خاص العهد
الدولار الطالبي: المصارف لا تزال "تتمرّد".. وسلامة فوق القانون
فاطمة سلامة
في تشرين الأول من العام الماضي أصبح قانون الدولار الطالبي نافذاً بعد صدوره في الجريدة الرسمية. كلمة "نافذ" هنا لا تحتمل الشك والتأويل والمماطلة؛ فأن يصبح قانون نافذاً يعني أن يتحوّل مباشرة الى التطبيق. ولمن لا يعلم، فإنّ القانون المذكور والذي أعدته كتلة الوفاء للمقاومة يلزم المصارف العاملة في لبنان بتحويل مالي لا تتجاوز قيمته الـ10 آلاف دولار أميركي لمرة واحدة لطلاب الخارج. إلا أنّه وبعد أشهر على صدور القانون لا يزال حبراً على ورق، فيما تزداد أحوال الطلاب قساوةً. ثمة من يتمرّد على القانون وكأنه فوقه فيمنع تطبيقه. للأسف، لم يعد هناك اعتبار حتى للقوانين في لبنان وكأنّها وجدت كي لا تُطبّق. والمفارقة هنا تكمن في ازدواجية المعايير التي يطالعنا بها المعنيون في لبنان. لا حرج لديهم في تطبيق القوانين على الضعفاء، والتغاضي عنها عندما تصبح في حضرة الأقوياء.
بموازاة هذا الواقع، نفّذت جمعية أهالي الطلاب في الخارج سلسلة تحركات في مختلف المناطق للمطالبة بالإسراع في تطبيق القانون، ملوّحة بالمزيد من التصعيد. فعلى من تقع مسؤولية عدم تطبيق القانون؟ وما الخطوات المقبلة لأهالي الطلاب؟.
حمادة: سلامة "المتمرد" على القانون يتحمل مسؤولية عدم تطبيق الدولار الطالبي
عضو كتلة الوفاء النيابية النائب الدكتور ايهاب حمادة يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ الغالبية الساحقة من المصارف لا تزال تتلكأ في تطبيق القانون، وهذا الأمر يتحمل مسؤوليته -وفق حمادة- بالدرجة الأولى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "المتمرد" على القانون. يتمنى حمادة لو جرى تضمين الادعاء الذي تم على سلامة بتهمة "سوء الأمانة" من قبل القاضية غادة عون ادعاء رسميا بقضية الدولار الطالبي لمخالفته القانون. وفق المتحدث، سلامة موظّف يخالف القانون اللبناني، وعليه يجب مطالبته على المستوى القضائي واتخاذ الأحكام بحقه. بتقدير حمادة، لو أراد حاكم مصرف لبنان لدفعَ المصارف نحو تطبيق القانون لأنه الأساس في هذه العملية. مصرف لبنان والمصارف شركاء ومتكاملون في الموقف -يقول حمادة- الذي يلفت الى أنّ الحاكم هو المفتاح الرئيسي لتطبيق القانون، ولكنه اليوم بحكم "المتمرد" على القانون وهذا ما يجب أن يحاسب عليه قضائياً.
وفي معرض حديثه، لا ينكر حمادة أنّ بعض المصارف تجاوبت مع الأهالي، موجّهاً اليها الشكر كبنك "عودة" في الشمال الذي أجرى 21 تحويلاً للطلاب وفق قانون الدولار الطالبي. وبالأمس بعد الاعتصام في شتورة وعد بنك "بيبلوس" الأهالي -بعد أن تم الاعتداء عليهم بالضرب من قبل البنك ورأينا مشهدا من أسوأ ما يكون- وعدهم بتحويل الأموال.
مئات الطلاب لم تقدر لا على العودة ولا على التسجيل
ولا يخفي عضو لجنة التربية النيابية أنّ وضع الطلاب سيئ جداً، فمعظمهم لم يستطع التسجيل حتى الآن. وهنا يلفت حمادة الى أنه وعلى قاعدة رب ضارة نافعة كان الوضع الكوروني إيجابيا لجهة مساهمته في التخفيف من مصروف الطلاب بعد عودتهم الى لبنان ومتابعة الدراسة "أونلاين" . إلا أنّ الأزمة المقبلة تكمن -بحسب حمادة- في عودة هؤلاء الطلاب الى الخارج بعد استئناف الجامعات التعلم الحضوري وعودة التسجيل، اذ هناك مئات الطلاب الذين لم تقدروا حتى اليوم لا على العودة ولا على التسجيل، ومن بقي في الخارج لم يتمكن من دفع إيجار المنزل فترك منزله وتوجه للعيش مع زملائه. وفق حمادة، حصل تكافل بين الطلاب أكثر من الدولة والحاكم والمصارف التي سحبت دماء الناس بكل ما للكلمة من معنى والآن يدمرون مستقبل الطلاب.
المصارف تراكم غضب الناس الى حد سينفجر حتماً في وجهها
وحول مصير الطلاب، يلفت حمادة الى أنّ الوقت يضيق الى الحد الأقصى ولم يتبق أمامنا سوى أيام وإلا سيضيع مستقبل آلاف الطلاب في لبنان. ويوضح حمادة أنّ الأهالي بدأوا بسلسلة تحركات، والمصارف تراكم غضب الناس الى حد سينفجر حتماً في وجهها. ويعرب حمادة عن اعتقاده بأن الأمور قد تذهب الى العنف باتجاه المصارف لأنّ الناس لم تعد تحتمل هذا الأداء والاستهتار واللامبالاة. هل حاكم مصرف لبنان أكبر من الدولة والرؤساء والدستور والقانون؟ يسأل حمادة الذي يشدد على أننا وصلنا الى الموقف اللاإنساني واللاأخلاقي وأعتقد أن المصارف لن تتمكن من الإفلات -ليس من يد التاريخ- بل وصلنا الى مرحلة قد تدفع فيها الثمن بالمباشر.
لإقامة الحدود على المخالفين للقانون
ويرى حمادة أنّ الدولار الطالبي برسم رئيس مجلس النواب نبيه بري حارس التشريع والسلطة التشريعية العليا في لبنان. وفق قناعاته، فإنّ الكلام الذي يخرج إعلامياً لا يكفي بدليل أن الأهالي لم يتمكنوا من تحصيل الدولارات وفقاً لقانون الدولار الطالبي. برأيه، لا يكفي الكلام الصادر عن رئيسي الحكومة والجمهورية بل عليهم مسؤولية الذهاب أكثر من ذلك وإقامة الحدود على المخالفين للقانون.
حمية: نعيش مع المصارف في دائرة الكذب والتهرب والتضليل
عضو جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج سامي حمية يلفت في حديث لموقعنا الى أنّ أهالي الطلاب في الخارج يعيشون مع المصارف في دائرة الكذب والتهرب والتضليل، حيث يتم التهرب من تطبيق القانون الذي تسلح به الطلاب. لكن حمية يلفت الى أننا سنظل نطالب بحقنا ولن نيأس وسنلجأ الى التصعيد، ففي هذا الإطار ممنوع اليأس والإحباط.
ويشدّد حمية على أنّ قانون الدولار الطالبي هو الوسيلة الوحيدة التي تحمي مستقبل شريحة شبابنا في لبنان، موضحاً أن القانون نسج خيوطه من ألم الناس ووجع الطلاب فيما تتهرب السلطة المالية من تطبيق قانون أقره مجلس نيابي مجتمعاً وصدر بمرسوم جمهوري ونشر بالجريدة الرسمية. وهنا يسأل حمية: هل هناك فصل بين السلطة السياسية والمالية؟ ألا يجب أن يُحاسب من يتخلف ويتلكأ عن تنفيذ القوانين؟
وفي السياق، يُجري حمية مقارنة سريعة بين المواطن العادي الذي تأتي القوى الأمنية لمحاسبته في حال تلكأ عن دفع غرامة معينة منبثقة عن القانون ويُتخذ إجراء قضائي بحقه، وبين ما يحصل اليوم لجهة المصارف التي تتلكأ عن تطبيق القانون ولا أحد يحاسبها في هذه "العصفورية السياسية" وفق ما يحلو لحمية القول، مستغرباً كيف يتم التغاضي عن تطبيق قانون بهذا الحجم ويشمل شريحة كبيرة من شباب لبنان يتهدّد مستقبلها بالضياع.
سنتجه الاثنين الى تصعيد كبير قد نضطر بموجبه الى نصب الخيم أمام مصرف لبنان
وحول الخطوات اللاحقة، يلفت حمية الى أننا نتشاور مع بعض الجهات وسنتجه الى التصعيد أكثر. بحسب حمية، سيكون شكل التصعيد أكبر مما حصل أمس الأربعاء حيث سقط جريح للجمعية على يد مدير المصرف وموظفيه. سنعطي مهلة أيام على أن نتجه الاثنين الى تصعيد كبير قد نضطر بموجبه الى نصب الخيم أمام مصرف لبنان لأنه هو الحاكم الفعلي. برأي حمية، سلامة هو المتحكم الأول بلقمة عيش البشر ولا قانون يطبق عليه. وجمعية المصارف هي فرع من مصرف لبنان وتعاميمها بمثابة التعاتيم لتضليل الرأي العام علماً أنّ المصارف تعهدت أمام رئيس الحكومة بتطبيق القانون لكنها لم تنفذ وعدها، فيما الطلاب في الشوارع وبعضهم لا يجد طعاماً.
وفي الختام، يكرّر حمية: "ذاهبون الى مصرف لبنان لنصب الخيم لأن حاكم مصرف لبنان مؤتمن على أموال الناس ونحن في وضع استثنائي، وثمة حالة طارئة يعيشها الطلاب الضحايا الذين لا مستقبل لهم". يسأل حمية: لنفترض أن هؤلاء الطلاب عادوا الى لبنان بلا تكملة الدراسة أين سيكون مستقبلهم؟ وفق قناعاته سيضيعون في الشوراع وستكون التداعيات كبيرة على المجتمع لأن تكلفة العلم أقل بكثير من تكلفة الجهل.