معركة أولي البأس

خاص العهد

تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 31
26/03/2022

تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 31

عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية

مواضيع العرض: انتهاء المرحلة الأولى - العمليّات اللاحقة للجيش الروسي

أوّلًا: انتهاء المرحلة الأولى
أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت انتهاء المرحلة الأولى من مهام وحدات الجيش الروسي في إطار العمليّة العسكريّة الخاصة في أوكرانيا بتحقيق الأهداف المرسومة بشكل كامل.

وقد جاء هذا الإعلان بدخول الوحدات الروسيّة الشهر اليوم الأول من عمليّات الشهر الثاني.

وفي النتائج، يمكن التأكيد أنّ الجيش الروسي قد حقّق في الجانب المرتبط بالأهداف المعلنة نتائج جيّدة بما يرتبط بتحرير أراضي إقليم الدونباس ونتائج جيّدة أيضاً بما تمّ إنجازه على الجبهة الجنوبيّة، في حين أنّ عمليات الجبهتين الشرقية والشماليّة تشهد شبه توقف في الجبهة الشرقية وخصوصًا عند مدينتي خاركوف وسومي في الوقت الذي نفّذت فيه الوحدات الروسيّة عمليّات إعادة تموضع على الجبهتين الشرقية والغربية للعاصمة كييف.

ومن أسباب النجاحات المهمّة في إقليم الدونباس وهو ما يمكن اعتباره الجزء الجنوبي من الجبهة الشرقية والجزء الشرقي من الجبهة الجنوبية أنّ التحضيرات من قبل قوات إقليم الدونباس كانت قائمة أصلًا إضافة إلى أنّ من يقاتل هم أبناء الأرض، وهما عاملان أساسيّان في الوصول إلى مستويات متقدّمة على مستوى السيطرة الميدانية.

في الجبهة الجنوبية، ساعد وجود الوحدات الروسيّة في شبه جزيرة القرم منذ العام 2014 على دفع القوّات بشكل سريع خصوصًا مع وجود بنية تحتيّة ممتازة ساعدت في تأمين إمداد مستدام للوحدات المتقدّمة، وهو العامل الذي يعاني من مشاكل في الجبهتين الشرقية والشمالية حيث طبيعة الأرض التي تحتوي مساحات واسعة من الغابات والمستنقعات في الإتجاهات الشمالية والشرقية والغربية للعاصمة كييف والتي ألزمت الوحدات الروسية على التقدّم في ممرات اجباريّة مع وجود مشكلة في قدرة المناورة والإنفتاح، وهما من العوامل الأساسية المطلوبة للقوات المتقدّمة بأرتال طويلة.

إضافة إلى مشكلة محدودية تنفيذ المناورة في الجبهة الشمالية، فقد حشدت القوات الأوكرانية أعدادًا مضاعفة من الجنود يزيد عن حاجة الجبهة بثلاث مرات، حيث تمتاز القوات الأوكرانية على هذه الجبهة بالتفوّق العددي وميزة التمركز وهي في الأصل ميزة للمدافع على المهاجم.

ثانيًا: العمليّات اللاحقة للجيش الروسي
بالنظر إلى نتائج المرحلة الأولى من العمليات العسكرية للجيش الروسي تبدو واضحة للمتابعين معالم المرحلة الثانية والتي يمكن ايجازها بحسب الجبهات آخذين بعين الإعتبار عدم نيّة القيادة الروسية على زجّ مزيد من الوحدات العسكرية وهو ما يأخذنا مباشرة باتجاه مقاربة العمليات استناداً الى إنجازات المرحلة الأولى والعديد البشري للوحدات الروسية الذي سيحكم عمليات المرحلة الثانية بوتيرة تقدم مشابهة لوتيرة التقدم في المرحلة الأولى.

إضافة إلى وتيرة التقدّم في العمليات اللاحقة المشابهة لوتيرة المرحلة الأولى، سنشهد استخدامًا متزايدًا لإستخدام الجيش الروسي للأسلحة النوعية والدقيقة التي ستستهدف ما تبقّى من منشآت البنية التحتيّة العسكريّة الأوكرانيّة والعمل على تدمير نقاط المدافعة الرئيسيّة للجيش الأوكراني والحد من قدرته على تنفيذ عمليات هجوم معاكسة وذلك عبر استهداف منتظم لقدراته في المدرعات والمدفعية وراجمات الصواريخ.

