ابناؤك الاشداء

خاص العهد

أردوغان يدعو الغرب لتوطين مليون لاجئ سوري في شمالهم: لمن توجه أنقرة رسائلها؟
22/05/2022

أردوغان يدعو الغرب لتوطين مليون لاجئ سوري في شمالهم: لمن توجه أنقرة رسائلها؟

دمشق ـ محمد عيد
رسائل عديدة تنطوي عليها دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للغرب من أجل مساعدته في توطين مليون لاجئ في الشمال السوري، وهو إذ يفعل ذلك يطلق رسائله في تجاهات شتى، نحو الداخل التركي وكل من دمشق وطهران وموسكو وواشنطن وبروكسل لأسباب عديدة.

رسائل للداخل التركي

يرى السياسي السوري الكردي ريزان حدو أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية بدأا بطرح موضوع عودة اللاجئين ضمن مناسبات أو تجمعات ضمن إطار الشأن الداخلي التركي ومخاطبة الرأي العام هناك، وهذا يعني بالضرورة أن الأمر كان يجري في اطار التجهيز للحملات الانتخابية في العام القادم.

وفي حديث خاص بموقع" العهد" الإخباري أشار حدو إلى أن هذه الخطوة تأتي ردا على دعوات الأحزاب التركية المعارضة، والتي كانت تدعو أيضاً ضمن برامجها وتحضيراتها المسبقة للانتخابات لحل مشكلة اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا، وتحميل حزب العدالة والتنمية، وسياسات الرئيس التركي المسؤولية عن وجود الملايين من اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية، ومن غير السوريين كذلك ممن يتم تجهيزهم باعتبار أن تركيا هي ممر باتجاه أوروبا، أو ممن يقطنون في تركيا كملاذ أخير مثل أبناء وسط وشرق آسيا،  كدول الاتحاد السوفياتي السابق ومواطنين من أفغانستان وباكستان وغيرها والإيغور القادمين من الصين.

ويضيف السياسي السوري الكردي في حديثه لموقعنا بأن الموضوع السوري هو الأساس باعتبار أن سورية هي على حدود تركيا، وعدد اللاجئين منها كبير مشيراً إلى أن تصريح الرئيس التركي يحمل عدة رسائل:
 

أردوغان يدعو الغرب لتوطين مليون لاجئ سوري في شمالهم: لمن توجه أنقرة رسائلها؟
ريزان حدو

الرسالة الأولى: بأنه موضوع داخلي تركي يسعى من خلاله أردوغان لسحب هذه الورقة من أيدي الأحزاب المعارضة التي تتهمه مع سياسات العدالة والتنمية بإغراق تركيا باللاجئين ما يشكل "تهديداً كبيراً على الأمن القومي التركي".
 
ولفت حدو إلى أن إعلان أردوغان عن عودة "طوعية"  للاجئين تزامن مع السخونة العسكرية والتصعيد الذي حصل مؤخرا في ريف حلب الشمالي، وهذه المنطقة كانت تقريباً تعيش في حالة هدوء نسبي تتخلله انتهاكات للجيش التركي وفصائل المعارضة، وكان هناك حالات استهداف متقطع عبر المسيرات أو قذائف المدفعية ولكن التصعيد، وبحجم ما قام به "أحرار الشام"، والذي جاء حتماً بضوء أخضر تركي من استهداف باص مبيت يضم القوات الرديفة للجيش السوري في ريف حلب الغربي، والذي أدى إلى استشهاد عشرة مقاتلين وجرح عشرة آخرين أيضاً.

رسالة إلى إيران

ويضيف السياسي السوري الكردي بأن هذا التصعيد التركي إن كان عسكرياً أو سياسياً يحمل في طياته كذلك رسالة إلى إيران حيث يوجد الكثير من التوترات والاختلافات بين الجانبين، لكن يتم إدارة هذا الموضوع بطرق دبلوماسية، وقد برز هذا التوتر مؤخراً عندما أعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن استنكاره واستغرابه من قيام الحكومة التركية ببناء سدود على نهر "آراس"  الذي يدخل إلى الأراضي الإيرانية، مما ينعكس على حصة إيران من هذه المياه كما سجل اعتراض إيراني على قيام تركيا بالتوغل في شمال العراق وتركيز عملياتها العسكرية تحديداً في منطقة سنجار في شمال العراق.
 
وأيضا فقد جاء هذا التصعيد التركي بعد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى العاصمة الإيرانية طهران، وحديث السيد علي الخامنئي عن دعمه للحكومة السورية، وتحديداً في إطار جهودها لاستعادة كل الأراضي السورية، وواضح بأن تركيا تفهم بأن هذه الرسالة موجهة لها باعتبارها تحتل مناطق واسعة في سورية (شرق الفرات رأس العين وتل أبيض) و(غرب الفرات نتحدث عن المنطقة الممتدة من جرابلس مروراً بالباب والراعي ومارع واعزاز وعفرين وريف حلب الغربي مروراً أيضا إلى إدلب ووصولاً أيضا إلى مناطق في ريف اللاذقية الشمالي) حيث يتواجد الجيش التركي والحكومة التركية والمخابرات وحتى الولاة والوزراء الأتراك يديرون تلك المناطق بشكل مباشر.

رسالة إلى دمشق

ويلفت السياسي الكردي في حديثه لموقعنا بأن الرسالة الأخرى من هذا التصعيد التركي سياسياً أو عسكرياً موجهة إلى دمشق، وقد لوحظ أن وسائل إعلام تركية مقربة من حزب العدالة والتنمية نشرت أخباراً عن لقاءات بين مسؤولين سوريين وأتراك، والتي جاءت بالتزامن مع طرح أحزاب المعارضة التركية ضرورة التواصل مع دمشق لحل عدة مشاكل، وأهمها مشكلة اللاجئين السوريين وأيضا مشكلة الأمن القومي التركي، ومشكلة الحدود السورية التركية وأيضاً المشكلة الاقتصادية بالنسبة لتركيا، والذي يعتبر الوضع في سورية أحد أسبابها كعدم قدرة تركيا على نقل بضائعها ومنتجاتها عبر الأراضي السورية برا كما كانت تفعل قبل العام ٢٠١١ إلى دول الخليج والاردن ومناطق أخرى.

كما أن أردوغان أراد من خلال تسريبات الصحف المقربة من حزب العدالة والتنمية الإيحاء بأن تركيا تتحاور مع دمشق أيضا من أجل سحب هذه الورقة من أحزاب المعارضة. والخارجية السورية التي تلقفت ما يجري أصدرت بياناً شديد اللهجة فندت فيه هذه الاخبار ووصفتها بالأكاذيب، وأيضاً وصفت النظام التركي بأنه ارهابي يدعم الجماعات الإرهابية فأحرقت بالتالي هذه الورقة التي كان يستخدمها اعلام حزب العدالة والتنمية.

أردوغان يدعو الغرب لتوطين مليون لاجئ سوري في شمالهم: لمن توجه أنقرة رسائلها؟

عودة اللاجئين..رسالة مزدوجة

كما يشير حدو في حديثه إلى موقع" العهد" الإخباري إلى أن هناك رسالة مزدوجة إلى روسيا وامريكا تقوم على اللعب على مفهوم التناقضات.

رسالة إلى روسيا تحثها على تلبية  المزيد من المطالب التركية على اعتبار ان هناك فصائل معارضة في سورية تطالب باستغلال الانشغال الروسي في معركة أوكرانيا لفتح الجبهات، والتركي يقدم نفسه بأنه هو الضامن والمتحكم بهذه الجبهات فهو يرسل رسالة إلى موسكو مفادها بأنني إن رفعت يدي عنهم فسوف يزعجونك وما جرى من تصعيد في ريف حلب الغربي وفي إدلب هو مثال على ذلك.
 
ويضيف السياسي الكردي بأنه وفي المقابل هناك رسالة تركية إلى واشنطن وحلف الناتو تقول بامتلاك أنقرة  ورقة تستطيع من خلالها إحراج روسيا ليس فقط في روسيا ولكن في المناطق التي تحمل بعدا استراتيجياً لها كسورية ويمكن استخدام هذه الفصائل لممارسة الضغوط على روسيا في سورية.

كذبة كبرى

يشير السياسي السوري الكردي في حديثه لموقعنا إلى أن ما أعلنه الرئيس التركي هو" كذبة كبيرة" ولا يوجد عاقل ومتابع يمكن أن يصدق ما أعلنه من عودة" طوعية وآمنة"، وأي سوري يريد أن يعود برغبته سيعود إلى بيته وحيه ومنطقته وقريته وليس من أجل جره كي يسكن في بيت سوري آخر مهجر كما يجري الحال في عفرين، حيث يرغب التركي بأن ينشئ سياجا بشريا من مؤيدي وتابعي حزب العدالة والتنمية إضافة إلى الجدار الاسمنتي يفصل بين الأراضي السورية والأراضي التركية.

ويكمل حدو بأن من يتم نقالهم "لتوطينهم" في الشمال السوري هم عنصران: العنصر الأول نوع مرتبط عقائديا بحزب العدالة والتنمية والحديث هنا عن الإخوان المسلمين.

والعنصر الآخر يقوم على اللعب على الوتر العرقي وتحديداً التركمان السوريين المرتبطين بالاتراك، وبالتالي نحن نتحدث هنا عن مخطط خطير لهندسة سكانية جديدة وتغيير جغرافية الشمال السوري، وبالتالي نتحدث عن تكرار لمأساة لواء اسكندرونة كما نتحدث عن سيناريو شبيه بسيناريو دولة شمال قبرص. كما أن تحويل الشمال السوري وتحديداً المناطق الجبلية مثل عفرين على سبيل المثال، توفر تحصينات للجماعات الإرهابية والتكفيرية وتحميهم من الغارات الجوية، ما يعني محاولة انشاء نسخة عن جبال تورا بورا في أفغانستان لتحويل هذه المنطقة إلى مستودع يضم الجماعات الإرهابية، اما لاستخدامها في الداخل السوري لأن المشروع التركي لم يرفع الراية البيضاء بعد وما زال الرئيس التركي يعمل على تحقيق مشروعه "العثمانية الجديدة "، وهو يرى أن حلب بوابة تحقيق هذا المشروع والرئيس التركي دائما يستخدم التاريخ لذلك "علينا أن لا ننسى" بأن الدخول العلني للجيش التركي إلى سورية في جرابلس كان في ٢٤ آب/ أغسطس ٢٠١٦ أي بالتزامن مع ذكرى مرور ٥٠٠ عام على معركة مرج دابق التي انتصر فيها العثمانيون على المماليك وتمكنوا بعدها من السيطرة على بلاد الشام ومصر.
 
ويضيف حدو: إضف إلى ذلك أن تحويل الشمال السوري إلى مستودع يضم الإرهابيين والتكفيريين لاستخدامه في الداخل السوري فضلاً عن تجميع الإرهابيين كذلك من كل أنحاء العالم لاستخدامهم في مناطق أخرى( ليبيا وناغورني قرباخ)، فبالتالي فإن العودة "الطوعية" للاجئين السوريين إلى سورية هي كذبة كبيرة تحت عناوين إنسانية تحقق مصالح حزب العدالة والتنمية بعيداً عن مصالح الشعب التركي، وهذه المخططات لا تستهدف سورية فقط وانما دول وشعوب المنطقة وأول المتضررين من هذه المشاريع إن تحققت هم اللاجؤون السوريون و بالتحديد الذين يتحدث عنهم الرئيس أردوغان.

شروط العودة الآمنة

يؤكد ريزان حدو الذي هجره الجيش التركي مع مئات الألوف من أبناء مدينة عفرين السورية أن الجميع مع عودة اللاجئين، ولكن العودة الحقيقية هي عودة السوريين كل إلى بيته وقريته ومدينته وليس تحويل السوريين إلى مجرد جدار حدودي أو دريئة اومرتزقة يقتلون هنا وهناك خدمة لمشاريع ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.

مضيفاً بأن عودة السوريين اللاجئين إلى بيوتهم وقراهم تحتاج الى عدة شروط رئيسية اولها وجود الحل السياسي ثانيها إعادة الإعمار والأهم من أجل تحقيق ذلك يجب أن تكون الأراضي السورية خالية من القوات العسكرية المحتلة ومن الجماعات الإرهابية وعندما تتحقق هذه الشروط فإن قسما كبيرا من اللاجئين سيعود إلى بلده.
 
أما ما يقوم به الرئيس التركي من شن حرب على منطقة مثل عفرين والقيام بتهجير مئات الالاف من سكانها، ثم يأتي بأناس آخرين إن كانوا سوريين أو غير سوريين (اوزبك ـ ايغور ـ الشيشان ـ وسط وشرق آسيا ـ شمال افريقيا وبعض دول الخليج) كلهم يريد أردوغان أن يسكنهم في سورية من خلال بناء مستوطنات لهم واحداث تغيير ديموغرافي بحق السكان الأصليين، "هذا سيناريو مستوطنات على الطريقه الصهيونية كما يفعل الصهاينة في فلسطين".
وسجل السياسي السوري الكردي عتبه الكبير على بعض الدول العربية  التي تساعد أردوغان في مخططه، "هناك جمعيات كويتية ـ دعني اسمي الأمور بمسمياتها ـ إضافة إلى الدور القطري الكبير والواضح، والأغرب أن هناك جمعيات فلسطينية تمول بناء هذه المستوطنات وأتمنى عبر منبركم أن تصل هذه الرسالة إلى الرأي العام السوري والعربي لكي يفهم جيداً ما يخطط له".

اللاجئون

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل