خاص العهد
هل يقفز سعر صرف الدولار إلى الـ 20.000 ليرة؟!
عامان للوراء، كان سعر صرف الدولار في لبنان 1500 ليرة، إلاّ أنّ العام 2021 شهد تضاعف هذا السعر عشر مرّات، فيما كانت السّاعات الأخيرة مسرحًا لهذا الإرتفاع.
وتختلف وجهات نظر الأخصائيين حول سبب هذا الصعود السريع للعملة الخضراء مقابل اللّيرة، ففي حين يرجعه البعض إلى الأزمة السياسية التي تتخبّط البلاد في شباكها دون تشكيل حكومة إضافة إلى أزمة شحّ الدولار في شقّها الاقتصادي، يرى آخرون أنّه نتاج عامل نفسي ومسألة عدم ثقة المواطن بالعملة الوطنية.
الخبير الاقتصادي، عماد عكوش، رأى في حديث لموقع "العهد الإخباري" أنّ السبب الأساس في ارتفاع سعر الدولار وتخطّية حاجر الـ 15000 ليرة، هو سياسي في ظلّ الأوضاع السائدة اليوم، عازيًا ذلك لعدم الثّقة بتشكيل الحكومة وبالتالي عدم الثّقة بإعادة الحركة السياسية والإقتصادية للبلاد، إضافة إلى ذلك عدم الثقة بأن تشهد الحركة السياحية مجدّدًا الإنتعاش، خاصّة إذا أقفلت الطرقات مجددًا، مضيفًا أنّ "ما رأيناه في اليومين الماضيين إن استمر فهو سيقفل أبواب لبنان أمام السياحة".
ويلفت عكّوش إلى أنّ هذا القطاع كان الأمل الوحيد بالنسبة للبنان وللشعب اللبناني - حتى في ظلّ الأزمة السياسية - بأن يمرّ هذا الصيف على الأقل وهناك استقرار سياسي، وهناك عرض للدولار، لكن ما يحدث من مستجدات على الساحة الداخلية لا يشجّع أبدًا".
ويرفض عكوش الحديث عن سقف لصعود الدولار، "طالما أنّ الوضع السياسي "فلتان" ولا معالجات لموضوع احتياطي العملات الصعبة وتمويل المستوردات"، إضافة إلى ذلك الخوف من عدم قدوم المغتربين.
ويحذّر عكوش من بقاء الأمور على حالها في موضوع تشكيل الحكومة، لأنّ الوضع لم يعُد يحتمل الإنتظار فيما المفترض العمل سريعًا على اتّخاذ قرارات جريئة لترشيد الدّعم وإيجاد البديل عن الإستمرار بهدر العملات الصعبة الموجودة في مصرف لبنان عبر بطاقة تمويلية، واصفًا الواقع الحالي بأنّه "حفلة جنون"، والأمور غير واضحة.
عكّوش توقّف عند الكلام الفرنسي عن تشكيل صندوق للخدمات العامّة، معتبرًا أنّ ما من دولة في العالم وصلت إلى ما وصلنا إليه في لبنان، بأن يُشكّل للّبنانيين صندوق لأدنى الأساسيات والمقوّمات الإنسانية التي يمكن أن يحصل عليها أيّ شعب.
ويُضيف "سمعنا أيضًا أنّ صندوق النّقد الدولي يتحدّث عن عدم وجود داعٍ لقانون "الكابيتال كونترول"، والذي هو ضروري لإعادة تفعيل القطاع المصرفي والحياة الاقتصادية والقيام بإصلاحات، ولا يمكن الإنطلاق مجدّدًا من دون هذا القانون، فأين يمكن أن يكون قد ذهب صندوق النّقد بتفكيره؟!".
وفيما يؤكّد عكوش على أهمية دور الجهات الرّقابية، يقول "على وزارة الاقتصاد أن تقوم بدورها بشكل صحيح، وإن كانوا لا يعرفون، فليبادروا لتشكيل لجنة من الخبراء الاقصاديين لترشدهم إلى كيفية العمل الصحيح".
يشوعي: كتلة نقدية كبيرة بالليرة مقابل كتلة دولار معروضة بخجل
من جهته، الخبير المالي، إيلي يشوعي، يرى أنّ العامل الأقوى الذي يتحكّم بسعر الدولار هو العامل النفسي، والمتمثّل بالإحباط والتوقّعات شديدة السلبية في أذهان اللّبنانيين إزاء المستقبل القريب للبنان على الأقل.
ويضيف في حديث لموقع "العهد" الإخباري "لا نستطيع القول أن لا وجود لدولارات نقدية في لبنان، فهي موجودة، لكن ليس في المصارف، فالمبالغ التي سُحبت وتراوحت بين 20 و25 مليار دولار في أواخر عام 2019 وخلال عام 2020، هذه الأموال تحوّل قسم منها إلى الخارج، وقسم لا بأس به منها جرى الإحتفاظ به في أماكن خاصّة بلبنان في المنازل وخزنات المصارف".
وبحسب يشوعي، العامل النّفسي الضاغط يجعل الناس الذين يحملون الدولار النّقدي، يتمسّكون بهذه العملة ويعتبرونها مصدر اطمئنان وضمانة لهم ولإنفاقهم، وهم لا يبيعون أو يعرضون الدولار، كما أنّهم ينفقون أكثر ما توافر بين أيديهم من الليرات.
ويختصر يشوعي المشهد بأنّه لدينا في لبنان كتلتين نقديتين، الأولى بالليرة اللبنانية وهي ترتفع بوتيرة عالية نسبيًا، تقابلها كتلة أخرى بالدولار معروضة بشكل ضعيف وخجول، وهي غير معروضة عمليًا، وهناك عدم توازن بين هاتين الكتلتين، ممّا يجعل من الدولار المتوافر يساوي الكثير من الليرات، وطالما أنّ الكتلة النقدية الأولى غير مفرملة، فهذا معناه أنّ السعر سيواصل الإرتفاع.
ويشير إلى أنّ هناك تمسّكًا بالدولار، وبالمقابل، حجم الكتلة النقدية بالليرة يزداد، مفترضًا على سبيل المثال أنّ الدولة اللبنانية تجبي 50% من الضرائب، إلّا أنّ هذه المبالغ التي تقدّربـ 9000 مليار ليرة لا تكفي الدولة رواتب وأجور وملحقات أجور وتعويضات ومتقاعدين، إذاً فإنّ "طبع النقد ماشي شئنا أم أبينا".
ولدى سؤاله إن كان هناك من وسيلة للَجم ارتفاع الدولار، يشير يشوعي إلى أنّ عامل الثّقة أمر ضروري، وهو الإتيان بأشخاص للحكم في لبنان وجوههم توحي بالثّقة أكفّاء ووطنيين وأصحاب خبرة طويلة وماضيهم ناصع البياض من أجل لبنان، ومعروفون للرأي العام، متسائلًا في هذا الوقت ممّن يمكن أن نطلب هذه الثّقة، قائلا "فاقد الشيء أيمكن أن يعطيك إياه؟".
ويختم الخبير المالي بالقول إنّ مصادر التّمويل الخارجية نضبت أيضًا، وسبق أن أعلنت الحكومة إفلاس لبنان، فمن سيعطينا ديونًا بعد إفلاسنا؟.
الدولارالليرة اللبنانيةمصرف لبنان