الجبهة الجنوبية
بالنظر إلى ما تحقّق في الجبهة الجنوبيّة تبدو واضحة ثلاثة اتجاهات هجوم رئيسية لوحدات الجيش الروسي

1- اتجاه مدينة زابوروجيا حيث ستبدأ الوحدات الروسية التقدّم باتجاهها بعد استكمال العمليّات في مدينة ماريوبول والسيطرة عليها بشكل كامل، وهو ما سيوفّر لوائين مشاة ميكانيك ولوائين دبابات ستكون إضافة إلى الوحدات الموجودة حالياً في منطقة كامينسكوي، وبالتالي التقدم باتجاه المدينة على الإتجاه الشمالي المباشر ومن نوفودانيليفكا شرقاً نحو اوريخوف والمتابعة نحو كاميتشيفكا لعبور المانع المائي في أضيق نقاطه ومن ثم تحقيق التماس مع مدينة زابوروجيا.

2- اتجاه مدينة كريفوي روغ او كريفييريه بحسب التسمية الأوكرانية، ومن المفترض أن تكون عمليات التقدّم إليها من اتجاهين:
- اتجاه بلدة ابوستولوف للوصول إلى المدخل الجنوبي للمدينة.
- اتجاه كازانكا للوصول إلى جنوب غرب المدينة.

3- اتجاه مدينة نيكولاييف أو ميكولاييف باللهجة الأوكرانية وهو اتجاه نفّذت عليه الوحدات الروسية إعادة تموضع بسبب وجود موانع مائية كثيرة استعاضت عنه بتوسيع منطقة السيطرة غرب نهر الدينبر لبناء قاعدة ارتكاز واسعة ستكون مركز انطلاق العمليات باتجاه شمال نيكولاييف نحو نوفايا اوديسا التي وصلتها الوحدات الروسية سابقًا، ولم تستطع البقاء فيها بسبب تعرض الجسور الواقعة على أكثر من معبر مائي للكمائن والتفجير.

الجبهة الشرقية
1- اتجاه دونييتسك – بافلوغراد، وهي مدينة تقع شمال شرق زابوروجيا كمرحلة أولى يتبعها السيطرة على مدينة دنيبروبتروفسك أو دنيبرو باللهجة الأوكرانية وهي عقدة مهمة جدًا لطرق المواصلات والسكة الحديدية.

2- جبهة مدينة خاركوف المطوّقة من ثلاثة اتجاهات، وهي الجبهة التي سيتم استكمال الطوق حولها من الجهات الأربع بعد استكمال تحرير كراماتورسك التي تتجه إليها الوحدات الروسية من جبهة ايزيوم.

3- جبهة سومي المطوّقة من ثلاثة اتجاهات، وهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجبهة خاركوف حيث يسود الإعتقاد بأنّ استكمال عمليّة تطويق مدينة سومي ستتزامن مع عمليات تطويق مدينة خاركوف.

الجبهة الشماليّة
1- على مدار شهر من العمليّات لا تزال هذه الجبهة المرتبطة أساسًا بالعاصمة كييف تشهد عمليات تبادل للسيطرة على الإتجاهين الشرقي والغربي بسبب تفوّق الجيش الأوكراني بالعديد البشري، وإذا ما أضفنا إليها ميزة المدافع المحصّن واعتماد المفارز القتالية الصغيرة المكلفة باصطياد المدرعات، لوجدنا تبادل السيطرة أمرًا منطقيًّا، لكنّه غير دائم بورود معلومات أنّ إعادة التموضع الروسية جاءت بقرار من القيادة العسكرية بهدف تجميع الوحدات وتنفيذ رمايات كثيفة على القوات الأوكرانية لعدّة أيّام ما يعني أنّ القيادة الروسية قرّرت وضع القوات الأوكرانية ضمن "بقعة القتل" قبل استعادة الوحدات الروسية للمبادرة والإندفاع مجدّدًا لتضييق الطوق على العاصمة كييف، وهو أمر سيتم بتنسيق وثيق بين سلاحي الطيران بمختلف صنوفه والمدفعية والمدفعية الصاروخية والعودة مجدّدًا لتكثيف الضغط على العاصمة كييف.

بالنظر إلى الوضعيّة الحاليّة لا يُتوقّع التقدّم السريع للوحدات الروسية إلى أن تنتهي معركة ماريوبول والوصول إلى مدينتي زابوروجيا وكريفيو روغ وانهاء معارك تحرير إقليم الدونباس بشكل كامل. عندها سنكون أمام بداية متسارعة للمرحلة الثانية التي ستتضمن عمليات تطويق واطباق في أكثر من نقطة من الجبهات الثلاث، ونكون قد انتقلنا من مرحلة الإنجازات ذات الطابع الميداني الموضوعي إلى مرحلة الإحاطة الإستراتيجية لمناطق واسعة هي من ضمن خطط القيادة الروسية.

وإذا ما وصلنا إلى مرحلة الإحاطة الإستراتيجة يمكن البدء بالحديث عن تحولات في الموقف السياسي الأوكراني على الرغم من الدعم الغربي للقوات الأوكرانية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد