معركة أولي البأس

خاص العهد

الأمن الصحي في خطر.. لكل صيدلية علبة دواء واحدة!
05/06/2021

الأمن الصحي في خطر.. لكل صيدلية علبة دواء واحدة!

بات حصول المريض على دواء بمثابة مهمّة صعبة إن لم تكن مستحيلة. مهمّة تقود الفرد للتوجه إلى عدد كبير من الصيدليات عسى ولعلّ يحظى بعلبة أو حتى ببضع حبات من الدواء الذي يبحث عنه. هذا الواقع يعاني منه المواطن منذ أشهر، وقد اشتدّت حدّته في الفترة الأخيرة، حيث يشهد السوق الدوائي فقدان كميات كبيرة من الأدوية منها 87 دواء للأمراض السرطانية والمزمنة. التدقيق في الأزمة الحاصلة يُبيّن اليد الطولى لمصرف لبنان. انتقال الأخير من آلية عمل الى أخرى دون سابق إنذار مطالبًا مستوردي الأدوية بالحصول على موافقة مسبقة للاستيراد المدعوم أربك السوق. المستوردون توقفوا عن تسليم عدد كبير  من الأدوية المخزّنة ريثما يوقّع البنك المركزي الموافقات المسبقة. وما بين الكباش الحاصل بين مصرف لبنان ومستوردي الأدوية ثمّة صحّة مريض تدفع الثمن، ما يفتح النقاش حول السياسة الدوائية "العوجاء" التي يتّبعها لبنان والتي تتسبّب بهدر سنوي من خزينة الدولة يذهب لجيوب التجار و"كارتيل" الدواء. 

عراجي: كباش ضحيته المواطن 

رئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور عاصم عراجي يرى في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ كباشًا حاصلًا بين المستوردين ومصرف لبنان يدفع ثمنه المواطن. مصرف لبنان يتّهم المستوردين باستيراد كميات كبيرة بمبالغ مدعومة، في الوقت الذي حدّد فيه مبلغ الدعم بـ 90 مليون دولار في الشهر ما بين مستلزمات طبية وأدوية. يقول مصرف لبنان إنه دفع فواتير بما يفوق المليار و300 مليون دولار منذ بداية عام 2021 لغاية 20 أيار، بينما العام الماضي كانت الفاتورة 450 مليون دولار في أول خمسة أشهر. وفي المقابل، ينفي المستوردون هذا الكلام ويشدّدون على أنهم تلقوا دعمًا كما العام الماضي وأنّ مصرف لبنان سدّد فواتير عن عام 2020. ثمّة حلقة مفقودة -يقول عراجي- الذي يشير الى أنّ ثمّة اتهامات وجّهت للمستوردين لجهة تخزين أدوية أو تحويل دولار "فريش" الى الخارج فيما ينفون من جهتهم هذه الاتهامات جملة وتفصيلًا. وعليه، طلب وزير الصحة الدكتور حمد حسن  من المستوردين جميع الفواتير المدعومة للتدقيق بها. 

الأمن الصحي في خطر.. لكل صيدلية علبة دواء واحدة!

وفيما يوضح عراجي أنّ التفتيش الصيدلي في وزارة الصحة أجرى كشفًا على المستودعات فتبين أن هناك أدوية مدعومة وأخرى غير مدعومة في المخزن نفسه، يلفت الى أنّ مئات الأدوية مفقودة من السوق بعد أن أوقف المستوردون التوزيع منها 87 دواء للأمراض المستعصية والسرطانية، ما يؤثّر على الأمن الصحي. 

الأمين: كل صيدلية تستلم علبة دواء واحدة في الشهر 

نقيب الصيادلة غسان الأمين يلفت في حديث لموقعنا الى أنّ المستورد يُسلّم كل صيدلية علبة دواء واحدة في الشهر، وهذا الأمر غير مقبول. وفق قناعات الأمين، يسلمون الصيدليات الدواء بالقطارة ليقولون إننا لا زلنا نبيع الدواء ولكن فعليًا كأنهم لا يُسلّمون شيئًا.

الأمن الصحي في خطر.. لكل صيدلية علبة دواء واحدة!

