خاص العهد
مخزون القمح ينخفض دون تعويضه.. هل تعود الطوابير أمام الأفران؟
لا تفارق مشاهد طوابير الذلّ يوميات اللبنانيين، وآخر ساحاتها كانت أمام أفران الخبز، وهي من المعاقل التي لا زالت صامدة بامتلاكها صفة "مدعوم من قبل مصرف لبنان". إلا أنّ الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية أرخت بظلالها على القمح المادة
الأساسية خاصة أنّ لبنان يستورد بشكل كلّي القمح لصنع الرغيف.
ورغم إنشاء خلية وزارية لمتابعة الأمن الغذائي اللبناني، والذي يشكّل الرغيف آخر أعمدة خيمته الممزقة، إلا أنه لا خطوات عملية تبدّد الخوف لدى المواطن، الذي اكتوى بنيران رفع الدعم عن المحروقات، والدواء وغيرها، وبات يسارع لأخذ حصته وحصة غيره لتخزينها خوفًا من انقطاع كلّي لهذه المادة الحيوية.
فهل تتدحرج الأمور وتسقط آخر قلعة يحتمي فيها الفقير ليبقى فيه رمق من الحياة، أم أن للمعنيين كلاما آخر؟ هذا كلّه والوقت يمرّ آخذًا معه يوميًا كميات من مخزون القمح، الذي لا يكفي سوى شهر واحد فقط.
مخزون القمح لدى المطاحن يكفي لشهر واحد فقط
بحسب رئيس تجمع المطاحن في لبنان، أحمد حطيط، فإن الطحين المستخدم في الخبز العربي مرتبط بالبونات التي تقدمها وزارة الاقتصاد وعلى أساسها تسلّم المطاحن الكميات المطلوبة للأفران، ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، حصل هجوم إضافي على الخبز من قبل المواطنين، وباتت كميات الطحين المقدّمة من قبل الوزارة لا تكفي الأفران، وهذا ما صنع مشهد الطوابير أمام الأفران.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يشير حطيط إلى أن "المطاحن لا تستطيع تقديم المزيد من الطحين إلا عبر "بونات" من الوزارة، ومن جهة أخرى، يتأخر مصرف لبنان بتحويل أموال بواخر القمح، وهذا ما يضطرنا لعدم تسليم كميات إضافية إلا إذا حوّل مصرف لبنان أموال البواخر".
ويلفت حطيط إلى أنه اجتمع الخميس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومع اللجنة الوزارية المختصة متابعة الأمن الغذائي، وقد تلقى وعدًا من ميقاتي بأن يطلب من مصرف لبنان تسريع التحاويل، واليوم من المفترض أن تنجلي هذه الصورة. كما يلفت إلى أن كمية القمح الموجودة حاليًا لدى المطاحن تكفي لمدة شهر، وهي فترة قليلة، لأنّه من المفترض أن يكون لدينا مخزون لثلاثة أشهر للأمام.
ولدى سؤاله عن حلول بديلة، أشار إلى أن هذا الأمر مرتبط بمصرف لبنان، لأن القمح مدعوم من الدولة، محذرًا في حال لم يحلّ المصرف المركزي هذا الموضوع خلال الساعات المقبلة، فإننا ذاهبون إلى أزمة كبيرة لا نعرف نهايتها، فقد ينقطع الخبز أو يرفع الدفع، وهذا إن حصل سيصبح سعر ربطة الخبز 40 ألف ليرة لبنانية.
نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان: لا داعي للهلع
تحذير حطيط يوافقه نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف الذي يرى أن هناك سببين للطوابير أمام الأفران، الأول لأن لا طحين كافيًا لدى الأفران لإنتاج الكميات المطلوبة من قبل المواطنين، الذين باتوا - بدافع الخوف- يأخذون كميات أكثر من حاجاتهم اليومية لتخزينها خوفًا من أزمة أكبر.
والسبب الثاني أن اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة الأمن الغذائي حتى الآن لم ترتبط بأي مصدر خارجي، أو في حال حصل أي نقاش مع أسواق خارجية حول هذا الموضوع، لم تحوّل أي أموال ولم تشحن أي بضاعة حتى الآن.
وينوّه سيف في حديث لموقع "العهد" الإخباري إلى أن المطاحن تقوم بجهود في هذا الإطار، وبعضها اشترى بواخر وهي في طريقها إلى لبنان، لكن "الناس تخشى من انقطاع الطحين، وتخاف ليس فقط من أزمة، بل هناك خوف من شح في الطحين"، لكنه طمأن إلى عدم وجود أي انقطاع، لكن قد يكون هناك بعض النقص في الكميات، وبانتظار نتائج وعود المعنيين بأن هناك 50 ألف طن من القمح قادمة إلى لبنان وسيدفع ثمنها البنك الدولي.
ومقابل خوف المواطن، يدعو سيف لعدم الهلع، فالطحين مؤمّن، لكن بكميات قليلة، والقمح غير متوفر لدى جميع المطاحن بكميات كافية، وهي تسلّم الأفران بتقنين، وفي ذات الوقت الأفران لديها طلب نظرًا لخوف المواطنين وتهافتهم.
ويناشد النقيب سيف المعنيين بموضوع الأمن الغذائي، بضرورة إجراء المناقصات، وأنه ينبغي - بحال حصل هناك ارتباط بأي سوق خارجي بموضوع استيراد القمح- أن يكون القمح على الطريق، مضيفًا "حسب معلوماتي لا قمح على الطريق بعد الاتفاق الذي جرى لاستقدام 50 ألف طن من القمح".
وإذ يعبّر عن اعتقاده بأننا لن نصل إلى وقت تقفل فيه الأفران، يشير إلى أنه حتى الوقت الراهن الأمور ميسّرة، لافتًا إلى أن الأسواق الخارجية وضعها مرتاح حاليًا أفضل من الأسابيع الماضية.
وعن ارتفاع محتمل في سعر ربطة الخبز، يرى نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنه من الطبيعي أن تتحرك الأسعار مع تحرّك أسعار المحروقات وسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
مصرف لبنانالحكومة اللبنانيةالخبزالقمح