خاص العهد
الشيخ سلمان قائدٌ لا يغفل عن شعبه
لطيفة الحسيني
يزيد السجن المؤبّد عزيمة الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية الشيخ علي سلمان. لا تُبدّل الزنازين شيئًا في قناعاته. صلبًا يبقى، لا تهزّه أعوام حجز حرّيته الطويلة. في الأصل، يُدرك ضريبة النضال بوجه السلطة. منذ التسعينيات سعى وأسّس كي يصل صوت الشعب الى مسامع الحكّام، حتى لا يدوم التفرّد الى ما لا نهاية.
من يتواصل اليوم مع سماحته، يسمع عن تصميمٍ استثنائي يتحلّى به، لم يعهده أيّ معتقل سياسي سابقًا. الإصرارُ حاضرٌ بقدر قوّة المنطق ومُلازمة المواقف. تجربةٌ ينهل منها الأحرار ورفاق الحراك في كلّ المحطّات.
شعبية "القائد" كما يُسمّيه البحرينيون لم تتراجع بل تضاعفت. على الرغم من العقوبة الجائرة بحقّه، يمضي الشيخ سلمان حازمًا وباسلًا وعزيزًا، مُتسلّحًا بيقين يُظلّل "جهاده"، فيتحوّل الى قلعةٍ راسخة يستمدّ منها أبناء الوطن الثبات على المبادئ والبأس في الشدائد.
كيف تمرّ الأيام على الشيخ سلمان؟ وكيف يطمئنّ على أحوال الأهل والأصدقاء والرفاق؟ وماذا عن شؤون الوطن؟ هل يستطيع مواكبتها؟ وبِمَ يوصي؟
بعد مضيّ 8 سنوات على اعتقاله، تتحدّث زوجة الأمين العام لـ"الوفاق" علياء رضي لموقع "العهد الإخباري" عن يوميّات سماحته وهواجسه واهتماماته.
حرّية المعتقلين من حريّته
تقول رضي لـ"العهد": "منذ اليوم الأوّل لاعتقاله، لم أرَ منه إلّا الصمود والثبات والإصرار على موقفه في نُصرة شعبه والعمل على نيل مطالبه. لقد لمستُ رضاه وسعادته لأنه يعيش محنة الاعتقال كما يعيشها أبناء الوطن، وباعتقاله يُشاركهم آلامهم وهمومهم ومِحنتهم، فكثيرًا ما أسرّ لي عن ألمه وحزنه لأنه حرّ والإخوة من الرموز وأبناء الشعب في المُعتقل". وتشير الى أن سماحته "يوصي من مُعتقله بتقديم المطالبة بإطلاق سراح المُعتقلين كافة على المُطالبة بإطلاق سراحه في كلّ حراك ومحفل، لأنه واحد منهم وحريّته هي حريتهم".
معلم صبر
تصف رضي الشيخ سلمان بـ"معلم الصبر والصمود والثبات". وهنا تقف عند حجم "المعنويات" التي ينشرها لدى "صحبه"، وتلفت الى أنه "هو من يأخذ بيدنا نحو الصبر والاحتساب في كل ما يقع علينا، ويمسح آلامنا بابتسامته وكلماته الواثقة المؤمنة"، وتُضيف "يرسم بثباته أعلى معاني ومضامين الحرية وهو خلف قضبان صدئة. لا تعنيه تلك المسافة الضيّقة، فقلبه فضاء رحب يسع الجميع".
التواصل مستمرّ رغم القضبان
في شباط/فبراير 2019، توقّفت زيارات العائلة لسماحته بحجة "كورونا"، كما تُفيد زوجته، لكن التواصل مستمرّ من خلال الاتصالات المسموعة والمرئية، غير أن الشيخ سلمان امتنع ورفاقه الرموز قبل هذا التاريخ عن استقبال الزائرين لأن ذلك سيكون عبر حاجز زجاجي.
ظروف السجن ليست مثالية. بحسب رضي، يتعرّض الشيخ سلمان لمُضايقات، غير أنه يتجاوز ذلك بصبره، فيطمئن على الأهل والأصدقاء بالاتصالات.
نذر نفسه للشعب
يوميّات الشيخ سلمان في المعتقل تدلّ على حجم الصلابة التي يتمتّع بها. في هذا السياق، تلفت رضي الى أنها لم تستشعر أبدًا شعور الإحباط لديه أو الندم على التضحية والسجن طوال هذه الفترة، وتنقل عنه أنه "نذر نفسه لهذا الشعب وهذا الوطن ولقضيّته ومطالبه العادلة"، وتردف "وطّن نفسه على تبعات هذا النضال والجهاد منذ أكثر من 25 عامًا، فلم يخشَ خلالها لومة لائم ولا سجنًا ولا تهديدًا، خاصة أنه مرّ بتجربة النفي في أزمة التسعينيات ولم يُثنه ذلك عن عزمه في انتزاع حقّ وحرية هذا الشعب مهما كلّف هذا من أثمان".
وقت لا يذهب سدى
أوقات الشيخ سلمان لا تذهب سدى. القراءات الدينية المتنوّعة والعبادة ملجؤه، وهذا ما يُشعره بالاطمئنان. أمّا الوطن وشؤونه فمحطّ متابعة مستمرّة لدى الشيخ سلمان. توضح رضي لـ"العهد" أن سماحته يتابع التطورات، وتُبيّن أن "عائلته وأصدقاءه ينقلون له آخر المستجدات والأوضاع والبيانات وتحرّكات المنظمات من أجل قضية البحرين وأيّة تصريحات ذات علاقة بالبحرين، كما يقرأ الصحف اليومية ويتابع الأخبار من بعض القنوات المُحدّدة فقط".
الأزمة السياسية مستمرة
مواقف الأمين العام لـ"الوفاق" تجاه الأوضاع في البحرين لا لُبس فيها. "يعلم الشيخ سلمان بأنه ما دام مُعتقلًا فالأزمة السياسية مستمرة. يتألّم لحال أبناء الوطن ويفكّر فيهم أكثر مما يفكّر في حاله، ويدعو دائمًا للعمل من أجل المطالبة بإطلاق سراحهم، قبل أن يطلب العمل من أجله ومن أجل قضيته، فهو يعتبر آلام وقضايا الشعب قضيّته الأولى وهاجسه الأكبر"، على ما تؤكد رضي لـ"العهد".
وعليه، تكشف زوجته أن "الهمّ الأساسي بالنسبة للشيخ سلمان هو أن ينعم الشعب بجميع حقوقه بلا منّة، وأن يتمتّع بحقه السياسي بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وبالتوزيع العادل للثروات، وأن يعود كل معتقل لبيته وكل مغترب لوطنه، وأن تنام الأمهات بطمأنينة كلّ ليلة بلا خوف من اقتحام المنازل في أيّة لحظة وانتزاع فلذات أكبادهن من أحضانهن، وأن يعيش أطفالنا الأمان فلا يبكون كل ليلة شوقًا لآبائهم الغائبين".
فلسطين في وجدان الأمين
فلسطين حاضرة في عقل الشيخ سلمان أيضًا. وفق زوجته، سماحته كغالبية شعب البحرين، "فلسطين في قلبه ووجدانه ويتضامن مع شعبها ويقف ضدّ التطبيع مع العدو الاسرائيلي ويرفض تدنيس أرضنا الطاهرة بالصهاينة، ولا سيّما أن هناك تاريخًا من النضال ضد التطبيع؛ فقد خرج الشعب في مسيرات تضامنية مع فلسطين رغم القمع والحصار، وقد سقط منه الشهيد محمد جمعة الشاخوري في ٧ نيسان/أبريل ٢٠٠٢ قتلًا على يد قوات النظام البحريني بالقرب من السفارة الأمريكية أثناء التظاهرات ضد الكيان الصهيوني، ودفاعًا عن غزة، كما كان يحيي قبل اعتقاله يوم القدس العالمي كلّ عام بالمشاركة في الفعاليات والخطابات والمسيرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني".
آية الله قاسم القدوة
يُشكّل المرجع الكبير آية الله الشيخ عيسى قاسم قدوة بالنسبة للشيخ سلمان. زوجته تنقل عنه أنه "يشعر بالألم الشديد بسبب الظلم الذي وقع على سماحته ويدعو له دائمًا بالعودة القريبة الى أرضه وأرض أجداده ومسقط رأسه البحرين، فحقّه أن يكون على أرضه وبين أهله وشعبه الذي يشتاق له".
جمعية الوفاق البحرينيةالشيخ علي سلمانالمعارضة البحرينية