لبنان يعتمد على سياسة دوائية تتكل في 93 بالمئة منها على الاستيراد

يوضح الأمين أنّ الكباش الحاصل يؤثر بشكل كبير على المواطن، فكما أن الصيدلية ضرورية للمواطن لتزوّده بالدواء، فالمستورد ضروري أيضًا للصيدلية والمواطن على حد سواء خصوصًا أنّ لبنان يعتمد على سياسة دوائية تتكل في 93 بالمئة منها على الاستيراد. ويرى الأمين أنّ المشكلة الحقيقية تكمن في إصرار الدولة على دعم الدواء وفقًا لسعر 1515 دون وجود سياسة دعم واضحة ومستقرة. برأيه، عندما يكون لدينا فواتير مستوردة في إطار اتفاق يطلب فيه مصرف لبنان من المستورد الاستيراد للحصول على الدعم، لا يستطبع مصرف لبنان فجأة طلب الموافقة المسبقة. هذا الأمر أحدث هلعًا كبيرًا. ثمة كميات كبيرة من الأدوية مستوردة على أساس أنه سيتم دعمها. بيان المصرف دفع بالمستوردين الى انتظار دعم الفاتورة لتوزيع الأدوية. 

لا يستطيع مصرف لبنان فجأة وبدون إنذار الانتقال من آلية عمل الى أخرى

يشدّد الأمين على أنّ مصرف لبنان لا يستطيع وبكبسة زر الانتقال من آلية عمل الى آلية أخرى دون توجيه إنذار مسبق وتحذير كي لا ينعكس هذا الأمر سلبًا على السوق كما حصل بالفعل حيث لم يوقّع مصرف لبنان حتى اليوم أي فاتورة، ما اضطر وزير الصحة لأن يجري زيارة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجرى الاتفاق على آلية لم تطبق حتى الساعة. وهنا يوضح الأمين أننا موعودين في بداية الأسبوع المقبل بأن يوقّع مصرف لبنان على مبلغ الـ200 مليون دولار الذي على أساسه تزود الوزارة المصرف بأسماء الأدوية التي يجب أن تحظى بالدعم حسب الأولويات مع الأخذ بعين الاعتبار العدد بمعنى أن لا يستورد الوكيل كميات كبيرة وأكثر من مرة خلال فترة وجيزة، والنوعية بحيث إنّ هناك أدوية ضرورية أكثر من أدوية أخرى، كما أنّ هناك أدوية "جنريك" لها الأولوية لاستيراد أكبر عدد من الأدوية بأقل مبلغ من المال. وفق الأمين، ستنجز دراسة في وزارة الصحة للفواتير والأولويات لتنظيم السوق أكثر. وعليه، اذا سارت الأمور كما يجب  ستحل الأزمة جزئيًا ولكن حتى الساعة لم يتبلور الاتفاق الذي أعلن عنه منذ 10 أيام. 
 
السياسة الدوائية خطأ بخطأ 

يلقي الأمين باللوم على السياسة الدوائية الموجودة والتي أُسّست على خطأ ما دفعنا الى السقوط عند أول هزة اقتصادية. هذه السياسة لم تراع الفقير ولا أصحاب الدخل المحدود، واعتمدت على لائحة "البراند" ما جعلها أغلى فاتورة دوائية في المنطقة، اذ نشتري سنويًا أدوية بمليار و200 مليون دولار. ويلفت الأمين الى أنّ الهدر الحاصل على مستويين: أولًا بسبب اعتمادنا على أدوية غالية الثمن بدل أن نشجّع أدوية "الجنريك"، مع العلم أن دول العالم تبذل ما بوسعها لتشجيع "الجنريك". وثانيًا، ثمة استهلاك كبير لأدوية يستهلكها المواطن لا لزوم لها. وهنا يشدّد الأمين على ضرورة ترشيد استخدام الدواء وأن يكون هناك نسبة وعي عالية لدى المواطن ما يستوجب توعيته من قبل الأطباء والصيادلة ووزارتي الصحة والإعلام.

 وفي الختام، يشدّد الأمين على ضرورة وجود خطة دوائية ترشيدية يشارك فيها حاكم مصرف لبنان والوزارات المعنية لإيجاد حل مستدام لأزمة الدواء.
 

مصرف لبنانالدواء

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة