معركة أولي البأس

خاص العهد

لماذا لن تُفرج الأزمة في مملكة آل خليفة؟
15/02/2022

لماذا لن تُفرج الأزمة في مملكة آل خليفة؟

لطيفة الحسيني

تنشغل المعارضة البحرينية هذه الأيام بإحياء ذكرى انطلاقة ثورتها قبل 11 عامًا. بغصّة وتصميم متوازييْن، تسير أطيافها لتكمل الدرب مهما اشتدّت الأوضاع والتهديدات.

ضغوط آل خليفة على المُعارضين أينما كانوا، داخل المملكة أو خارجها، تزداد، لكن المحسوم أن أيّ وعيد لا يلقى آذانًا صاغية لدى أهل المطالب المُحقّة.

كيف يبدو المشهد الداخلي سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا في البحرين؟ وهل من معالم انفراج للأزمة؟ الصحافي البحريني حسن قمبر يُقارب في حديث لموقع "العهد الإخباري" الأوضاع الصعبة التي يرزح تحت وطأتها أبناء بلده.

المؤكد لدى البحرينيين أن أنشطة وفعاليات المعارضة مستمرة بلا هوادة رغم الصعوبات والمضايقات، حسب ما يجزم قمبر.

بتقدير مُحدّثنا، الأفق السياسي مسدود لدى السلطة بتعنّتها وإصرارها على إنكار وجود أزمات سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة، بالإضافة للأزمات الحقوقيّة المستفحلة، واستمرار استهدافها للحريات وكل من يقول كلمة لا، أو عبّر عن اختلاف وجهة نظره السياسية المختلفة عن مقاس السلطة.

يجزم قمبر بأن البحرينيين أمام سلطة لا تعبأ بأن تكون سمعتها في الحضيض بسبب سمعتها السيّئة على مستوى حقوق الإنسان، وهي ترتكبها علنًا على مسمع ومرأى المجتمع الدولي الذي يقف صامتًا أمام هذه الممارسات، بالإضافة إلى الغطاء السياسي التي توفّره بريطانيا والولايات المتحدة، ومشاركاتهما السافرة في تبييض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وصمتها إزاءها، لكن بعض المؤسسات البرلمانية والكتل النيابية في عددٍ من الدول الأوروبيّة والغربية، أصبح لها أدوار مُهمّة في إثارة قضايا حقوق الإنسان، مثل الكونغرس الأمريكيّ والبرلمان الأوروبيّ ومجلس العموم البريطانيّ، فضلًا عن الدور الإيجابي للأحزاب السياسيّة في هذه البلدان.

 

لماذا لن تُفرج الأزمة في مملكة آل خليفة؟

 

 

من وجهة نظر قمبر، العقوبات البديلة التي أطلقها النظام مُحتفيًا بها ليست أكثر من أداة لابتزاز المعارضة وعوائل المعتقلين والمعتقلين أنفسهم، ومحاولة إخضاع مختلف الأطراف عبر التلويح بالعقوبات البديلة بوصفها "باب نجاة"، لتقديم الشكر للملك، وفي الوقت نفسه هي ظلمٌ آخر كما عبّر عنها المرجع الوطني الكبير آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، لتقييدها حريّة الفرد من السجن خلف القضبان والتعذيب والمعاملة السيئة، وتحويل ذلك إلى سجون مفتوحة كما أرادها وليّ العهد، وفي المُحصّلة هي مشروع تمّت هندسته ورسم آليّاته وأدواته وكل معطياته من قِبَلِ بريطانيا، التي لم تتأخر في تقديم العون والخبرة على الصعيد الأمنيّ والاستخباراتيّ، بل وتدريب العناصر الأمنيّة وكبار الضبّاط على تبييض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث في زنازين وزارة الداخليّة، وبعيدًا عن رقابة المؤسسات الحقوقيّة الأهليّة، وعن أعين الأطراف الأهمّ، وهم المقرّرون الأمميون المعنيون بالتعذيب وحالات الاختفاء القسريّ، ومنعهم من زيارة البلاد منذ العام 2005 على أقل تقدير.
 
