خاص العهد
عيد "النوروز": مناسبة للدفع نحو الحوار بين دمشق والقوى الكردية
محمد عيد
احتفل السوريون الكرد بعيد "النوروز" كما لم يفعلوا سابقًا. المناسبة على ما شهدته من مظاهر احتفالية صاخبة مهدت لإطلاق "رسائل وطنية" تحث على عودة الحوار بين دمشق والقوى الكردية التي بقي عديدها رهنًا لتدخلات أمريكية لجمت رغبة عموم الأكراد بالتفاهم مع دمشق على قاعدة الصراحة والشفافية والمصلحة الوطنية العامة التي تبقي على خصوصية القومية الثانية في البلاد.
احتفالية مختلفة
في شكل الاحتفال بعيد "النوروز" الذي شهدته دمشق وعدد من المناطق التي يقطنها سوريون أكراد كان الأمر مختلفًا عن السنوات السابقة. جاهر الكرد السوريون في إبراز خصوصيتهم الثقافية بمباركة ورضى رسمي من الحكومة السورية وأجهزة الأمن. ارتفعت صور عبد الله أوجلان الزعيم الكردي المعتقل في تركيا ورايات حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، ومن قلب دمشق التي تربطها علاقة شائكة مع قوات سورية الديموقراطية "قسد" كان هناك من يهتف لهذه القوات دون أن يثير ذلك حفيظة أحد.
عضو مجلس الشعب السوري الكردي رياض طاووز أشار في حديثه لموقع "العهد" الإخباري إلى أن ذلك يرتبط بسعة صدر حرصت عليها دمشق التي لا تزال ترى في الأكراد مواطنين سوريين لا يختلفون درجة عن بقية السوريين.
ولفت طاووز إلى أن دمشق ومن خلال الموافقة الرسمية على هذه الاحتفالية في ظل تراجع الحوار بينها وبين قادة بعد الفصائل الكردية تريد أن تبعث برسائل إيجابية تدعم الحوار وترمم فيه الثغرات، وهي إذ تفعل ذلك ليست في موقع ضعف على الإطلاق بل هو "تعاون القوي الذي ينظر إلى المصلحة العليا ولا يريد لأبنائه أن يشذوا عن الخط الوطني".
تحفظات دمشق
المحلل السياسي السوري حازم عبد الله أكد في حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أن انفتاح دمشق على الحوار مع الفصائل الكردية لا يلزمها التفريط بثوابتها الوطنية التي لا تنتقص من حقوق أبنائها الكرد. ولفت عبد الله إلى أن دمشق سبق ورفضت مطالب بعض القوى الكردية الاعتراف بالإدارة الذاتية المعلنة من طرف واحد وبقوات "قسد" التي ترى دمشق أنها في خطها السياسي والميداني لا تنتهج سلوكًا وطنيًا يمكن أن يحسن نظرة دمشق إليها.
وأشار عبد الله في حديثه لموقعنا إلى وجود منعطفات هامة استوجبت في حينه على الساسة الأكراد التفكير بشكل مختلف حين غزت تركيا الأراضي السورية ودخلت إلى البلدات والقرى السورية التي تسكنها أغلبية كردية "اعتقدنا حينها أن التعقل من قادة هذه الفصائل قادم لا محالة وأن الخط مع دمشق سيتحول إلى اتوستراد مفتوح لولا أن هؤلاء اتكلوا على وعود أمريكية حفظت مصالحهم الشخصية على حساب من يدعون تمثيلهم من أخوتنا السوريين الأكراد".
المنعطف الثاني الذي تحدث عنه عبد الله كان الحديث الأمريكي السابق مرارًا وتكرارًا عن رغبته في الانسحاب من سوريا وترك الكرد لمصيرهم وبدلًا من أن يلتقط هؤلاء العبرة من ذلك ويعوا دروس التاريخ التي تؤكد على ترك الولايات المتحدة لأدواتها حين تستهلكهم بدلًا من مد اليد لدمشق التي ترفعت عن سلوكهم عاودوا استعطاف واشنطن والتمني عليها أن تبقى محتلة لهذا الجزء من الأرض السورية الذي يملك ثروات كبيرة لم يخف الرئيس الأمريكي ترامب أطماعه بها.
المحلل السياسي أكد أن هناك الكثير من العناوين التي يمكن أن يلتقي عليها الكرد السوريون مع دمشق التي لم تمانع في مناقشة مسألة توسيع مشاركة الكرد في الحكومة والرغبة في ضمان حقوقهم الثقافية والاجتماعية والاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية لا ضير أن تكون ضمن المنهاج التعليمي.
لكن الخطوة الأهم في نظر عبد الله تبقى بيد قادة هذه الفصائل الكردية الذين عليهم أن يدركوا أن دمشق باقية بتنوع شعبها عربًا وأكرادًا وشركس وأرمن وغيرهم والغزاة الذين دخلوا سوريا سيخرجون عاجلاً أم آجلًا.