خاص العهد
المدير العام لـ "إرنا" حول الثورة الاسلامية وحرية الإعلام: مجال الاعلام هو أهم سلاح للمقاومة
طهران ـ مختار حداد
شهد قطاع الاعلام الذي يعتبر الركن الرابع للديمقراطية، تطوراً كبيراً من ناحية التعدد والحريات بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران.
وفي مقارنة بسيطة، كان يعمل قبل الثورة عدد قليل من وسائل الاعلام في ايران، وهي كانت تدور في فلك النظام الشاهنشاهي، أما اليوم، فهناك الآلاف من وسائل الاعلام تعمل بحرية في الجمهورية الاسلامية ومعظمها من القطاع الخاص، فيما وسائل الاعلام الحكومية أقل من عدد أصابع اليد.
لبحث التطورات التي شهدها الاعلام في ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية، التقى موقع "العهد" الإخباري الدكتور سيد ضياء هاشمي المدير العام لوكالة أنباء الجمهورية الاسلامية "إرنا"، وهو من الأساتذة البارزين في العلوم الاجتماعية وعضو الهيئة العلمية في جامعة طهران وكان وزيراً للعلوم بالوكالة.
- كيف تقيّمون مكانة الاعلام في ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية؟
- شهدت ايران خلال السنوات الأربعين الماضية تطوراً تكنولوجياً في المجال الاعلامي، وقبل الثورة لم تكن توجد وسائل إعلام بارزة وناشطة في ايران، وكانت هناك قناتان تلفزيونيتان، وأعداد قليلة جداً من الصحف معظمها كان يعود للمؤسسات الحكومية.
لكن اليوم هناك مئات الصحف والآلاف من وسائل الاعلام والعشرات من القنوات التلفزيونية والاذاعية، وهذا كان أمراً طبيعياً لأن ايران كانت تشهد ثورة في جميع المجالات.
الاعلام لعب دوراً كبيراً خلال الثورة الاسلامية، ومن ذلك الأشرطة والبيانات المطبوعة بواسطة جهاز "الاستنسيل" الذي كان ينقل نداءات الامام الخميني قدس سره الشريف وقيادات الثورة الى الشعب.
مع انتصار الثورة شهدنا نمواً كبيراً في مجال نشر الكتب وقراءتها في ايران، وكذلك نشر الصحف، ولذلك رأينا أن وسائل النشر والاعلام في ايران أصبح لها عدد كبير من المتابعين من جميع أطياف الشعب.
وبعد انتهاء فترة الحرب المفروضة في العقد الثاني من الثورة، رأينا مرحلة جديدة من تطور الاعلام وبرزت صحف كبرى كصحيفتي ايران وهمشهري وعشرات غيرها.
أما في العقد الثالث المتزامن مع تطور الأجواء الافتراضية، فرأينا ظهور عدد كبير من وكالات الأنباء والمواقع الاخبارية.
ويوجد هناك في ايران أكثر من عشرة آلاف وسيلة اعلامية حصلت على تصريح عمل، من بينها أكثر من 200 صحيفة يومية. كما يوجد في كل محافظة ايرانية على الأقل أكثر من 100 وسيلة اعلامية خاصة بالمحافظة ومدنها.
و مع تطور الشبكات الاجتماعية على الهاتف النقال نلحظ ظهور الآلاف من وسائل الاعلام حيث هناك عشرات الملايين في ايران يتابعون هذه الوسائل الاعلامية.
وهذه التطورات تعود الى أحد أهم شعارات الثورة الاسلامية وهو حرية التعبير والرأي، لذلك نرى أن الشخصيات المختلفة اليوم تستطيع أن تعبر عن رأيها من خلال وسائل الاعلام في ايران وأن مختلف الحكومات بعد الثورة في ايران كانت تسعى لدعم وسائل الاعلام وتطورها في البلاد.
قيم الثورة الاسلامية مثل حرية التعبير والشفافية ودعم نمو الوعي العام قد خلقت ثورة في الاعلام في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
التحول الاعلامي في ايران تأثر بشكل كبير بالثورة الاسلامية وقيمها.
- الاعلام المعادي يروج لفكرة أن هناك اقصاءً للإعلام في ايران، ما هي حقيقة الأمر؟
- نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يتعامل مع الاعلام بشكل قانوني ومنطقي، ولدينا قانون خاص تحت عنوان وسائل الاعلام، هذا القانون ليس من أجل الاقصاء أو الرقابة بل معظم أجزائه هي قوانين خاصة لدعم وتقديم التسهيلات لوسائل الاعلام.
الحكومة في ايران تقدم لوسائل الاعلام الدعم من أجل تقوية مؤسساتها، وجميع الحكومات بعد الثورة عندما تريد أن تتحدث عن نجاحاتها تشير الى مؤشراتها الناجحة في مجال التنمية الاعلامية.
أما في ما يتعلق بادعاءات الأعداء بشأن الرقابة والاقصاء، أريد أن أشير الى نقطة مهمة وهي أنه حسب قانون الاعلام، وكما في كل الدول، اذا قامت وسيلة اعلامية بمخالفة القانون كالاساءة وعدم احترام حقوق الآخرين أو الإساءة لمقدسات المجتمع، سيكون من الطبيعي أن تتم مساءلتها.
لكن حسب قانون الاعلام، يحق لوسائل الاعلام الايرانية انتقاد أعلى المسؤولين في البلاد، مثلاً اذا قام الآن مكتب أحد المسؤولين بتوجيه شكوى ضد وسيلة اعلامية وجهت النقد لمسؤول ما، المحكمة سترفض الشكوى لأن من حق الاعلام توجيه النقد، واليوم نرى أنواع النقد وحتى النقد اللاذع من جانب وسائل الاعلام للمسؤولين. بشكل عام قانون الاعلام والصحف في ايران يدعم الاعلام.
- ما هي التطورات التي شهدتها ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية في مجال التدريب والتعليم الأكاديمي للاعلام في البلاد؟
- أحد انجازات الثورة الاسلامية في هذا المجال التطور الذي شهدته البلاد في التعليم الأكاديمي للإعلام، في مجال العلوم الاجتماعية قبل الثورة كانت تشهد ايران ضعفاً والجامعات الايرانية لم تكن تدرّس الاعلام والعلوم المرتبطة به.
مثلاً في مجال الدكتوراه لم تكن توجد جامعات تدرّس العلوم الاجتماعية، ولكن بعد الثورة الاسلامية شهدت ايران تطوراً كبيراً في مجال العلوم الانسانية والاجتماعية.
قبل الثورة كان عدد طلاب الجامعات أقل من 200 ألف شخص ولكن اليوم هناك مليونا طالب فقط يدرسون في مجال العلوم الانسانية.
هناك اليوم مئات الآلاف يدرسون في مجال العلوم الاجتماعية في جميع محافظات البلاد ومنها علوم الاعلام والاتصالات.
في ايران يوجد عدد كبير من الجامعات والكليات تدرّس علوم الاعلام في مرحلة الدكتوراه وهي تدرس كذلك طلاباً أجانب من شرق العالم الى غربه ومن مختلف القارات والدول.
نحن في وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية أسسنا كلية الاعلام والخبر في العقد الثاني من الثورة الاسلامية وهي الكلية المستقلة الوحيدة في الشرق الاوسط المختصة بالاعلام بشكل علمي وعملي ولديها فروع في طهران وخمس مدن أخرى لتدريب أجيال تعمل في وسائل الاعلام أو العلاقات العامة في الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة.
ونحن في كلية الاعلام والخبر نركز على التدريب العملي للطلبة.
ايران اليوم نظراً لوجود كليات الاعلام في جامعات مهمة مثل جامعتي طهران والعلامة الطباطبائي، أصحبت مركزاً للتدريب الأكاديمي الاعلامي في المنطقة والعالم. وخلال محادثاتي مع نظرائي في مختلف الدول فإن موضوع التعليم الاعلامي هو أحد المواضيع التي يتم بحثها خاصة في مجال تبادل التجارب واستضافة الطلبة والاعلاميين من مختلف الدول في ايران.
- كيف استفادت اليوم الثورة الاسلامية من فرصة تطور العوالم الافتراضية؟
- شهدنا خلال السنوات الأخيرة تطوراً كبير في مجال الأجواء الافتراضية، خاصة أنها خلقت فرصة وتحدياً لوسائل الاعلام.
وسائل الاعلام الخاصة والحكومية في ايران اتجهت الى استخدام الأجواء الافتراضية، لأن جميع أطياف وأبناء الشعب يستخدمون وسائل الاعلام الاجتماعية الناشطة على الهواتف النقالة.
اليوم المجتمع الايراني يعيش بشكل كبير في ظل الأجواء الافتراضية، الشبكات الاجتماعية وجزء كبير من هذا التواجد هي لمتابعة الاخبار.
- كيف تقيمون اليوم نشاط وتعاون وسائل اعلام جبهة المقاومة في مواجهة الاعلام الصهيو - أمريكي؟
- خطاب المقاومة اليوم واجه إقبالاً في العالم، كانت المقاومة تتهم سابقاً بالتشدد وما شابه ذلك، لكن اليوم رأى العالم بعد حضور المقاومة في سوريا أن تيار المقاومة يقف ضد الارهاب والتطرف التكفيري، ويعرف الجميع أن الدول التي تدعم هؤلاء الارهابيين هي التي تقف ضد محور المقاومة.
تيار المقاومة اليوم تيار متطور وحضاري وخلق انجازات كبيرة في المجال العلمي والاعلامي والاجتماعي، وأكبر دليل على ذلك هو منطق المقاومة وهو منطق الدفاع والمطالبة بالعدالة والشفافية والديمقراطية. اليوم محور المقاومة يدعو الى استفتاء في فلسطين بمشاركة الشعب الفلسطيني ولكن أعداء هذا المحور لا يقبلون بهذا المنطق. اليوم نرى سيادة الشعب وصناديق الاقتراع في لبنان والعراق وايران، هذه هي الثقافة السائدة في هذه الدول.
تيارات محور المقاومة في العراق هل جاءت الى العمل السياسي بالسلاح؟ هي جاءت الى العمل السياسي من خلال أصوات الشعب وصناديق الاقتراع.
التيار الصهيوني في وسائل الاعلام لا يمكنه أن يتحمل هذا المنطق. اليوم نرى حضوراً قوياً للمقاومة في الاعلام، ووسائل الاعلام هي سلاح للمقاومة، ونرى مقاومة اعلامية وثقافية من خلال استخدام التطورات التي حدثت في مجال العوالم الافتراضية، وقد تم كسر الهيمنة الاعلامية للاعداء.
المقاومة ترفع راية العدالة والقيم الانسانية والكرامة وهي تروج للغة المشتركة للبشرية، ومجال الاعلام هو أهم سلاح للمقاومة.
خطاب الثورة الاسلامية مبني على أساس القيم الالهية والانسانية وهو يحمل راية الحرية والعدالة والكرامة ويواجه التطرف والارهاب ويدعو الى الوسطية والمنطق، وشبابنا الشجاع والعالم قد خلق حركة جديدة على المستوى العالمي تدعو الى تحقيق هذه القيم ومواجهة التطرف.
وفي الختام، أعتقد أن خلق حوار اعلامي مبني على أساس خطاب الثورة الاسلامية على المستوى العالمي والاقليمي سيكون عملاً ناجحاً لتحقق هذه القيم.