خاص العهد
سوريا: الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي ومشروع "تكريد" المنطقة
محمد عيد
لا توفر الإدارة الذاتية في الشمال السوري فرصة لترسيخ أقدامها في مناطق سيطرتها شمال سوريا. وهي وإن كان يؤرقها رجحان كفة الوجود العربي هناك وما يشكله من عائق أمام هيمنتها المطلقة فإنها حاولت تجاوز هذه المشكلة الكبيرة عبر قيامها بإجراء "إحصاء سكاني" نزعت فيه عن الكثير من العرب صفة الأهالي وأعطتهم توصيف "مقيم" وهم المتواجدون في هذه المنطقة منذ آلاف السنين بحجة انحدارهم من أرياف قريبة، ما أغضب العشائر العربية التي جهرت بأنها لن تقبل بنتيجة أي إحصاء لا تقوم به دمشق.
خطوة جائرة
"الخطوة تحاول تعزيز أهداف "قسد" التي تحاول تكريس حضورها سياسيًا واجتماعيًا وقبل ذلك قوميًا". كان هذا حديث أحمد ابن مدينة الحسكة لموقع "العهد" الإخباري بعدما نزعت الإدارة الذاتية عنه صفة مواطن وأعطته صفة مقيم بحجة أن عائلته لا تنحدر في الأصل من الحسكة وهي المقيمة في المحافظة منذ عشرات السنين.
وغير أحمد الكثير الكثير من العرب الذين تجرعوا عن كره مرارة قرارات مريبة اتخذتها "قسد" وتصب جميعها في سياق إقصاء العرب عن موطنهم التاريخي هناك والحجة الجاهزة لذلك هي " منعهم من الانتماء لداعش أو عودته إلى المنطقة".
في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري يعرض المحلل السياسي اسماعيل مطر ابن مدينة الحسكة مجموعة قرارات حاولت من خلالها "قسد" تعزيز حضورها "القومي" في المنطقة مثل قانون "حماية وإدارة أملاك الغائبين" الذي أجاز للجنة من أعضائه إدارة واستثمار أملاك من غادروا بيوتهم لأكثر من عام بحيث يفقد هؤلاء حقهم البديهي في ريع أملاكهم.
تمييز في القرار
وأضاف مطر في حديثه لموقعنا إن مشروع إحصاء التعداد السكاني يشمل كافة المدن والنواحي والبلدات والقرى في مناطق الجزيرة وهو سيتم على مراحل ويتضمن تعطيل الدوام الرسمي ومنع المواطنين من الخروج من المنزل أثناء عملية الإحصاء مشيراً إلى أن "قسد" تحاول تبرير ذلك عبر حديثها عن إنشاء قاعدة بيانات أساسية عن السكان والمساكن التي تساعد بدورها في تنفيذ "خطط تنموية" للمنطقة.
ولفت المحلل السياسي في حديثه لموقعنا إلى أنه نتيجة للضغوط الشعبية من العرب في الجزيرة والذين يشكلون حوالي ٧٥ في المئة من السكان، تراجعت "قسد" عن قانون "حماية وإدارة أملاك الغائبين" والذي عرف الغائب بأنه "كل من يحمل الجنسية السورية أو ما في حكمها ويقيم إقامة دائمة خارج حدود البلاد ولا يقيم أحد من أقاربه من الدرجة الأولى أو الثانية في سوريا".
ونوه مطر إلى أن القانون الملغى ومعه قانون الاحصاء الذي يبدو أن الإدارة الذاتية ماضية فيه يتعارض مع ما يسمى بـ "العقد الاجتماعي" الذي أصدرته "قسد" نفسها ويفترض به أن يصون الملكية الشخصية بشكل مطلق.
وأضاف أن صفة "المقيم" التي أعطيت للكثير من العرب الذين يسكنون في هذه المنطقة منذ عشرات السنين لم تقم "قسد" باعطائها للمهجرين من عفرين وعين العرب وغيرهما من البلدات الكردية التي يسيطر عليها المحتل التركي الأمر الذي يكشف "النزعة القومية" لدى متخذي القرار ويعري "قسد" وكل مزاعمها في النهوض تنمويا بالمنطقة خصوصا أن الاحتلال الأمريكي هو الذي يرسم لها كل هذه القرارات.