معركة أولي البأس

خاص العهد

والد الشهيد رعد خازم لـ"العهد": هم السابقون ونحن اللاحقون.. ورسائل للداخل والخارج
08/04/2022

والد الشهيد رعد خازم لـ"العهد": هم السابقون ونحن اللاحقون.. ورسائل للداخل والخارج

علي ماضي

كجلمود صخر تتحطّم عند صلادته عنجهيّة الاحتلال.. الفلسطيني فتحي خازم، والد الشهيد رعد بطل عمليّة "تل أبيب" ليل الأمس، كما أعطى دروسًا في البأس حين أعلن عن استشهاد نجله صباح اليوم، تأخذ منه المزيد من دروس الصمود والمواجهة والتشبث بالأرض.
فذاك الشبل من هذا الأسد، رعد، الشاب العشريني، استمدّ من والده بأس المتمسّك بأرضه، والمؤمن باندحار الإحتلال ولو بعد حين، والجازم بعودة الأرض إلى أصحابها مهما طال الزمن.

بذات العزيمة التي ظهر فيها عبر شاشات التلفزة، كانت كلماته لموقع "العهد" الإخباري، يخرج من فمه العنفوان، رغم الألم الذي يسبّبه فراق الأب لابنه، وتستمد منه معاني الصبر والعطاء، مسلّمًا أنّ الباري الذي أعطى قد أخذ، وأنّ هناك لقاء قريبًا لا محال.
ولا يخلو حديثه من رسائل للشعب الفلسطيني، بضرورة الحفاظ على المقدّسات وعلى القضيّة وعلى رأسها القدس والأقصى، ولمن رحل عن الديار يطلب التمسك بحق العودة، ورغم المشاكل التي تواجه الشعوب العربية والإسلاميّة، يأمل والد الشهيد رعد أن لا تنسيهم مشاكلهم قضيّتهم الأولى.

يصف والد الشهيد رعد خازم شعوره عند تبلّغه باستشهاد نجله بأنّه كان صعبًا في البداية، وأنّه قاسٍ ومؤلم، ويقول "بالنهاية الولد فلذة من كبد الإنسان وابن المرء عزيز عليه، فموته فاجعة مؤلمة على القلب، لكن بالإيمان نتقبّل الأمر ونرضاه، وندرك أنه سيكون هناك لقاء ولو بعد حين، وأنّهم السابقون ونحن اللاحقون".

ويضيف "الله سبحانه وتعالى يوقع الصبر في قلوب الناس، وإذا أجاد الدعاء "ربنا أفرغ علينا صبرًا" سيفرغ الله عليه الصبر"، ويتابع "ربي أعطيتني 8 وأخذت واحدًا، فلك الحمد ولك الشكر، ولله ما أعطى ولله ما أخذ..".

ويجزم الأب خازم أنّ الإيمان يخفف من وطأة الألم الذي يقع على الأم والأب في هذه الحالات، ورغم أنها مواقع فخر إلاّ أنّها تبقى مصائب.
 
وبين ألم الفراق ورباطة الجأش، لا يغفل خازم عن توجيه رسائل في أكثر من اتجاه، أوّلها للشعب الفلسطيني، ويطلب "أن يبقى الشعب متمسّكًا بقضيته وثوابته وبعودته إلى وطنه، متمسّكًا بالقدس والأقصى، حتى لو تنكّر كلّ العالم لهذه الحقوق، علينا البقاء متمسّكين بحقّ العودة وحق تقرير المصير وحق الاستقلال كما كل الأمم".

ويخص لبنان قائلًا إنّه "دولة مضيفة، إخوان وأعزاء وبلد دفع من دماء أبنائه في الحروب الطويلة والقصيرة التي شنّتها "اسرائيل" عليه، تشاركنا معهم لقمة الخبز والدم، لبنان بلد عظيم، نحن نحبكم، لكن في النهاية نريد العودة إلى بلدنا".

ويتابع "رسالتي للفلسطينيين أن تمسّكوا بحقوقكم أينما كنتم، وأبلغوا من يستضيفكم أننا سنرحل يومًا ما، فلا تستعجلوا دفعنا للخروج كما تفعل بعض الأنظمة الحقيرة التي تضغط على الشعب الفلسطيني وتعامله معاملة ليس كمواطن إنّما إنسان من درجة ثالثة، فهناك بعض الدول التي لا يستطيع فيها الفلسطيني أن يقوم بوظيفة عامل نظافة في بلدية أو حيّ من الأحياء.. نقول لشعبنا، اصبروا واحتسبوا فالفرج قريب وعاجل إن شاء الله، واعتزازنا وإيماننا بالله كبير، وإيماننا بأنّ الله سينصرنا ويعيدنا إلى ديارنا وإلى أهلنا كبير".

وأردف والد الشهيد "نحن مقتنعون بأنّ الضعفاء ينصرهم الله، نحن ضعفاء تكالبت علينا الأمم لكننا متمسّكون بأرضنا مهما كلّفنا ذلك من تضحيات".

 

للعرب والمسلمين: لا تدعوا هذه المشاكل تنسيكم قضاياكم

أما رسالته الثانية، فللشعوب العربية والمسلمة، أن "لا تلتفتوا إلى مشاكلكم الداخلية فقط، كما يريدون أن يشغلوكم بها، لكن التفتوا إلى مشاكل إخوانكم في فلسطين وفي غيرها، فنحن أمّة واحدة، عندما نسمع عن الانهيار الاقتصادي الذي حدث في لبنان، ألا يؤلمنا هذا كفلسطينيين؟ بلى، عندما نعلم أنّ دولة أعلنت إفلاسها، ألا نعلم أن هناك شعبًا يرزح تحت وطأة الفقر والضغط الاقتصادي وتأمين لقمة الخبز.. نعم هناك مشاكل، لكن لا تدعوا هذه المشاكل تنسيكم قضايا أخرى، قضايا أمتكم وقضاياكم الجوهرية، وعلى رأسها قضية فلسطين".

ويشير والد الشهيد رعد خازم إلى أنّ المقاومين لا يحتاجون إلى رسالة، متمنّيًا أن يحفظهم الله ويحميهم، ويدعو لهم بالتوفيق والسداد، وأن يتحقّق شغفهم بالنصر في القريب العاجل إن شاء الله.

 

طالما أنّ الاحتلال موجود، ستستمر هذه العمليات

لم تكن عملية رعد عادية ولا كسحابة غيم عابرة في يوم صيف، فهو اشتبك وناور في أكثر من مكان، واستمرّ لعدّة ساعات قبل أن يستشهد، عدا عن تنفيذه لعمليته في وسط الكيان وفي أكثر شوارع "تل أبيب" أمنًا ومراقبة كما يدّعي الاحتلال، وعلى هذا الانجاز يعلّق والد الشهيد قائلًا "للحقيقة نحن أبناء البلد ونعرفها ونعرف مدى الانتشار الأمني الصهيوني الواسع في كلّ مكان، وبالتالي ما حصل كان غريبًا، وعادة العمر الزمني لهكذا عمليات يستمرّ لدقائق، فالعملية السابقة في بني براك قرب "تل أبيب"، والتي كان بطلها ضياء حمارشة من جنين استمرت 6 دقائق، وقبلها كانت عملية الخضيرة المحتلة واستمرت 8 دقائق، فنحن معتادون على أنّ زمن هذه العمليات لا يتعدّى بضعة دقائق، إلاّ أنّ طول مدّة هذه العملية يدلّ على أن هناك شيئًا غير طبيعي، والإجابة صعبة، لماذا وكيف ناور وماذا حصل!".

وإذ يشير خازم إلى أنّه ومنذ سنوات وموجات العمليات في الضفة الغربية ترتفع وتنخفض، وتزيد وتنقص، وأحيانًا تختفي ولكنها دائمًا تعود من جديد، و"طالما أنّ الاحتلال موجود، ستستمر هذه العمليات حتى يفنى هذا العدو ويخرج من أرضنا".

الشاب الذي أذلّ مئات الجنود وعناصر الشرطة المعادية، هو في بيته رجل ودود لطيف خلوق، هكذا يصفه والده، هو إنسان حنون ووديع جدًا، وهو بارٌ بوالديه، ويحب أصدقاءه ويحبّ الحياة، وليس كما يدّعي العدو أنّنا نحب الموت ونريد الموت، هو إنسان متصدّق ويصلي وكان صائمًا ويخاف الله ويحب رسوله والمؤمنين.

وفي كلمته الأخيرة، يخصّ الوالد "الأحبة والأهل في لبنان"، برسالة يتمنّى فيها أن "يحفظ الله لبنان وأهلها من كل سوء ويخرجهم من هذه المهالك الضخمة التي يعانون منها، ويسأل الله أن يعيد إليهم السكن والأمن والأمان والرخاء والطمانينة إن شاء الله".

فتحي حازم

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل