خاص العهد
فاتورة الاشتراكات "نار" والبلديات تتحوّل الى أبو ملحم!
إيمان مصطفى
يُضاعف غياب الكهرباء وتقنينها القاسي المعاناة اليومية لامرأة حامل في الشهر الثامن. مشقّتها تبدأ من صعودها سلالم العمارة الواقعة في محلة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتصل حكمًا الى فاتورة اشتراك "الهادي" التي بلغت في آب الفائت فقط مليونًا و700 الف ليرة مقابل 12 ساعة تعذية عن 10 أمبير، هذا إلى جانب مبلغ التأمين الذي يطلبه وهو مليونان و500 ألف ليرة!
الحال هذا لا يختلف أبدًا عمّا يعيشه المواطنون الآخرون، إذ أبلغ مشترك بمولد "أبو حسن المقداد" في منطقة الرويس موقع "العهد" الإخباري أن فاتورة اشتراك 5 أمبير بلغت في شهر آب مليونًا و500 ألف، مقابل 12 ساعة تغذية يوميًا. كما يقول مواطن آخر يقطن في حارة حريك إن فاتورة اشتراكه مع مولد "دعبول" بلغت في شهر آب 832 ألف ليرة عن 5 أمبير مقابل 9 ساعات ونصف من التغذية بالتيار.
وفي منطقة الجاموس، يخبرنا مواطن أن فاتورته وصلت إلى 800 ألف ليرة عند اشتراك "النصر" مقابل تغذية على العداد 10 أمبير بأكثر من 12 ساعة تغذية تقريبًا في اليوم. أمّا في حي السلم، فتشير مواطنة إلى أن فاتورة اشتراك "الجهاد" بلغت مليونًا و538 ألف ليرة مقابل 12 ساعة تغذية يوميًا على الرغم من اعتماد "العداد" ايضًا.
وزارة الطاقة والمياه حدّدت أسعارًا وصفتها بالعادلة لتعرفات المولدات الكهربائية الخاصة عن شهر آب هو: 2367 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة"، وهي بالنسبة للمشتركين بالعدادات في المدن أو التجمعات المكتظة أو على ارتفاع أقل من 700 متر: قدرة 5 أمبير: 30000 ل.ل. + المقطوعية الشهرية X 2.367 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة. وقدرة 10 أمبير: 40000 ل.ل. + المقطوعية الشهرية X 2.367 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.
جولة على عددٍ من مناطق الضاحية في الحدّ الأدنى تبيّن أن هذا التقسيم لا يعدو كونه حبرًا على ورق: لا التزام، لا مراقبة، لا مراعاة لظروف الناس في أزمتهم الخانقة.
التفاوت واضح في تسعيرة اشتراك الكهرباء بين مولّد وآخر اذًا! المشتركون يخضعون للأمر الواقع نظرًا إلى عدم وجود خيار آخر لتأمين الكهرباء على مدار ساعات اليوم، فإمّا دفع الفاتورة العالية وإمّا العيش في العتمة.
وفي هذا السياق، يذهب البعض بعيدًا باتهام البلديات أيضًا بالتواطؤ مع أصحاب المولّدات بخصوص التسعيرة! هؤلاء يعتبرون أن البلديات لا تقوم بواجباتها من خلال فرض التعرفة المحدّدة من وزارة الطاقة. أمّا البلديات ومراقبو المولّدات فلديهم رواية مختلفة لدحض الاتهامات الموجهة إليهم. فكيف تبرر البلديات ما يحصل؟
برج البراجنة
رئيس بلدية برج البراجنة عاطف منصور يؤكد في هذا السياق لموقع "العهد الإخباري" أن اللجنة المشكلة من قبل البلدية تتابع أصحاب المولدات، ولديها معلومات كافية عن كمية المازوت التي يحتاجها كل مولّد وساعات التشغيل، مع الأخذ بعين الاعتبار تسعيرة وزارة الطاقة، وبذلك تتمّ عملية احتساب التسعيرة الخاصة بكل مولّد.
ويقول منصور: "اذا أخذنا اشتراك "أبو حسن المقداد" كنموذج والذي تصل كلفة الاشتراك عنده الـ 5 أمبير إلى مليون و500 ألف، فهو يزوّد المشتركين بـ 12 ساعة تغذية يوميًا! كما أنه يحصّل المازوت أحيانًا من السوق السوداء مما يرفع التسعيرة".
ويتابع: "بينما المولد الخاص لعلي عثمان - كمثال - لا تتخطى كلفة الـ 5 أمبير عنده الـ 300 ألف ليرة لأنه لا يزود المشتركين بأكثر من 3 ساعات، وهذا يناسب الوضع الاقتصادي للكثير من العائلات. وبعض أصحاب المولدات الأخرى على سبيل المثال يحصلون على المازوت بالسعر الرسمي، مما يخفض من تسعيرتهم أيضًا"، ويردف "بناء عليه، لدينا جداول واضحة بالأسعار والمعلومات الكافية عن كل مولد، لمنع المخالفات والاحتكار، وبإمكان أي مواطن مراجعتنا للتأكد".
بلدية الغبيري
كلام منصور يتوافق مع ما يقوله رئيس بلدية الغبيري معن الخليل لـ "العهد"، فتسعيرة المولّدات في الغبيري تصدر بالتعاون مع اتحاد بلديات الضاحية، ويُحتسب عدد ساعات التشغيل وكمية المازوت التي حصل عليها صاحب المولد بالسعر الرسمي وغير الرسمي، وقد تشكلت لجنة في كل بلدية مهمتها احتساب هذه الأرقام ومتابعة أصحاب المولدات منعًا لأي مخالفة أو تفلت، على حد قوله.
بلدية حارة حريك
ويشير بدوره رئيس بلدية حارة حريك زياد واكد إلى أن البلدية دعت الأهالي للتوجه إلى شرطة البلدية في حال مواجهة أي مخالفة من قبل أي صاحب مولد لتسعيرة البلدية التي وضعها اتحاد بلديات الضاحية، مؤكدًا أنه يُمنع على صاحب أي مولد المطالبة بـ "تأمين" أيضًا، مما يعرضه للملاحقة القضائية.
ويضيف واكد في حديثه لـ"العهد": "لدينا في البلدية معلومات عن عدد المولّدات وقوة كل مولّد لكل صاحب اشتراك وعدد المشتركين وعدد لوحات التوزيع، وعدد ساعات التشغيل وكمية المازوت المستخدمة، وهذا ما يظهر التفاوت في الأسعار بين مولّد وآخر من الـ 400 ألف إلى المليون و800 ألف ليرة لبنانية".
وعزا سبب ارتفاع أسعار بعض الاشتراكات إلى زيادة ساعات التغذية التي قد تصل إلى 24 ساعة على حد قوله!
العمل الاجتماعي في حزب الله
مسؤول العمل الاجتماعي في حزب الله - منطقة بيروت علي شري يقول من ناحيته "إننا نمرّ بمرحلة استثنائية طارئة.. الضغط بات على المولدات لسدّ العجز في التغذية الكهربائية، وبما أن المولدات بحاجة للمازوت غير المتوفر بالكمية المطلوبة نتيجة الاحتكار وقرارات مصرف لبنان المركزي، يضطر صاحب المولد لتأمين المازوت من السوق السوداء"، ويتابع "هذا يتطلب الصبر من الطرفين، فعلى صاحب المولد أن "يرحم" المشتركين ويحاول ألّا يحقق أرباحًا طائلة على حسابهم، كما أن على المواطن أن يراعي الظروف الاسثنائية من التقنين الذي يوفر عليه بعض الأموال".
إتحاد بلديات الضاحية، بحسب شري، يعمل عبر خطوتين للتخفيف من وطأة الأزمة: يحاول تأمين المازوت بالسعر المدعوم لأصحاب المولدات، والخطوة الثانية وضع تسعيرة وسطية بين السعر المدعوم وسعر السوق السوداء، والتي بلغت لشهر آب 2750 عن كل ساعة تشغيل.
ويعتبر شري أن البلديات ليست بديلة للدولة، ويؤكد أن تسعيرة وزارة الطاقة ليست منطقية بالأساس!
المشهد يقود الى خلاصة اذًا: البلديات تتفهم أصحاب المولّدات وعليه يُطرح السؤال: ما هي الإجراءات لمكافحة استغلال الناس وحماية حقوقهم بعدما تحوّلت المولّدات الى قوى أمر واقع؟
المازوتاتحاد بلديات الضاحية الجنوبية