خاص العهد
في الذكرى السابعة لهيمنة الإرهاب عليها.. ماذا بقي من مسيحيي إدلب؟
محمد عيد
خلت محافظة إدلب من مسيحييها ولم يبق منهم إلا أفراد قلائل من الطاعنين في العمر وجدت "جبهة النصرة - هيئة تحرير الشام" في حالهم مناسبة لتمرير مسرحيات كاذبة عن انفتاحها عليهم بغية تسويق نفسها دوليًا. لكن الحقائق الدامغة تقول إن مسيحيي إدلب هجروا قهرًا من بيوتهم التي تسكنها الآن عوائل إرهابيي النصرة وإن ناقوس الكنيسة لم يعد يدق في المحافظة منذ سقوطها بيد الإرهابيين قبل سبع سنوات.
يؤكد كاهن كنيسة أم الزنار الأب زهري خزعل أن ما جرى في محافظة إدلب من قتل وتهجير للأبرياء لا يمس المسيحيين فقط بل يمس عموم السوريين الذين يجب أن يكونوا على قدم المساواة في المواطنة.
وفي حديثه الخاص بموقع "العهد" الاخباري أشار الأب خزعل إلى أن تسليط الضوء على وضع المسيحيين في المحافظة المحتلة من الإرهاب يعكس طبيعة هؤلاء المجرمين الذين لا يمتثلون لقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم "الله رب العالمين" وليس رب المسلمين فقط أو المسيحيين فقط أو بعض من هؤلاء أو هؤلاء.
ولفت كاهن كنيسة أم الزنار إلى قيام تنظيم جبهة "النصرة" الإرهابي بمصادرة أملاك وعقارات مسيحيي محافظة إدلب والاستيلاء عليها بشكل كامل باعتبار هذه الأملاك والعقارات "غنائم حرب" على حد وصف التنظيم التكفيري.
ولفت الأب خزعل إلى إلزام تنظيم "النصرة" الإرهابي المسيحيين السوريين من أبناء محافظة إدلب بـ " دفع الجزية" في المرحلة الأولى لاحتلاله المدينة قبل أن يقوم لاحقاً بتهجيرهم بشكل ممنهج بعد ممارسات شنيعة بحقهم تضمنت القتل ومصادرة الأملاك والخطف وغير ذلك، والحجة الجاهزة "عقائديا" هي اعتبارهم كفارًا و"سياسيًا" اعتبارهم متعاطفين مع الحكومة السورية.
وحول أعداد المسيحيين السوريين في إدلب ومناطق تواجدهم في المحافظة قبل احتلالها من الإرهابيين أكد الأب خزعل أن أعدادهم كانت تقدر ببضعة آلاف من عدة طوائف أكبرها الروم الأرثوذكس والأرمن وكانوا يتواجدون في حي وسط مدينة إدلب وقرى الجديدة واليعقوبية والقنية والغسانية وحلوز وبعض أحياء جسر الشغور في ريف المحافظة.
خداع "النصرة"
الأب خزعل أشار إلى أن جبهة "النصرة - هيئة تحرير الشام" وفي محاولة منها لتسويق نفسها دولياً سعت إلى تغيير التكتيكات فيما يخص مسيحيي إدلب بعد أن حققت غرضها الأساس في تهجيرهم فاستحضرت في الشهور الأخيرة لغة أكثر ليونة في التعامل معهم وحاولت إظهار وجه معتدل لم يكن غير قناع كاذب لوجهها الحقيقي المجرم.
وبحسب الأب خزعل، فإن جل ما فعلته هو الإبقاء على كنيسة واحدة تواصل إقامة الصلاة يوم الأحد دون أن يسمح بقرع جرسها، يدخلها المصلون الذين لا يتجاوز عددهم العشرات هم كل من بقوا من أبناء الرعية في المحافظة. وأوضح كاهن كنيسة أم الزنار أن هذا الأمر مسرحية سخيفة ومبتذلة ولا تقنع عاقلاً فغرض "النصرة" قد تحقق بعدما هجر المسيحيون إدلب وهدمت كل كنائسهم.
تضييق أدى إلى التهجير
ابراهيم حداد -اسم مستعار- مسيحي سوري من أبناء قرية الغسانية في ريف إدلب أكد لموقع "العهد" الإخباري أنه لم ينجح في إقناع والديه بترك منزل العائلة في القرية فاضطر مع أخويه إلى الاستقرار في اللاذقية حيث كان يتابع دراسته في جامعة تشرين الحكومية.
حداد تحدث لموقع "العهد" الاخباري عن سياسة الترهيب والحصار التي يمارسها الإرهابيون على الأفراد القلائل من المسيحيين الذين بقوا في إدلب ومنهم والداه حيث تتمثل في إغلاق الكنائس ومنع الرعية من ممارسة طقوسهم الدينية الأمر الذي أدى إلى هجرة الأغلبية شبه المطلقة منهم.
وأشار حداد إلى الدور الخبيث لتركيا في تهجير المسيحيين السوريين من ادلب والرقة وغيرهما على اعتبار أن "هيئة تحرير الشام" تأتمر بأمر المخابرات التركية ولو أرادت تركيا وقف تعدياتها على أملاك المسيحيين وحياة أبنائهم لفعلت، لكن سياستها في ادلب لا تختلف عن سياستها تجاه الأرمن الذين هجرتهم من أراضيهم داخل تركيا نفسها.
ولفت حداد إلى أن مسيحيي إدلب وغيرهم من بقية المكونات في المحافظة اختاروا أن يعبروا إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية "حيث يمكننا أن نمارس حريتنا الدينية بشكل كامل" فيما اختار البعض الآخر العبور إلى تركيا ومنها إلى أوروبا بعيداً عن الإرهابيين وبحثا عن حياة أفضل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا.