خاص العهد
هل تتسلّل موجة "كورونا" جديدة من بوابة الانتخابات؟!
علي ماضي
يعتبر النسيان نعمة في كثير من الأحيان، لكنه في مواضع كثيرة يكون نقمة توقع المرء في حفرة سبق أن وقع فيها. وفي لبنان ورغم أن مئات الآلاف كانوا فريسة لفيروس كورونا وفقد الآلاف أعزاء لهم خلال العامين الماضيين، إلا أن ذاكرتهم ضعيفة، وهم نسوا أو تناسوا مؤخرًا عدوًا فتك بالعالم وساهم بشكل كبير في انهيار اقتصادات دول، وجعل من الناس سجناء منازلهم، وأوصل آخرين إلى حافة قبورهم.
مؤخرًا، لم يعد اللبناني يعبأ بإجراءات حماية من هذا الفيروس ومتحوراته، فصار ارتداء الكمامة عيبًا في كثير من الأحيان، وانتهى التباعد الاجتماعي، وعادت التجمعات على أنواعها دون الأخذ بالاعتبار أنّ كثيرًا من الدول لا تزال تعاني من انتشار الفيروس، عدا عن متحورات جديدة تولد في أكثر من منطقة. والسؤال الذي يُطرح، هل أن البشر كسبوا معركة في الحرب الكبيرة مع هذا الفيروس، أم أن "كورونا" سيشن هجومًا معاكسًا وهو الآن يأخذ فترة استراحة كجمرٍ تحت الرماد؟.
الاختصاصي في الأمراض الجرثومية وعضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة لمتابعة كورونا البروفسور جاك مخباط، ينبّه في حديث لموقع "العهد" الإخباري إلى أن إعلان الانتصار على كورونا جاء باكرًا جدًا إن في لبنان أو خارجه، وبرأيه يجب الانتظار لنرى إن كان لدى هذا الفيروس متحورات، أو أنه ينتفض من جديد، لا سيما مع انخفاض وتيرة الإقبال على تلقي اللقاحات.
ويلفت البروفسور مخباط إلى ظهور أعداد مصابة بمتحورات جديدة في شرقي الصين وفي أوروبا، حيث نرى الأعداد مستقرة وتراوح ضمن نسبة معينة في عدد من الدول الأوروبية؛ مثلًا في إسبانيا، ظهر متحور جديد لا يتجاوب مع المضادات الحيوية التي قد تنجم لدى أشخاص سبق وأصيبوا بالفيروس.
ويضيف مخباط "إجمالًا عدد كبير من الناس أخذوا اللقاح منذ أكثر من ستة أشهر في لبنان أو خارجه، وتوقف الحماس لزيادة جرعات اللقاح"، وقد اعتبر الناس أن الوباء انتهى، فلماذا عليهم أخذ جرعة جديدة من اللقاح لتقوية مناعتهم؟". ويردف "نحن نعرف أنه وللأسف هذا اللقاح لا يعطي حماية نهائية، مثل لقاحات الحميرة أو الجدري أو الحصبة (التي تعطي حماية لمدى الحياة تقريبًا)، بل إنّ هذا اللقاح يعطي حماية لعدة أشهر فقط، ويجب إعادة التلقيح من أجل إعادة تقوية المناعة".
وعليه، وبحسب مخباط، هذه هي المشكلة التي نواجهها، حيث صار هناك تلكؤ بالوقاية الاجتماعية ولم يعد أحد يرتدي الكمامة، كما حصل تلكؤ بالتلقيح وانخفضت وتيرته، وبدأت السهرات والحفلات والتجمعات.
ويلفت البروفسور مخباط إلى أنّه في لبنان، بدأنا بأول تجربة كانت جيدة نوعًا ما، حيث مرّ عيدا الفصح وشهر رمضان بما فيه من إفطارات إضافة لعيد الفطر، مرّت 3 أعياد ولم ترتفع أعداد الإصابات، وما نراه اليوم من ارتفاع في أرقام الإصابات هو نتيجة هذه الأعياد التي مرّت.
وإذ يطمئِن مخباط إلى أن هذه الأعداد لا تشغل البال، يشير إلى أنه كان متخوفًا أكثر بعد هذه الأعياد أن ترتفع أكثر مما هي عليه الآن، شاكرًا الله أنها لم ترتفع أكثر.
وينبّه الاختصاصي في الأمراض الجرثومية من ثلاثة اختبارات سنمرّ بها، سائلًا الله أن "نقطعها على خير":
أولًا - الانتخابات النيابية المقبلة، حيث يبدي تخوّفه من زحمة الناس خلالها، وأنهم سيكونون محشورين ضمن طوابير للإدلاء بأصواتهم، مشددًا على ضرورة التقيّد بالكمامة والتباعد الاجتماعي.
ثانيا- موسم الصيف، حيث سيأتي المغتربون وتكون هناك مزيد من السهرات والحفلات لا سيما حفلات الأعراس.
ثالثًا- عودة الطلاب إلى المدارس على أبواب أشهر الشتاء، حيث كنا نشهد ارتفاعًا قويًا للإصابات بعد أعياد رأس السنة وأعياد الميلاد.
واذ يعرب البروفسور مخباط عن أمله بأن نقطع هذه الامتحانات، لا سيما الأول والثاني منها، يوصي بأخذ اللقاح ثم اللقاح، وأن يستكمل المواطنون جرعات اللقاح، كما أنه لا ينبغي للمواطن انتظار وزارة الصحة لتتصل به وتدعوه لأخذ اللقاح، بل عليه أن يبادر هو ويتوجه إلى مراكز التلقيح.
ويعطي مخباط مثالًا أنّه في القسم الخاص باللقاحات في مستشفى رزق يفتح يومين أسبوعيًا، دون أن يكون هناك إقبال من المواطنين لأخذ اللقاح.
ويختم مخباط مؤكدًا ضرورة تقوية حملة التلقيح وحملات التوعية بين الناس، مشددًا على ضرورة أن تتم دعوة المواطنين لأخذ اللقاح على أبواب الانتخابات الأسبوع المقبل.
فيروس كوروناجاك مخباطلقاح كورونا