خاص العهد
ممثل "حماس" في لبنان لـ"العهد": دلالات استراتيجية للانتصار داخل فلسطين وإضافة إنجاز جديد لمحور المقاومة
انتهى العدوان على قطاع غزّة بخيبة وهزيمة نكراء للعدو وانتصار جليّ وواضح للمقاومة التي واجهت آلة الحرب الصهيونية لمدة 11 يومًا، دون أن تستنفذ ما في جعبتها من أوراق قوّة، وبقيت يدها على الزناد لحماية القدس والأقصى وكل الأراضي الفلسطينية.
الليالي العشر ستكتب في التاريخ، وما بعدها لن يكون كما قبلها، في الداخل الفلسطيني وفي المنطقة والعالم ككل، وهي أكدت مجددًا أنّ العين تقاوم المخرز، ووجهت صفعة لكلّ الأنظمة التي هرولت إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني لطلب النجدة والعون، في وقت يصارع هذا الكيان للخروج من الوحول التي أغرق نفسه بها محاولًا أن ينجو بنفسه.
ممثل حركة حماس في لبنان، أحمد عبد الهادي، أكد لموقع "العهد" الإخباري أن لهذه المعركة خصائص وطبيعة استراتيجية من الطراز الأول تتميّز بها عن سابقاتها التي حصلت عام 2008 و2012 و2014.
أول ميزة، أنها وحّدت الشعب في كلّ الجغرافيا الفلسطينية من غزّة إلى الضفة للقدس والأراضي المحتلة عام 48 في لوحة وطنية مقاومة رائعة، كما امتازت بأنّ غزة استخدمت السلاح، فيما استُخدمت الثورة الشعبية في الضفة والقدس وأراضي الـ48.
وبحسب عبد الهادي، تميّزت هذه المعركة أيضًا بأن عنوانها كان القدس، ففي المعارك السابقة كان العنوان غالبًا الدفاع عن النفس عند الاعتداء على قطاع غزة، أما في هذه المعركة فكان العنوان القدس والمسجد الأقصى، ما أعطاها بُعدًا على مستوى الأمّة والعالم وليس فلسيطينيًا فقط، لأنّ قضية القدس استراتيجية وكبيرة جدًا، وهي أعطت صبغة خاصة جدًا، وتحرّكت كل الأمة نصرة لهذه الهبّة التي قام بها الشعب الفلسطيني.
ولفت المسؤول في "حماس" إلى أنّ "هذه المعركة امتازت كذلك بأنّ المبادرة فيها كانت من قبل المقاومة وليس من قبل العدو الصهيوني، فكانت هجومية وليست دفاعية، فالمقاومة تعرف ماذا تفعل، وهي قررت أن تنتصر للقدس، فقصفت "تل أبيب" والمستوطنات.
ونوّه إلى أنّ المقاومة أدارت هذه المعركة بحكمة واقتدار، فهي تمتلك إمكانات كبيرة جدًا فاجأت العدو، علمًا أنّ ما تم استخدامه من صواريخ وأسلحة لا يساوي شيئًا مما تمتلكه المقاومة، ولو أنها استمرت أكثر لوجد العدو ما يدهشه، مضيفًا أن الصواريخ طالت معظم الأراضي المحتلة الرئيسية وشلّت الكيان بشكل كامل.
ممثل "حماس" في لبنان أكد أن ما بعد هذه المعركة ليس كما قبلها، ولها دلالات استراتيجية كبيرة، بمعنى أن هناك تأثيرات استراتيجية خطيرة جدًا وهامة بالنسبة لما حققه الشعب الفلسطيني من إنجازات:
أولًا- هي غيّرت طبيعة الصراع ووجهته مع العدو، وانتقلنا نقلات نوعية في خط ومسار التحرير، وبات الانتصار على هذا العدو في المعركة الكبيرة قريبًا ووشيكًا، بعد أن كان بالنسبة للبعض من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة بعيد المنال، أو لم يكن هناك أمل بشكل أو بآخر.. اليوم الأمل كبير لأنّ هذه المعركة قدّمتنا خطوات كبيرة جدًا باتجاه مشروع التحرير، وبدا العدو مترنحًا ومهتزًا ومهددًا على مستوى وجوده، وهذا ما لم يتم في أيّ معركة سابقة منذ عام 1948.
وخلص إلى أنّه على المستوى الفلسطيني، ستتغيّر طبيعة الصراع، وسيتم التأسيس على هذه المعركة في التعاطي مع العدو في المرحلة القادمة.
ثانيًا- لها تأثير استراتيجي في المنطقة، فالذين هرولوا باتجاه التطبيع من الدول العربية وبالذات الخليجية منها، على قاعدة أن هذا العدو هو الذي يجب أن يُلجَأ إليه وتُقام الأحلاف معه، أصبح واضحًا أنّه أوهن من بيت العنكبوت، وبالتالي فإنّ مستقبل هؤلاء لن يكون جيدًا، لأنّه أصلًا مستقبل هذا العدو بات مُهددًا، وبالتالي سيفكر هؤلاء المطبّعون 100 مرّة قبل أن يمضوا قدمًا، أو قبل أن يفكّر أي بلد آخر بالتطبيع مع الصهاينة، هذه الحرب فرضت معادلات في المنطقة لا يمكن تجاوزها.
وعلى مستوى محور المقاومة الذي حقق انتصارات على أكثر من جبهة وفي أكثر من مكان، رأى عبد الهادي أنه زاد إنجازًا على إنجازاته التي حققها من خلال المقاومة، وخصوصًا على العدو الصهيوني، وبالتالي ازدادت قوّته وسيبني على هذا الإنجاز في التعاطي مع المشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة.
ولم يغفل عبد الهادي تأثير هذا الانتصار على بعض الدول التي كانت تعتبر المقاومة إرهابًا، حيث باتت بعض الدول الأوروبية وغيرها ملزمة أن تتعاطى مع المقاومة وأن تحسب لها ألف حساب، وأن تمتنع عن وصفها بالإرهاب، لأنها أدركت أن هذه المقاومة فرضت نفسها وأنها قوّة كبيرة قارعت هذا العدو الصهيوني وتغلبت عليه في هذه المواجهة رغم الاختلاف في موازين القوى.
وختم بالقول إن "هناك قراءة استراتيجية جديدة على المراقبين والمحللين أن يعكفوا على دراستها، ومن باب أولى القيادات السياسية والاستراتيجية للمقاومة، لكي تنظّر للمرحلة القادمة بناء على هذا الإنجاز الذي سُجّل".
القدس المحتلةسيف القدساحمد عبد الهادي