ابناؤك الاشداء

خاص العهد

"سيناريو الرعب".. دلالات استراتيجية لأحدث معادلات الردع
17/02/2022

"سيناريو الرعب".. دلالات استراتيجية لأحدث معادلات الردع

حسن شريم

لا شكّ بأنّ ما كشف عنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه أمس الأربعاء بذكرى "القادة الشهداء" (2022) من قدرات دفاعيّة جديدة سيعزّز منسوب القلق الذي يهيمن على جيش العدو.

ما كشفه سماحة السيد خاصة على مستوى تحويل عدد كبير من الصواريخ إلى صواريخ دقيقة، تصنيع المسيّرات، تفعيل الدفاع الجوي في مواجهة المسيرات، تنفيذ أوسع برنامج تدريب وتأهيل لتشكيلات المقاومة، وإتمام الجهوزية لتكرار سيناريو أنصارية في حال قيام العدو بأيّ إنزال، هذه الأمور ستترك تداعياتها الكبيرة على العدو الصهيوني بمختلف المستويات، بما يمكن أن تشكّله من تغييرات مفصلية وجوهريّة في المواجهة ضد العدو "الاسرائيلي".  

دلالات عديدة لهذه التطوّرات النوعيّة في قدرات المقاومة، يحدّثنا عنها الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط، فيقول في حديث لموقع "العهد" الاخباري: "إنَّ أهم ما يُسجّل في هذا الإطار أنَّ المقاومة أصبحت تمتلك من القدرات ما يمكِّنها من التسليح الذاتي وهذا يؤمّن للمقاومة مكسبين أساسيين:

المكسب الأول: هو التفلّت من مخاطر الحصار والتطويق الذي يمكن أن يلجأ إليه العدو، ونذكّر هنا بما كانت عليه غزّة قبل أن تبدأ بإنتاج وتصنيع بعض الصواريخ.
والمكسب الثاني: يؤمن للميدان عند الحاجة تزويده بمتطلباته من السلاح الدقيق -وفقًا للحاجة- وهذا يعني الكثير، لأنّه يسحب من يد العدو ورقة الضغط والحصار ويسحب أيضًا ورقة المراهنة على نفاد الذخيرة لدى المقاومة، فكلّ ذلك بعد هذا التطور لم يعد له قيمة في ميزان المواجهة وفي قواعد الاشتباك".

مضامين استراتيجية لتطور قدرات المقاومة النوعيّة

ولفت حطيط إلى أنَّ لتطور قدرات المقاومة النوعيّة مضامين استراتيجية عدّة، وقال: "إنَّ "إسرائيل" كانت دائمًا تتغنّى وتتباهى بما تسميه بالتفوّق الاستراتيجي والتقني والتسليحي، وتتغنّى بامتلاكها القدرات التي تمكّنها من تصنيع السلاح والذخائر المناسبة لها، ودائمًا كانت تسعى لمنع أعدائها من الحصول على القدرات العسكريّة، فعندما يصل حزب الله لهذا المستوى من التطوير التقني للتصنيع العسكري فإنَّه يكسر قاعدة استراتيجية غالبًا ما عمِلَت عليها "إسرائيل" واعتمدتها في أساس عقيدتها العسكرية، وهو التفوّق العسكري في التصنيع وفي الامتلاك وفي التقليد، وبالتالي حزب الله هنا يكسر قاعدة التفوّق ويُحدِث ما تسميه "إسرائيل" الوضعية الكاسرة للتوازن".


"أنصارية 2" تفوق "أنصارية 1" بخمسة مقادير

وتابع حطيط "الصواريخ الدقيقة ومصانع المسيرات أنشئت في أماكن يمكن أن تستجيب أو تحاكي لمنطق الكمائن المُحكمة التي لا يمكن أن يصلها الذي يستهدفها إلاّ إذا غامر مغامرة كبيرة تذكر بالنتائج التي حصلت في أنصارية، لهذا السبب قطع سماحة السيد نصرالله الطريق على "إسرائيل" كأنّما يريد أن يقول "لا تفكروا بالهجوم على هذه المصانع لأنّ الهجوم عليها سيُعيد إنتاج أنصارية مجدّدًا".

وأكّد العميد حطيط أنَّ هذه المرة ستكون بمثابة صفعة أقوى للصهاينة، ومختلفة عمّا عداها، لأن "أنصارية 1" حصلت منذ 25 سنة، أمّا اليوم فالمقاومة راكمت الخبرات وشاركت في حروب -لم تكن قد خطّطت لها أصلًا في سوريا- وامتلكت القدرات الإضافية، فإذا كانت نتائج "أنصارية 1" بحجم مقدار، فإن نتائج "أنصارية 2" فيما لو حصلت ستكون بحجم 5 مقادير.
 
وعن فشل العدو "الإسرائيلي" في المعارك بين الحروب، وعن تحويل التهديد إلى فرصة، قال العميد حطيط: "إنَّ المعركة بين الحروب قد فشِلت وبالتالي فشِلت الأهداف التي كانت ترمي إلى تحقيقها -وقد أكّد سماحة السيد على ذلك-"، مضيفًا أن ""إسرائيل" كانت ترمي إلى تحقيق أمرين:
الأمر الأول: قطع الطريق على المقاومة في استجلاب سلاح جديد ومتطور
والأمر الثاني: إرباك المقاومة لمنعها من النمو ومن تعاظم قوّتها.

ورأى العميد حطيط أنَّ المقاومة تفلّتت من الخطرين، فالمقاومة عرفت كيف تتعامل مع مستجدات الميدان ومع الظروف الإقليمية، وهنا يمكن أن يُضاف إلى هذين المصطلحين "المعارك بين الحروب، وتحويل التهديد إلى فرصة" مصطلح ثالث حققته المقاومة خلال الـ 20 سنة الماضية وهو "التوازن الاستراتيجي المُطمئن للنتائج".

وأشار حطيط إلى أنَّه في القواعد العامة يعتبر المهاجم منتصرًا عندما يضع هدفًا ويحقّقه، ويعتبر مهزومًا مقتولًا إذا لم يستطع أن يصل إلى هذا الهدف، أما إذا تمكّن المدافع من أن يُحدث نتائج معاكسة للهدف الذي ابتغاه المهاجم فإنّ الخسارة هنا تكون مضاعفة، والعدو هنا أراد شيئًا من المعارك ما بين الحروب، وإذا بهذه الخطط التي وضعها تؤدي إلى طريق مسدود، أولًا، لم ينفّذ منها شيئًا، وثانيًا، تستطيع المقاومة أن تتفلّت ليس فقط من الخطر بل تنتج ما هو أكبر من المطلوب، وهنا تكون الخسارة مضاعفة وتكون الصفعة مضاعفة، فالعدو لم يُهزم بمنعه من تحقيق أهدافه بل إنّ المقاومة حقّقت أهدافًا تفوق بكثير ما كان سيتحقّق لو لم يقدم العدو على الحصار، ختم حطيط.

إقرأ المزيد في: خاص العهد