خاص العهد
رسائل تقرير المخابرات الأميركية لابن سلمان .. الطاعة أو الإطاحة
يوسف جابر
بعد أكثر من سنتين صدر تقرير المخابرات الأميركية المتعلق بجريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في تشرين الاول/ اكتوبر 2018، لكنّه لم يكن على مستوى التوقّعات، بل الأنكى من ذلك لم يتضمّن عقوبات على المتهم والمتورط الأساس في الجريمة الشنيعة أي ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان، فماذا وراء ذلك من خلفيات؟، ولماذا صدر في هذا التوقيت بالذات؟، وما هي مآرب الإدراة الأميركية التي تريد تحقيقها من جراء تداعيات هذا التقرير؟، خاصة أنّه تزامن مع تصريحات من مسؤولين أميركيين بشأن إعادة تموضع العلاقات بين واشنطن والرياض.
وعليه، وللإجابة على مجمل الأسئلة المطروحة أعلاه كان لا بدّ من التوقُّف عند حيثيات تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي يشير بالحد الأدنى إلى دلالاتٍ عدَّة حول مسار العلاقة المستقبلية المتوقعة بين إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن والسعودية، وهذا ما كان محور المقابلة مع أستاذ العلوم السياسيّة الدكتور علي فضل الله الذي اعتبر أنَّ عدم فرض الخزانة الأميركية عقوباتٍ على ابن سلمان رغم اتهامه المباشر بأنَّه أجاز العملية يوحي بمقدارٍ عالٍ من الابتزاز، وذلك على الرغم من فرضها العقوبات على يده اليُمنى النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة أحمد العسيري ومستشار الديوان الملكي سعود القحطاني.
وأشار فضل الله في حديثه لـ "العهد" إلى أنَّ جزءًا من التقرير لم يُنشر ما يعزِّز فرضية الابتزاز حيث تُلِّوح الإدارة الأميركية بباقي التقرير لابن سلمان إمَّا لتبتزه ماليًا أو بمواقف سياسية، وما على ولي العهد السعودي إلاّ تنفيذ مطالبهم ليتخلّص من هذه الورطة خوفًا على فرصته في الاستمرار في حكم المملكة من أن تتلاشى خصوصًا بعد تواتر الحديث في الفترة الأخيرة عن مرشَّحين منافسين له وهما محمد ابن نايف وأحمد ابن عبد العزيز.
فضل الله أوضح لـ "العهد" أنَّه علينا انتظار مسار الأمور في المرحلة المقبلة لنرى نوعية التنازلات المطلوبة من ولي العهد السعودي، للحُكم بناء عليها إنْ كان فريق بايدن ومن وراءه ومن معه سيجدون مصلحتهم في استبعاد ابن سلمان والاتيان بآخر غير متورط بهذا الكمِّ من المشاكل، أو أنَّه سيحقق لهم غاياتهم.
ولفت فضل الله إلى أنَّ فرض الولايات المتحدة عقوباتٍ على العسيري الذي كان نائبًا لرئيس الاستخبارات العامة والمكلَّف بالتنسيق الأمني مع "إسرائيل" إشارة لافتةٌ تمسُّ بالكيان الصهيوني.
إلى ذلك، افترض فضل الله أنه في حال العودة بالسير بمضامين الاتفاق النووي، يجعل "تغيير الوجوه" في السعودية أمرًا مُمكنًا كما جرى الحال في قطر، حيث أتى ضابطٌ من البنتاغون أخبر أمير البلاد حينها حمد آل ثاني بأنَّه عليه التنحي لابنه تميم بسبب مشاكله، لينفِّذ حمد الطلب الأمريكي ويتنازل لتميم عن إمارة قطر عام 2013.
كذلك، رأى فضل الله أنَّ أوباما في آخر ولايته وجَّه انتقداتٍ شديدةٍ للسعودية، وأحدثت تصريحاته جدلًا، كذلك إدارة بايدن سارت على نفس المنهج وكشفت تورط بن سلمان بمقتل خاشقجي ما سيحدثُ جدلًا أيضًا، فدول المركز المتكبِّرة تنظر لوكلائها باحتقارٍ، وفي نهاية المطاف تريد تلك الدول مصلحتها.
وختم قائلًا إنَّ "فشل ولي العهد السعودي في إدارة ملفاته يجعل المركز الإمبريالي يخاف على مصالحه وسياسياته في المنطقة كونه وكيلهم، ومن سنواتٍ ذكر التقرير الاستراتيجي الأمريكي أنَّه إذا تبيّن أنّ ابن سلمان يشكل تهديدًا لاستقرار العرش السعودي سيُنحَّى ويؤتى بوكيل آخر للمصالح الأمريكية".