خاص العهد
معمل الزهراني يعود إلى العمل.. العتمة قد تتجدد!
سامر حاج علي
عاود معمل الزهراني الحراري ابتداء من بعد ظهر الإثنين تشغيل وحداته الإنتاجية التي كانت متوقفة عن العمل طوال الأسبوع الماضي بعد نفاذ مخزون الفيول أويل المخصص له وتعذر تزويده بالمادة نفسها مع تأخر وصول ناقلة النفط الكويتية التي علقت في قناة السويس إثر حادثه إغلاقها وتوقف الملاحة فيها بعد أن كان متوقعاً وصولها صباح السادس والعشرين من آذار الماضي، وعدم تمكن ناقلة أخرى كانت راسية مقابل مصفاة الزهراني البترولية من تفريغ حمولتها لعدم مطابقة مواصفات الكميات التي تحملها من الفيول مع شروط الشركة المصنعة للمعمل.
أزمة توقف معمل الزهراني الذي يعد أحد الأعمدة الرئيسية لمؤسسة كهرباء لبنان ويُنتج ما يقارب 465 ميغاوات ليغذي منطقة الجنوب واجزاء من بيروت ومناطق أخرى، انعكست سلباً وبشكل كبيرعلى مختلف قرى الجنوب خاصة دون أن تنجح محاولات المؤسسة بتعويضه من خلال زيادة الأنتاج من المحطات الرديفة كمحطة التوليد قرب مدينة صور والتي لا تصل في أقصى ساعات عملها إلى انتاج سبعين ميغاوات من الطاقة. محاولة لم تؤتِ ثمارها إلا في جيوب أصحاب المولدات الذين استغلوا الوضع المستجد لزيادة التعرفةعلى أسعا ر الخدمات التي يقدمونها ،فوصل سعر الكيلو واط الواحد من كهرباء الاشتراك في عدد من القرى إلى الألف ومئتي ليرة لبنانية ضارباً بعرض الحائط الأزمة التي تمر بها البلاد وأهلها وما تبعه ذلك من تدهور في الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، وقد ذهب بعضهم إلى العودة لنغمة المطالبة بضرورة زيادة أسعار خدماتهم بشكل دوري مع كل ارتفاع لسعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية والذي ووفق تصاريح مختلفة ادعوا بها يزيد من خسائرهم لأنه يرفع من أكلاف الصيانة والمواد التشغيلية من زيوت ومازوت وغير ذلك.
وفي سياق الإنتظار الذي طال لأسبوع، وصلت الناقلة الكويتية إلى الزهراني الأحد وبدأت بإفراغ 38 ألف طن من الفيول أويل في المعمل قبل أن تنطلق الاجراءات المطلوبة للتأكد من مطابقة مواصفات الشحنة مع دفتر شروط التشغيل الخاص بالمعمل ثم اطلاق صافرة العمل فدخلت الوحدات الانتاجية الثلاثة على خط التشغيل لتعيد لخطوط النقل عملها نحو محطات التوزيع الرئيسية فالفرعية فالقرى والأحياء المستفيدة، وتبعد شبح العتمة لفترة قد لا تكون بعيدة إذ كشفت مصادر لموقع العهد الإخباري أن الكمية من الفيول التي وصلت عبر الناقلة الكويتية يمكن لها أن تكفي عملية الإنتاج الحالية في المعمل لمدة لا تتجاوز الشهر وبضعة أيام كحد أقصى، وأن المعمل شأنه شأن المعامل الحرارية الأخرى يحتاج من الآن لفتح اعتماد لشراء المزيد من الكميات المطلوبة على سبيل الاحتياط وقبل أن تنفذ الكميات الموجودة مجدداً أو حتى قبل أن يحصل أي أمر طارئ يمنع وصول الفيول في المستقبل القريب إلى هنا، تماماً كحادثة قناة السويس مثلاً والتي أعاقت مسار الناقلة الكويتية.
المصدر نفسه لم يبد ُ متفائلاً فهو تحدث عن شح في الإعتمادات التي تفتح للمعمل من قبل مصرف لبنان، ويشير إلى أن هذا الشح أدى في الفترات الأخيرة إلى تراجع حجم شحنات النفط التي تستورد وبالتالي تراجع طاقته التشغيلية وساعات انتاجه، وزيادة ساعات التقنين في المناطق التي تتغذى من مجموعاته العاملة.
وأمام عودة الزهراني إلى خط الإنتاج والتحسن في ساعات التغذية، لن يكون لبنان إلا أمام اتساع في رقعة الأزمة التي لا يخرج منها قطاع الكهرباء بل يزداد غوصاً في عمق ديونها المتراكمة وفي ما تلحقه من هدر في مالية الدولة التي وصلت إلى حد الإفلاس، ولم ترتقِ بعد إلى مستوى الوعي بمصلحتها وبمصلحة قطاعاتها الإنتاجية واقتصادها الذي يُراد له أن لا يتعافى، وأن لا يتجه نحو خيارات استراتيجية جديدة تضمن له بناء قواعد ثابتة ومتينة وتصفّر فشَلَه وهدره ومديونتيه، وإلا فلماذا لا يجرؤ لبنان على التوجه شرقاً للحصول على عروض صينية مثلاً أو حتى القبول بهبات من دول أخرى كانت ولا زالت تشكل عروضها خارطة طريق واضحة ونموذجية لحل الأزمات المتلاحقة في هذه البلاد، والرفض هنا يأتي وفق منطق النكاوات التي باتت تقنع الناس قبل أي وقت مضى بأن ثمة دولة عقيمة في لبنان تفرض العتمة عليهم، وتفتح المجال أمام المحتكرين والتجار للإستفادة من الأزمة التي يدفع ثمنها المواطن فاتورة تلو أخرى !