معركة أولي البأس

خاص العهد

قانون الإعلام الجديد
13/12/2018

قانون الإعلام الجديد "نقلة نوعية" قيد التشريع

فاطمة سلامة
 
لم تعد تسمية الإعلام بـ"السلطة الرابعة" دقيقة في ظل الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الإعلامية في صناعة الرأي العام. لهذه المؤسسات يداً طائلة يُحسب لها ألف حساب في ظل القدرة على مخاطبة الجماهير بلا قيود، ومحاسبة المسؤولين، ما يجعلها "سلطة أولى" إذا ما قاربناها من ناحية الوظيفة التي تؤديها. واقع القطاع الإعلامي في لبنان لا يختلف عن الكثير من الدول لناحية القوة المسيطرة التي يمتلكها، خصوصاً أنّ لبنان من أوائل الدول العربية، التي عرفت صناعة الإعلام، ويعتبر موطناً لأفضل الصناعات الإعلامية. لكنّ وللأسف فإنّ القطاع الإعلامي في لبنان يُعاني سوء التنظيم، بسبب قانون الإعلام الذي أنجز عام 1962، والذي أكل الدهر عليه وشرب. فهذا القانون والذي هو في الأصل قانون للمطبوعات، يجعلنا في أمس الحاجة الى قانون جديد وشامل يُنظّم مهنة الإعلام في لبنان، ويعمل على مواكبة التطورات التي لحقت بالقطاع الاعلامي.

ومن هنا كان اقتراح قانون الإعلام الجديد الذي تجري مناقشته في لجنة الاعلام والاتصالات لسنوات، حيث يضم عشرات المواد لتنظيم المهنة الاعلامية، وعاد النقاش فيه الى الواجهة مع لجنة الاعلام والاتصالات الجديدة برئاسة وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن، الذي يؤكّد لموقع العهد الإخباري أنّ القانون الجديد ـ والذي حّوّل الى لجنة الادارة والعدل للنظر فيه ـ يعمل على مواكبة كل التغييرات التي طرأت على مهنة الإعلام، ويُعطي المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع صلاحيات تقريرية بعدما كان له دور استشاري فقط. برأي الحاج حسن بات من الضرورة الملحة إيقاف العمل بقانون المطبوعات، واقرار قانون جديد للإعلام الذي لم يعد إعلاماً ورقياً فقط، بل مرئيا ومسموعا والكترونيا أيضاً.

القانون الذي يُعطي المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع صلاحيات أوسع، يُشكّل نقلة نوعية في مسيرة القطاع الإعلامي في لبنان، وفق ما يؤكّد رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ لموقع "العهد" الإخباري. يلفت المتحدّث الى أنّ اقتراح قانون الاعلام الجديد هو حصيلة نقاشات مستفيضة لتطوير قانون المطبوعات الذي لم يعد صالحاً. بالنسبة اليه، فإنّ الإعلام يتطوّر والصحافة المكتوبة "تموت" شيئاً فشيئاً، حتى الاعلام المرئي والمسموع يتراجع لصالح سيطرة الاعلام الالكتروني، ما يجعلنا بحاجة ماسة الى تشريعات جديدة. يوضح محفوظ أنّ اجتماع لجنة الاعلام والاتصالات الأخير وضع النقاط على الحروف لناحية واقع الاعلام المرئي والمسموع والصعوبات التي تعترض عمل المجلس الوطني للإعلام، والذي يبدو في بعض المواقف كمن ليس بيده حيلة نتيجة غياب وحدة القرار السياسي، وتأثير الاصطفافات السياسية على صلاحياته الاستشارية التي لا يؤخذ بها أحياناً.

يأسف محفوظ لغياب رؤية إعلامية للدولة على مدى سنوات لتطوير الاعلام العام سواء في التلفزيون أو الراديو، خصوصاً في وقت بات فيه الاعلام خبز الناس اليومي، وضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، ما يجعلنا بحاجة الى تطوير الاعلام العام في ظل النظام الطائفي الذي ينخر كل شيء في البلد. يوضح المتحدّث أنه تم التوصل الى تحديد بعض المشاكل خلال الجلسة، وطُلب من المجلس الوطني للإعلام أن يقدّم تقريراً للجنة الاعلام والاتصالات في الجلسة القادمة. وهنا لا يعد محفوظ ببت القضية قريباً، فهذا القانون لا يزال قيد النقاش منذ سنوات، ويحتاج الى التشريع، لكنه يشير الى أنّ ما يُميّز النقاش اليوم أن المتابعة تجري بمهنية وخارج الاصطفافات السياسية، عسى أن يجري إقراره في أقرب فرصة.

يُشير محفوظ الى أن المجلس الوطني للإعلام طرح وجهة نظره داخل الجلسة بضرورة وجود مدينة إعلامية في لبنان، توفر تطوير الصناعة الاعلامية، سيما في ظل وجود طاقات مبدعة وكادرات مؤهلة لهذا الأمر، ما يشكل عاملاً مساهماً في توفير فرص عمل لأكثر من 2000 شخص. كذلك جرت مناقشة دور المجلس الوطني للإعلام، وكيف يمكن إعطاؤه الصلاحيات التقريرية  لتحرير الاعلام من الاستنساب السياسي والطائفي. كما نوقشت قضية تنظيم الاعلام الالكتروني لمواجهة المخالفات في ظل سياسة الفضاء المفتوح وتدفق المعلومات بشكل هائل منها ما هو صحيح، ومنها ما هو إشاعة. برأي محفوظ، لا بد من ضبط الاعلام الجديد الذي بات لغة العصر. وقد طرح المجلس الوطني للإعلام مطلبه بضرورة استحداث لجنة لمتابعة الأداء الاعلامي وإحداث نوع من الرقابة الاعلامية الضرورية، كما أشار الى ضرورة انتقال لبنان الى نظام البث الرقمي على غرار كل دول العالم.

وقد أشار محفوظ الى أنه من الأسئلة المطروحة والتي لم تحسم بعد: هل سنعمل على تقوية القطاع المرئي والمسموع في ظل وجود أزمات مالية ناجمة عن عدم كفاية مصادر التمويل؟، والتي تنحصر في: الاعلان الذي تراجع بشكل كبير، والصناعة الدرامية شبه المعدومة تقريباً. يوضح المتحدّث أنّه جرى طرح العديد من الأفكار جزء منها يتعلّق بتوسعة المساهمة في الاعلام المرئي والمسموع وفتح النافذة أمام الرأسمال العربي والدولي، مع شروط طبعاً. يعود محفوظ ليؤكّد أنّ قانون الاعلام الجديد بمثابة تطور نوعي يضع الواقع الاعلامي في لبنان على السكة الصحيحة.

إقرأ المزيد في: خاص العهد