خاص العهد
حصار الدول يُعرقل طريق البطاقة الدوائية
لطيفة الحسيني
هل ضلّت البطاقة الدوائية طريقها نحو اللبنانيين؟ الى الآن يبدو الأمر كذلك. مزيدٌ من المعاناة تُضاف الى يوميّاتهم مع كلّ تأخير وتسويف يطال حقّهم في الاستشفاء والطبابة. رحلة "العثور" على العلاج لأمراضهم المُزمنة والمُستعصية مشقّةٌ تُنهكهم بانتظار الفرج للأزمة الخانقة.
أسعار الأدوية تستمرّ في التحليق، تمامًا كدولار السوق السوداء. بعد استفحال الأوضاع الاقتصادية، أطلقت وزارة الصحة في أيلول الماضي مشروع البطاقة الدوائية. الهدف الرئيسي ضمان حصول المواطن على رقم صحيّ يُخوّله كسب بطاقة تُعفيه من الوقوف في الطوابير للفوز بعبوة دواء.
لدى الاستفسار عن مصير المشروع، لا إجابة حاسمة والأمور تُرواح مكانها. عضو لجنة الصحة في البرلمان النائب الدكتور علي المقداد يؤكد لموقع "العهد الإخباري" أن "التمويل يُعرقل تنفيذ المشروع اليوم، فلا مصدر للأموال"، ويقول "الفكرة التي كانت مطروحة لدى البعض طلب المبالغ من السفارات، لكنّنا كلجنة صحة لا نستطيع قصد هذه الجهات، بل نطلب من البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP" أن يأتيا الى مجلس النواب".
يلفت المقداد الى أن "لا تجاوب من أية جهة لطلبنا، والسبب يعود الى الحصار المفروض على لبنان، الذي لا يقف عند حدود النفط والغاز والغذاء"، ويتابع "اليوم نُراقَب على صعيد استهلاك الدواء الوارد الى لبنان".
وفق المقداد، لا نيّة أو قرار لدى المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، وكلّ ما يصل الى البلد ليس بقصد الانتعاش الاقتصادي، بل هو لوقف الانهيار الشامل وضبطه ربّما.
لا لُبس اذًا أن أداء الدول مُتخاذل. عن هذا التصرّف، يضرب المقداد مثالًا "لدينا قرض من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار لتعزيز النظام الصحي في لبنان ودعم المستشفيات والمراكز الرعاية الأولية وتحسينها، غير أننا لم نستفد منه، لأن البنك الدولي لم يعطِ كامل المبلغ، مع العلم أنه قرض وليس هبة، ما يعني أنه من حقّ اللبنانيين الذين سيُسدّدونه لاحقًا، ولاسيّما أنهم يعطوننا الأموال بالقطارة"، ويُردف "على الرغم من ذلك، سنواصل مُطالبة المجتمع الدولي والبنك الدولي حتى تحقيق الهدف".
ولأن نيّة السعي موجودة، من المفترض أن تُناقش لجنة الصحة هذا الموضوع الأسبوع القادم مع المعنيين ومن ضمنهم نقابة الصيادلة للتنسيق، على ما يُبيّن المقداد.
حملة لنقابة الصيادلة حتى تحقيق الهدف المنشود
قبل يوميْن، عقد نقيب الصيادلة جو سلوم مؤتمرًا صحافيًا أسهب خلاله في الحديث عن مشروع البطاقة الدوائية بمشاركة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر. غاية المؤتمر كانت تأمين التمويل للبطاقة وإطلاق حملة في هذا الخصوص.
استكمالًا لهذا التحرّك، يتحدّث سلوم لـ"العهد" عن جُهدٍ يبذله "باتجاه السفارات والصناديق الأجنبية لتحقيق الهدف"، ويُصرّح "المشكلة تكمن في التمويل، ونحن نحاول مع كلّ الجهات لتوفيره".
سلوم يُبدي تفهّمًا لـ"مصادر" الأموال المحجوبة، فيرى أن "لا ثقة لدى الدول المانحة العربية والأجنبية بالجهات الرسمية في لبنان، وهذا ما يُعيق المشروع وتمويله"، ويُضيف "طرحنا آليةً شفافة عبر وزارة الصحة والتفتيش المركزي، ونحاول تأمين "لوبي" إعلامي ووطني حتى تحقيق الهدف المنشود".
ويُبيّن أن المشروع يعمل على ضمان جودة الدواء من خلال تتبّعه من المستورد الى المريض، ومنع الاحتكار والسوق السوداء، فينحصر إعطاؤه داخل الصيدلية بعد أن يخضع للرقابة من تفتيش النقابة".
ويخلص الى أن "لا أمل إلّا بالبطاقة في ظلّ أسعار الأدوية التي تتبدّل أسبوعيًا نظرًا لارتفاع سعر الدولار الدائم".