كيف انعكس الانطباح البحريني أمام العدو الاسرائيلي على أوضاع المعارضين في الداخل والخارج؟ يُسهب قمبر هنا في الإجابة فيقول "قبل إعلان اتفاقيّات التطبيع مع العدو الاسرائيلي بشكلٍ رسميّ في أيلول/سبتمبر 2020، أكدت تقارير في العام 2012، أن النظام وتحديدًا وزارة الداخلية استخدمت تقنيّات وبرمجيات خبيثة من الكيان الصهيونيّ، تمّ شراؤها عبر الإمارات، وأبرزها برامج شركة "فيشر" وغيرها من شركات التقنيّة.. هذه البرامج استُخدمت لاستهداف حسابات النشطاء الفاعلين على مواقع التواصل الاجتماعي، بإرسال روابط خبيثة تُمَكّن العناصر الأمنيّة من اختراق هذه الحسابات، أو البريد الالكترونيّ وغيرها من التطبيقات، بهدف التجسّس على أنشطة وتحرّكات هؤلاء النشطاء، وإمكانيّة معرفة أفراد شبكة تواصلهم في الداخل والخارج، ممّا دفع بالعديد من النشطاء للاهتمام بحضور دوراتٍ تدريبيّة مع المُنظّمات الحقوقيّة المهتمة بتوفير الأمن الرقميّ للنشطاء، وتطوير سُبل حمايتهم من الاختراق، بل وقد تمكّن بعضهم من التخصّص في مجال الأمن الرقميّ، وطُرِقِ العمل على حماية زملائهم من خطر الاختراقات الأمنيّة.

يضيف قمبر "آليّات هذا التعاون تطوّرت الآن بين السلطات والعدوّ بعد توقيع اتفاقيّة التطبيع، وتقدّمت كذلك المساعي لتطوير تقنيّات التجسّس على النشطاء عبر استخدام "برنامج بيغاسوس"، المُطوّر والمملوك لمجموعة شركة "NSO" الصهيونيّة، وقد أكّد "مختبر مواطن – سيتيزن لاب" في كندا اختراق هواتف نشطاء بحرينيين، ضمن قائمةٍ ضمّت العديد من الصحفيين والإعلاميين والنشطاء والسياسيين ورؤساء دول، وغيرهم من الفئات التي تم استهدافها فيما عُرِف بفضيحة بيغاسوس، كما أن التحقيقات أثبتت أن المنامة حصلت على هذه البرمجيات من الكيان الصهيوني عبر الإمارات مرّة أخرى".

ماذا عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب هل هي في جدول اهتمامات السلطة؟ يذكّر قمبر بدراسة بحثية صدرت منذ أيام عن مؤسّسة "البيت الخليجي للدراسات والنشر"، كشفت عن حجم الإنفاق العسكريّ في البحرين بنسبةٍ تجاوزت 42%، وهي نسبة كبيرة بالنسبة لدولة مثل البحرين، وبموازاة ذلك نشاهد أرقامًا فلكيّة في نسبة ارتفاع الدين العام، رغم وجود دعم مالي خليجيّ "المارشال"، وضرائب قيمة مضافة على كاهل المواطنين ترتفع تدريجيًا، في مقابل غلاء معيشيّ فاحش وتدنٍّ في الرواتب للمواطنين، بل إنّ الرواتب لم تتغير منذ حوالي عشر سنوات أو أكثر، فضلًا عن تزايد أعداد المواطنين العاطلين عن العمل، وارتفاع عدد العمالة الوافدة، وغيرها من المعطيات التي تؤكّد أنّ هناك إدارة سيّئة للموارد الاقتصادية في البلاد، وتخبّط واضح في التعامل مع الأزمات المالية، بفضل الفساد الإداري الذي تُثبته التقارير السنويّة الصادرة من ديوان الرقابة المالية، ومحاسبة المتورّطين والمُفسدين "مكانك سرّ".

يرى قمبر أن "لجوء الدولة إلى طرح مشاريع استثمارية وخطط اقتصادية متعددة لاستقطاب رأس المال الأجنبي، وتوفير سبل الإقامة المثالية بعنوان "إقامة ذهبيّة" وغيرها من العناوين والمسميّات، لن يُجدي ولن يُنهي تغوّل "شبح الإفلاس" غير المُعلن. ومن الواضح أن مثل هذه المشاريع هي بوابة لدخول المستوطنين المنتمين للكيان الصهيونيّ، للولوج إلى المملكة بهذا العنوان".

ويخلص الى التنبيه من أن "الإتفاقيّات الأمنيّة والعسكريّة التي وقعها وزير الحرب الاسرائيلي بيني غانتس في زيارته الأخيرة للمنامة، والتي أفرزت تعيين ضابط البحريّة الصهيوني في البحرين بشكلٍ دائم، ستجرُّ البلاد إلى هاوية الصراعات في هذه المنطقة المتوتّرة على صفيحٍ ساخنٍ في قادم الأيام".

 

الثورة

إقرأ المزيد في: خاص العهد