خاص العهد
ماذا عن اللاجئين الفلسطينيين في البيان الوزاري؟
هيثم أبو الغزلان
تشكّلت الحكومة اللبنانية بعد طول انتظار، قدّم مسؤولون فلسطينيون التهنئة بتشكيلها، ولكن البيان الوزاري خلا "من أي التزام اتجاه حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، الذين يعيشون المعاناة في المخيمات ورسالتهم التي يوجهونها دائمًا ضرورة "دعم صمود الفلسطيني حتى التحرير والعودة".
بعد تسعة شهور وُلدت الحكومة اللبنانية، وهي تضم أربع وزيرات لأول مرة في تاريخ لبنان، صِيغ بيانها الوزاري، وتنتظر نيل ثقة مجلس النواب، لكن الفلسطينيين الذين هنأوا بولادة الحكومة وتمنوا لها النجاح يرون أن البيان الوزاري لم يحمل جديدًا تجاه الوفاء بالالتزامات الدولية لجهة حقوق الفلسطينيين لا سيما حق التملك، وحق العمل، والحقوق الأخرى.
ويعتبر المدير العام لـ "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين "علي هويدي" في تصريح خاص لموقع "العهد" أن "تثبيت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتعزيز صمودهم من خلال توفير حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية بات حاجة إستراتيجية إنسانية وسياسية ضرورية وملحة، وذلك لتمكين اللاجئ من العيش بكرامة إلى حين العودة لا سيما مع تراجع خدمات وكالة الأونروا خاصة على مستوى الاستشفاء والتعليم".
يتابع "هذا ما لم يتضمنه البيان الوزاري صراحة والذي اكتفى بالدعوة إلى الحوار اللبناني الفلسطيني وفق الرؤية اللبنانية للوجود الفلسطيني في لبنان والتي تم الاعلان عنها قبل سنتين، والتي تشير دائمًا إلى "ما يتوافق مع مصلحة لبنان العليا" وهذا يحتمل الكثير من الغموض ورمادية الطرح".
ويعتبر هويدي أن "غياب التثبيت والدعم سيؤدي إلى بدء فصل جديد من فصول تقليص أعداد اللاجئين، و"الطرد الناعم" والتهجير من المخيمات، وهي مشكلة مستمرة بالخفاء وبالعلن، وهذا يخدم المشروع الصهيوني لتفريغ المنطقة من الثقل الكمّي والنوعي للاجئين وتذويبهم في مجتمعات الدول المصيفة".
ورأت "المؤسسة الفلسطينية لحقوق الِإنسان" (شاهد) في بيان "أن البيان الوزاري خلا تماماً من أي التزام لبناني بحقوق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضي الجمهورية اللبنانية قسراً منذ ما يزيد عن 71 عاماً". وذلك على الرغم من "أن لبنان هو عضو مؤسس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد ضمن مقدمة دستوره التزاماً لبنانياً واضحاً به. كما أن لبنان مصادق على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وعلى العديد من الاتفاقيات الدولية في القانون الدولي لحقوق الإنسان وكلها اتفاقيات وقّع وصادق عليها لبنان طواعية وهي ترتب التزامات دولية عليه بعيداً عن أي جدل وأي فهم آخر لمضامين هذه الاتفاقيات".
وأضافت (شاهد) "إن المنظمات الدولية حين تطلع بدورها في تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان فإنها تبحث عن بيئة قانونية مواتية، فكيف يمكن مثلاً للوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطنييين (الأونروا) أن توجد فرص عمل للاجئين الفلسطينيين والقوانين اللبنانية تمنعهم من العمل لا سيما في المهن الحرة"..
وتتساءل (شاهد) "كيف يمكن للمنظمات الدولية الأخرى أن تطّلع بدورها في التخفيف من معاناة اللاجئين في المخيمات وهي مكتظة بشكل يصعب فيه العيش الآدمي، هل تسمح الحكومة اللبنانية بتوسيع مساحة المخيمات؟ وكيف يمكن أن نخفف الضغط الهائل على سكان المخيمات في حين تمنع الدولة اللبنانية الفلسطينيين من التملك ولو عقار واحد بموجب قانون التملك العقاري رقم 296/2001؟".
ما تقدم هو نفسه ما تؤكد عليه مؤسسة (شاهد) من أن احترام حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان هو مكسب لبناني بالدرجة الأولى، وإن محاربة التوطين والتمسك بحق العودة يتحقق من خلال الوفاء بالالتزامات الدولية الحقوقية. لأن الضغط والحرمان والتهميش توفّر بيئة خصبة للهجرة غير الشرعية والتطرف والعنف. وأن المقاربات الحقوقية للوضع الفلسطيني في لبنان هي الطريقة الأسلم والأفضل في منع التوطين والتهجير.
هويدي يأمل من الحكومة اللبنانية توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين وتمكينهم من العيش بكرامة إلى جانب مقاربة الوجود الفلسطيني من منطلق اجتماعي وإنساني وسياسي قبل المقاربة الأمنية إلى حين العودة، لأن توفير الحقوق (حق العمل والتملك، والاستشفاء، والتعليم، وتشكيل المؤسسات) هي حماية وضمانة للفلسطيني واللبناني على حدٍّ سواء..
وفي السياق ذاته، يؤكد ممثل "حركة الجهاد الإسلامي" في لبنان إحسان عطايا، عقب لقائه برئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني"، والنائب الأمير طلال أرسلان، على أن هذف الزيارة هو إيصال "رسالة من المخيمات إلى سعادة النائب أرسلان حول المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، من أجل المساعدة في التخفيف منها، ولا سيما بعد تشكيل الحكومة اللبنانية، وذلك لدعم صمود شعبنا حتى التحرير والعودة".
ولكن السؤال يظلُّ قائمًا:
لماذا خلا البيان الوزاري من أي التزام اتجاه حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟!