معركة أولي البأس

خاص العهد

هل يستطيع القمح البلدي سدّ حاجات اللبنانيين؟
12/03/2022

هل يستطيع القمح البلدي سدّ حاجات اللبنانيين؟

إيمان مصطفى

مع اشتداد أزمة الغذاء العالمية، تتركز الدعوات على تشجيع زراعة القمح محليًا، خاصة أن لبنان يستورد قرابة الـ 100 في المئة من حاجاته. الإنتاج الوطني ليس متنوّعًا، معظمه خشن وقاسٍ يصلح للمونة المنزلية لا للخبز، فهل هناك إمكانية لزراعة ما يسدّ استهلاك اللبنانيين دون الاعتماد كليًا على الشحن الخارجي؟ 

بحسب مديرية الزراعة في مؤسسة "جهاد البناء"، فإن زراعة القمح محليًا تتوزّع بين 80 بالمئة قمح قاسٍ و20 بالمئة طريّ، ودقيق القمح الطري يحتوي على بروتين يجعل العجينة المصنوعة منه متينة بعكس النوع القاسي، وعادة ما تستخدم في الخبز وإنتاج المنتجات المخمرة مثل الحلويات (الكعك، البسكويت، الكرواسان). 

وتوضح المديرية أن القمح القاسي ينمو جيدًا في التربة المشمسة، بينما يفضل القمح الطري المناخ الرطب الموجود في أوروبا على سبيل المثال، في حين أن مناخ لبنان أصبح شبه جاف، مما يجعل الأنواع المزروعة محليًا ليست ذات جودة عالية لصناعة الخبز.

وعن الخطوات التي يمكن تنفيذها لتحسين الانتاج المحلي في ظل الأزمة العالمية، ترى مديرية الزراعة في مؤسسة "جهاد البناء" أنه بإمكاننا اعتماد أصناف من القمح المقاومة للجفاف، وإصلاح الأراضي الزراعية، حيث إن قرابة الثلث منها لا يُستخدم، الى جانب تغير النمط الاستهلاكي السائد في لبنان والقائم على التبذير في الكثير من الأحيان.

هل يستطيع القمح البلدي سدّ حاجات اللبنانيين؟

زراعة القمح الطري في لبنان ممكنة وضرورية

في المقابل، يقول نقيب مزارعي الحبوب في لبنان خالد شومان لـ "العهد" إن "القمح الطري يعطي إنتاجية عالية"، لكن تقلبات الطقس من بارد جدًا الى حار تُفسد جودة القمح، ويعتبر أن زراعة القمح الطري في لبنان ليست ممكنة فقط بل هي ضرورة، غير أن المزارعين يتجهون لزراعة القمح القاسي نظرًا لأن القمح الطري يحتاج الى عناية خاصة، الى جانب احتمال تلف المحصول، وسط إهمال الدولة لدعم زراعة القمح، ومعاناة المزارعين من ابتزاز المصارف في قبض مستحقاتهم من الدولة. 

وفقًا لشومان، يُردّد مزارعو القمح اللازمة نفسها: "لن نبيع محاصيلنا للدولة، فهي مش محرزة" على حد قولهم. وبعضهم ندم على زراعة القمح بعدما اكتشف أن كلفة زراعته على نطاق ضيق غير مربحة بالأساس. 

ويُبيّن شومان أننا في الأعوام السابقة، كنّا ننتج محليًا 60 ألف طن من القمح شهريًا على امتداد مساحة 135 ألف دونم، ولكن بسبب إهمال الدولة دعم زراعة القمح - المادة الاستراتيجية لأي بلد في العالم - واعتمادها على استيراده، اقتصرت زراعة القمح محليًا على القاسي لإنتاج المونة فقط، وتحوّل بعض المزارعين إلى منتجات زراعية أخرى. شومان يوضح لـ "العهد" أن المطاحن تعمد عند تحضير طحين الخبز لخلط 10 بالمئة من القمح القاسي و90 بالمئة من القمح الطري في العجنة، لافتًا الى أن كلفة دونم واحد من القمح المزروع بدءًا من البذار، مرورًا بالحراثة، وصولًا للحصاد، تصل لـ 270 دولارًا. 

ويشدد على أن المزارع يحتاج بشكل كبير إلى زراعة القمح، فهو مُجبر على هذه الزراعة للحصول على دورة زراعية سليمة لأرضه. ويؤكد أهمية أن تدعم الدولة مزارعي القمح وتعمد لتعويضهم في حال الضرر لتشجيعهم على هكذا نوع من الزراعة. 

هل يستطيع القمح البلدي سدّ حاجات اللبنانيين؟

لا مخزون من الطحين في الأفران

عضو اتحاد نقابات الأفران في لبنان علي إبراهيم يشير من جهته الى أن المطاحن تسلّم الأفران حاجتها من الطحين يوميًا، فالأفران الكبيرة والصغيرة لا تملك مخزونًا كافيًا، وفي حال انقطاع هذه المادة قد تضطر الأفران للتوقف قسريًا عن العمل. 

كلام ابراهيم يوافق عليه صاحب فرن "السياد" في منطقة برج البراجنة زهير اسماعيل، الذي يؤكد لـ "العهد" أنه يتسلم الكميات من الطحين يوميًا، ولا مخزون لديه، وفي حال الانقطاع سيقفل أبوابه أمام لقمة الفقير، موضحًا أنه يحتاج الى 500 كيلو من الطحين يوميًا.

ويلفت الى أنه قد عمد الى شراء قمحٍ ذي نوعية ممتازة من السوق السوداء بسعر غير مدعوم كي لا يغلق أبوابه أمام الزبائن.

القمح

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل