خاص العهد
أين التعليم من فلسطين؟
لطيفة الحسيني
قبل 43 عامًا، أعلن مُفجّر الثورة الاسلامية في إيران الإمام الخميني (قده) آخر جُمعة من شهر رمضان يومًا عالميًا للقدس. أضحى ذلك مناسبةً سنوية يتوزّع الاحتفال بها في كلّ الدول، وحيث وُجد من آمن بقضية المسلمين الأولى.
أجيالٌ تلو أجيالٍ تربّت على تقدير قيمة فلسطين، حتى لوّث المُطبّعون المسيرة. الصغار قد يكونون أوّل المُتأثّرين بالظروف المستجدة، إيجابًا أم سلبًا. كيف يبدو الوضع لدى طلاب لبنان؟ هل يُؤدي القطاع التربوي "قسطه" لتوعية التلامذة تجاه القضية المركزية للأمّة؟
بحسب ما يقول علي مشيك منسّق مادتي التاريخ والتربية في إحدى المدارس اللبنانية لموقع "العهد الإخباري"، يبدأ تعليم مادتي التاريخ والجغرافيا في المدارس الخاصة في الصف الثالث الابتدائي، أمّا في المدارس الرسمية فهو متوقّف في صفوف الحلقة الثانية منذ أكثر من 20 سنة بسبب الأوضاع في لبنان، لكنه مستمرّ في الحلقة الثالثة.
في الصف التاسع يتعرّف الطلاب على فلسطين من خلال درس عن نكبة فلسطين ودرسيْن عن الحروب العربية الاسرائيلية وهو ما جرى استحداثه في آخر أربع سنوات.
بحكم سنوات تعليمه، يُلاحظ مشيك أن هناك من يتعاطى من الطلاب مع دروس التاريخ والجغرافيا على أنها فروض إضافية ليس أكثر، وهناك من يتأثّر بطريقة تلقين الأساتذة لهذه المعلومات، وكيف يستطيعون أن يُشعرونه بالعلاقة مع فلسطين من خلال دمج التربية مع التاريخ.
وعي الطالب من وعي معلّميه
لدى الدكتور يوسف كنعان، رئيس تجمّع المعلمين في لبنان والأمين العام المساعد لاتحاد المعلمين العرب، مُقاربة موسّعة ومطوّلة للمسألة.
وفق ما يشرح كنعان لـ"العهد"، يتحمّل التربويّون المسؤولية الأساس في توجيه المجتمع وتحصينه، فوعي الطالب من وعي معلّميه وبيئته.
يجزم كنعان بأن القضية الفلسطينية في لبنان وبساحات واسعة من المعلمين والطلاب، لا زالت في صلب الاهتمام، ونسبة وعي الطلاب متفاوتة بحسب الخلفيات الثقافية والكتب المُعتمدة.
على الرغم من ذلك، يُشكّل التطبيع الجارف اليوم في عدد من العواصم العربية تحديًا للمدارس والأساتذة على حدّ سواء. كنعان يرى أن التطبيع في ذاته هدفٌ من الأهداف الاستراتيجية للعدو الصهيوني، ويستشهد بما قاله الكاتب الصهيوني ألوف هارايفن حول أن هناك أربع عقبات صعبة أمام التطبيع أهمّها: الموقف الثقافي والعقائدي للعرب وللإسلام تجاه "إسرائيل" واليهود، والحلّ (بنظره) يستدعي الاعتماد والارتكاز على ضرورة وجود برامج مركّبة في المجال التعليمي الثقافي وتغيير المناهج المعتمدة، بهدف تفتيت الملامح السلبية ونظرتنا لهذا العدو الغاصب.
يُبيّن كنعان أن أخطار التطبيع الثقافي تتمثّل في تدمير مقوّمات الأمة، باعتبار أن الهيمنة على روح الأمة وعقلها وفكرها ووجدانها، يشكّل بالنسبة للعدو هدفًا رئيسيًا وسياسةً ثابتة.
