معركة أولي البأس

خاص العهد

الأزمات تشتد..هل يجوز أن تبقى حكومة تصريف الأعمال بلا اجتماعات استثنائية؟
14/08/2021

الأزمات تشتد..هل يجوز أن تبقى حكومة تصريف الأعمال بلا اجتماعات استثنائية؟

تتداعى الأزمات الواحدة تلو الأخرى في لبنان. الأخير يعيش أكثر من ظروف استثنائية وفي هذا المجال حدّث ولا حرج. يومًا تلك آخر تكثر "الطوابير" وتمتد من البنزين والغاز الى الخبز والدواء وصولًا الى أبسط مقوّمات العيش. في العاشر من آب 2020، استقالت حكومة الرئيس حسان دياب، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم لم تترك أزمة لبنان "يعتب" عليها. إلا أنّ "المفارقة" تكمن في غياب أي اجتماع لحكومة تصريف الأعمال رغم كل ما آلت اليه الأوضاع "الكارثية".

وفي هذا السياق، تبرز وجهتي نظر؛ أولى ترى أنّ الدستور حصر مهام الحكومة بالمعنى "الضيّق" للأعمال، وثانية ترى أنّ الاجتهاد الإداري "سلب" حكومة تصريف الأعمال حق القيام بالأعمال الإدارية التصرفية، إلا أنّه لم يسلبها حق القيام بتدابير "الضرورة" التي تفرضها الظروف "الاستثنائية"، وهو الأمر الذي نعيشه اليوم. فهل يجوز أن تبقى الرئاسة الثالثة والتي حمّلها الدستور مسؤولية تنفيذ السياسات والقواعد التي تضعها الرئاسة الثانية، هل يجوز أن تبقى خارج "التغطية" وسط كم الأزمات التي تحيط بلبنان؟.

أمس الجمعة دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مجلس الوزارء للانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى لمعالجة التداعيات الخطيرة لأسباب عدم توفر المشتقات النفطية. سُرعان ما أتت الإجابة ببيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء بأنّ الحكومة المستقيلة ملتزمة منذ استقالتها بالدستور ولن تخرقه وبالتالي لن تدعو مجلس الوزراء للانعقاد. فماذا يقول الدستور في هذه القضية، وهل فعلًا لا يجوز أن تعقد الحكومة اجتماعًا في ظل الأزمات التي يتخبّط بها لبنان؟.

يمين: الأزمات التي يعاني منها لبنان تدخل في صلب مفهوم تصريف الأعمال 

الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّه واستنادًا الى الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور اللبناني يدعو رئيس الجمهورية مجلس الوزراء للانعقاد استثنائيًا كلما رأى ذلك ضروريًا بالاتفاق مع رئيس الحكومة. وبما أنّ قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفع الدعم كليًا وفورًا وفجأة عن المحروقات شكّل أزمة في قطاع المشتقات النفطية تهدّد الأمن الاجتماعي للبنانيين وتهدد بإيقاع الشلل في المرافق والخدمات العامة والخاصة بادر رئيس الجمهورية الى استخدام هذه الصلاحية طالبًا من رئيس الحكومة الموافقة على عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء للتصدي لهذه الأزمة وتداعياتها علمًا بأن مجلس الوزراء ولو في ظل حكومة مستقيلة قادر على الالتئام واتخاذ القرارات في ما يتعلق بالمواضيع التي تدخل في مفهوم تصريف الأعمال. 

الأزمات تشتد..هل يجوز أن تبقى حكومة تصريف الأعمال بلا اجتماعات استثنائية؟

ويشير يمين في هذا الصدد الى أنّ مفهوم تصريف الأعمال ولو بالمعنى الضيّق يشمل الأعمال التي تعد بطبيعتها من باب تصريف الأعمال أي تلك التي لا ترتب التزامات وأعباء جديدة على الدولة ولكن تدخل في هذا المفهوم أيضا الأعمال التي تعد بطبيعتها الأصلية أعمالًا تصرفية لكنها تعتبر أعمالًا بمفهوم تصريف الأعمال في حال اتّسمت بالعجلة والإلحاح والضرورة أو كانت خاضعة لمهل دستورية وقانونية ولا ريب في أنّ الأزمات التي يعاني منها لبنان وتحديدًا المشتقات النفطية تدخل في صلب مفهوم تصريف الأعمال كونها تهدد الأمن الاجتماعي للبنانيين.

ويذكّر يمين أنّه سبق وعقد مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال اجتماعات منها على سبيل المثال اجتماع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2013 عندما كانت مستقيلة حيث أصدر مجلس الوزراء في حينها تدابير تتصل بالعملية الانتخابية النيابية وبينها قرار تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية التي كان من المفترض أن تجري آنذاك، يختم يمين كلامه. 

عدم اجتماع الحكومة يشكّل خرقًا للدستور!

وفي هذا السياق، يعتبر اجتهاد دستوري للقاضي يوسف نصر صدر في العام 2015 أنّ "تصريف الأعمال هي نظرية معدة للتطبيق خلال فترة زمنية محددة انتقالية، يجب ألا تتعدى الأسابيع أو حتى الأيام، وأن تمددها لفترة أطول لا بد أن ينعكس على مفهومها برمته حتى يستطيع تحقيق الهدف منها وهو تأمين استمرارية الدولة ومصالحها العامة ومصالح المواطنين". وبهذا المعنى، فإنّ حكومة تصريف الأعمال اذا تجاوزت فترة الأسابيع أو الأيام تلك يجب أن تعود لممارسة كامل صلاحياتها. 

ومن هذا المنطلق يعتبر البعض أنّ عدم اجتماع الحكومة يشكّل خرقًا للدستور لتعطيلها مصالح البلاد والعباد والإخلال بواجباتها. وبهذا المعنى، على الحكومة أن تجتمع كتصريف أعمال لممارسة صلاحياتها عملاً بنظرية الظروف الاستثنائية التي تبرّر الخروج عن قواعد المشروعية العادية واتخاذ التدابير المناسبة لمعالجة الأزمات. 

إقرأ المزيد في: خاص العهد