خاص العهد
"الدولار الجمركي" وفق منصة صيرفة.. ضريبة غير مباشرة نتائجها كارثية!
مصطفى عواضة
يواصل مجلس الوزراء اللبناني دراسة مشروع موازنة العام الجاري في وقت يُتوقّع فيه أن يتمّ اقرارها حكوميّاً غداً، لترحّل ببنودها الثقيلة إلى مجلس النوّاب الذي بدوره سيشبعها مناقشة ودرسًا.
لكن على ما يبدو أنّ أثقل هذه المواد أو أخطرها البند 133 المتعلّق باحتساب سعر الدولار الجمركي حيث "تقرّر ترك هذا الأمر إلى وزير المالية يوسف الخليل الذي سينجز دراسة حول هذا الموضوع لتقرير ما هو السعر الذي سيعتمد في استيفاء حقوق الدولة عن طريق الدولار الجمركي"، بحسب ما ذكر وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي عقب جلسة الحكومة اليوم.
الحلبي، وردًا على سؤال، لمّح إلى اتجاه باعتماد معيار "منصة صيرفة" في احتساب الدولار الجمركي، ما يعني ثقلًا لا يُحتمل على كاهل المواطنين _ المتعبين أساسًا _ نتيجة تداعيات هذه الخطوة الجنونية على مختلف السلع المستوردة، وخاصة أنّ أغلب السلع مستوردة.
في ظلّ هذا الواقع، كان لا بدّ من تسليط الضوء على نتائج هذه الخطوة وتداعياتها السلبيّة الكبيرة على المواطنين وعلى الاقتصاد الوطني ككل، وذلك في حديث مع عميد كليّة إدارة الأعمال في جامعة "المعارف" البروفسور بسّام همدر الذي اعتبر في مقابلة مع موقع "العهد" الإخباري أنّ هناك حالة إرباك في إقرار سعر الدولار الجمركي، إذ من شأن هذه الخطوة ترتيب آثار سلبيّة على المواطن على المستويين الإجتماعي والإقتصادي.
وشدّد همدر على أنّ زيادة سعر صرف الدولار الجمركي تؤدي إلى خفض القيمة الشرائية لدى المواطنين، إذ أنّ الأمر قد يصل بالبعض إلى عدم قدرته على تأمين قوت يومه، عدا عن الضرر الذي قد يلحق بالصناعيين والمستثمرين؛ فرفع "الدولار الجمركي" يؤدي حكمًا إلى رفع الأسعار، وبالتالي يؤدي إلى زيادة الإنكماش الإقتصادي أو سحب رؤوس الأموال وتوظيفها في الخارج.
وأشار البروفسور همدر إلى أنّ إقرار الزيادة يحتاج إلى معطيات علميّة ورويّة، فالهدف ليس إرضاء صندوق النقد الدولي واختلاق أزمات داخليّة. وأضاف "هذه الخطوة، إنْ أُقِرّت، ستؤدي حتمًا إلى القضاء على الطبقة الوسطى إنْ وُجِدت، وارتفاع نسبة الفقر، خاصّة أنّ مشروع الموازنة لم يلحظ إيجاد شبكة أمان إجتماعي، وأنّ التقديمات الإجتماعية المتواضعة لا ترقى إلى تحمّل المواطنين أيّ زيادة ضريبية لا سيّما أنّه لم يُلحظ فيها رفع رواتب موظفي القطاع العام.
همدر، لفت أيضًا، إلى أنّ زيادة سعر صرف "الدولار الجمركي" سيزيد من عمليات التهريب في ظلّ إنعدام قدرة التغطية من قبل التاجر والمستهلك بسبب تراجع الطلب وزيادة الكساد الإقتصادي، بالإضافة إلى زيادة التهرّب الضريبي ما يعني عدم قدرة وزارة الماليّة على تحصيل المتوقّع من إيرادات في الموازنة.
وفيما يتعلّق بالمادة 78 من مشروع الموازنة لجهة فرض رسم جمركي بنسبة 3 في المئة على المستوردات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة والتي كانت سابقاً معفيّة من الرسم الجمركي، ومن بينها سلع حياتية أساسية للمواطن ومواد صيدلانية، قال همدر "بحسب إحصاءات البنك الدولي هناك 85% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر بالإضافة إلى 75% من المواطنين لا يملكون غذاءً متوازنًا بحسب دراسة لليونسيف، الأمر الذي لا يسمح بأيّ زيادة، وأنّ تنفيذ هذه القرارات دون وجود إقتصاد وطني يعتمد على الانتاج سيؤدي إلى الإنهيار بل إلى ما بعد.. بعد القعر.
الخبير اقتصادي ايلي يشوعي، قدّر الأمور في نفس السياق، حيث اعتبر أنّ ما ورد في مشروع الموازنة عبارة عن أرقام مركّبة من قبل الحكومة، وبالتالي هي عبارة عن خطّة "إعالة" وليست خطّة "إنقاذ أو إصلاح"، متوقعًا أنّها "تهدف إلى خلق عجز أسري ووضع كلّ الشعب اللبناني تحت خط الفقر"، منبّهًا أنّ "هذا القرار سيخضع لمناقشة في مجلس النواب ولا يحق لوزير إتخاذ القرار بمفرده حتى لو حصل على تفويض استنسابي من الحكومة".
يشوعي اعتبر أنّ هذا "النوع من القرارات، بما يتعلّق بالدولار الجمركي، يؤثّر سلبًا على سعر صرف الليرة التي كان لحاكم المصرف صولات وجولات في التلاعب في سوق صرف العملة منذ العام 1993 حتى اليوم".
وختم الخبير الإقتصادي بالقول إنّ "بنود مشروع موازنة 2022 ليست إلاّ حبرًا على ورق حتى الآن، ولا يمكن الإستناد إليها دون موافقة مجلس النواب".