أين وزارة التربية؟
ماذا يُمكن لوزارة التربية أن تفعل إزاء ذلك؟ يُسهب كنعان هنا في شرح المسؤولية المترتّبة على الوزارة المعنية، فيُشير الى مستوييْن، الأول علني عبر منع استخدام بعض المصطلحات الصريحة والواضحة -في النصوص- التي ترمز إلى التطبيع، مثل: كلمة "إسرائيل" بدلًا من الكيان الغاصب، أو بدلًا من "فلسطين المحتلة"، أو كلمة "السلام الشامل" في الشرق الأوسط، دون توجيه المضمون، وحظر استخدام الخرائط أو الأشكال التي تغيّب فلسطين عن العالم العربي أو الإسلامي.
ثاني مستوى ضمني ويكمن في منع استخدام بعض المصطلحات غير الصريحة -في النصوص- التي يمكن أن تحمل عدة أوجه، وترمز إلى التطبيع، مثل: كلمة "السلام" بدلًا من تقييدها باسترجاع الحقوق، والأراضي المحتلة.
على وزارة التربية كذلك اتخاذ عدد من الخطوات. بناءً على كلام كنعان، يمكنها إصدار القرارات والتعاميم والمراسيم الحكومية وتطبيقها والتي تنصّ على منع ما تحتويه الكتب (المحلّية والمستوردة) من إشارة إلى أيّ شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، كما تستطيع الإيعاز بعدم تغييب أو إغفال القضية الفلسطينية
أو موضوع المقاومة للمحتل، والتدقيق ورفض أيّة مشاريع تطوير المناهج الدراسية المموّلة دوليًا والتي تفرض شروطها وقيمها.
يُشدّد كنعان على أن وظيفة التربويين ألّا يرضخوا ويستسلموا لأيّ شكل من أشكال الابتزاز، والمساعدات المشروطة لثنيهم عن التمسّك بفلسطين وبخياراتنا المقاومة للاحتلال الصهيوني.
صون الطلاب من التطبيع
كيف نحمي الطلاب من أيّ انجرار وراء أفكار الخضوع للعدو؟ يُجيب كنعان بسلسلة نقاط يوردها كالآتي:
* العمل على صون الوعي الجماعي لمجتمعاتنا في مجال مقاومة التطبيع التربوي والاقتصادي والثقافي والرياضي.
* تضمين مناهج التعليم العام ومشاريع التطوير التربوي العناصر الضرورية لمقاومة العدو الصهيوني.
* التشدّيد على إيلاء محور القضية الفلسطينية في المناهج التربوية الأهمية القصوى، ولحظه في التقويم أيضًا، لا سيّما في الامتحانات الرسمية، وبخاصة في دروس التاريخ ومنهج التربية الوطنية والتنشئة المدنية.
* توجيه برامج خدمة المجتمع نحو الأنشطة المتعلقة بالتزام المربين والمتربين بمناصرة القضية الفلسطينية
* إعداد مستندات في مختلف المواد التعليمية تتناول القضية الفلسطينية ومقاومة التطبيع وتوفيرها للمعلّمين
* الاهتمام بالأدب المقاوم كمادة تربوية وتعليمية في مجتمعنا العربي والإسلامي.
* تركيز المعلمين على استعراض الانجازات والانتصارات التاريخية والمعاصرة التي تحققت على العدو الصهيوني من فلسطين مرورًا بمصر وسوررية إلى لبنان.
* تنظيم مسابقات ثقافية للطلاب والمعلّمين عن القضية الفلسطينية
* إحياء المناسبات التي تتّصل بالقضية الفلسطينية والأيام المجيدة التي انتصرت فيها الأمة على العدو الصهيوني كذكرى يوم الأرض (30 آذار) وذكرى عيد المقاومة والتحرير في لبنان (25 أيار).
* تضمين الامتحانات الرسمية/ الحكومية أسئلة عن القضية الفلسطينية.