مانع لديها من استغلال زيارات مفوضيها الساميين لبث التحريض على هذا الحزب. واللافت أنّ الاهتمام الأميركي بلبنان يظهر على شكل "مواسم"، تماماً كما يحصل اليوم، حيث تتكثّف الزيارات الأميركية منذ بداية العام، والتي استهلها مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير، ليتبعه مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون ما يسمى مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي في 22 من الشهر نفسه. بعدها زار نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد بيروت مطلع آذار/مارس، لتعلن السفارة الأميركية لاحقاً عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأسبوع الحالي.
بو حبيب: التحريض وارد دائماً
يتناول سفير لبنان السابق في واشنطن عبد الله بو حبيب الزيارات الأميركية المكثفة الى لبنان، بالإشارة الى أنّ الولايات المتحدة الأميركية لديها مصالح في المنطقة -ومنها لبنان- تحاول تحقيقها، عبر تنفيذ أجندة المحور الذي تتبناه وتقوده والذي يضم "اسرائيل" ودول الخليج وعلى رأسها السعودية، بالإضافة الى فئات في لبنان مؤيدة للنهج الأميركي وتغرّد في سربه.
وفي حديث لموقع العهد الإخباري، يلفت المتحدّث الى أنّ الزيارة تقدّم جرعة دعم لبعض الفئات اللبنانية المحسوبة على واشنطن، من خلال الاشارة الى أنّ الولايات المتحدة تقف الى جانبها، خصوصاً بعد الصورة النمطية التي أشيعت عن ترامب والتي وُصف بها بالانعزالي. يُعلّق بو حبيب على زيارة بومبيو من حيث الشكل فيشير الى أنّ وزير الخارجية يحمل الرقم 4 في الترتيب الأميركي بعد الرئيس ونائب الرئيس ورئيس مجلس النواب، وبالتالي فهو أعلى شخص سياسي يزور لبنان في عهد الإدارة الحالية.
وبحسب بو حبيب فإنّ سياسة المبعوثين الأميركيين ومنها ساترفيلد، قامت على رسائل وجّهت الى الحلفاء بضرورة مواجهة حزب الله ومحاربته بقوة في السياسة بالداخل. البعض أعلن للزائر الأميركي استسلامه في مواجهة الحزب. وهنا لا يستبعد سفير لبنان السابق في واشنطن مطلقاً أن يستخدم بومبيو زيارته للتحريض على حزب الله. فهذه النقطة واردة دائماً في سياق التركيز على حزب الله وسلاحه. من وجهة نظر واشنطن من غير المقبول بتاتاً وجود حزب في لبنان يمتلك قدرات عسكرية الى جانب الجيش اللبناني.
طبارة: "أمن اسرائيل" وبترول الشرق الأوسط أولوية أميركا
سفير لبنان السابق لدى واشنطن رياض طبارة يقارب مسألة الزيارات الأميركية بالإشارة الى أنّ السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تسير وفق خطين لا يمكن تخطيهما، تصب في إطارهما الزيارات الى لبنان: "أمن اسرائيل"، وبترول الشرق الأوسط، وفي سبيل ذلك تمارس الولايات المتحدة ما يحلو لها من الضغوط التي تراها مناسبة. وفق أولوياتها وقناعاتها، فإنّ "إسرائيل" يجب أن تكون الأقوى عسكرياً لحماية كيانها.
وفي حديث لموقع العهد الإخباري، يشير طبارة الى أنّ الاهتمام الأميركي بلبنان برز منذ سنوات عديدة، وزاد هذا الاهتمام منذ تولي حزب الله ثالث أكبر وزارة في الحكومة (الصحة)، فهناك تخوف واضح من هذا الأمر. لا ينكر طبارة أن هناك تحريضاً أميركياً على حزب الله. فكيفما اتجه الزوار الأميركيون يستخدمون "شماعة الارهاب" للتصويب على الحزب. زيارة بيلينغسلي مثلاً جاءت لتحذير المصرف المركزي مما يسمونه "استغلال حزب الله نفوذه لمنافعه الشخصية"، وهكذا دواليك، يختم طبارة.