خاص العهد
رسائل مناورات إيران الأخيرة: مستعدون للحرب من أيّ جهة جاءت
هبة العنان
منذ سنوات وإيران تُطلق مناوراتٍ تلو الأخرى، تُعلن فيها قفزات تكتيكية ونوعية لجيشها وحرسها الثوري، بأذرعهما البحرية والجوية والصاروخية. المناورات الأخيرة التي تركّزت جنوب البلاد، شملت عُمق بحر الخليج والمجال الجوي ومناطق واسعة من الجغرافيا الإيرانية، ليشكل ذلك رسائل واضحة تعبّر عن قوة محور المقاومة أمام التحديات والتهديدات كافة.
المناورات التي جاءت كتحذير أخير لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أيّ خطوة متهورة توقع المنطقة في حرب لا تُحمد عقباها، تجاوزت رسائلها الجانب الأميركي لتطال حلفاء واشنطن المتسعدين دائما لإرضاء سيّدهم وخوض مغامرات فاشلة، كالعدوان على اليمن الذي لم يحقّق أيّة أهداف.
وفي هذا السياق، رأى المحلّل السياسي المتخصّص بالشأن الإيراني الدكتور محمد شمص في حديث لموقع "العهد الإخباري" أن "هذه المناورات المتتالية هي بمثابة تحذير للعدو من ارتكاب أي خطأ تجاه إيران، وتحسّبًا لأي تهديد معادٍ يطال البلاد"، مشيرًا إلى أن الحرس الثوري يمتلك معلومات تشير إلى مساع وتحضيرات وتجهيزات أميركية لتصعيد الأمن في المنطقة".
ولفت إلى أن حركة الآليات العسكرية الأميركية الأخيرة في المنطقة، كحاملة الطائرات "يوس اس اس نيميتز" والغواصات النووية وطائرات "بي 52" الاستراتيجية، وتقدمها إلى مواقع قتالية لتصبح تحت مرمى الصواريخ الإيرانية، يُفسّر ذلك في العلوم العسكرية بأنه تحضير لعمل هجومي ما"، مضيفًا أن "ما قدّمه الجانب الإيراني كان ردًا واضحًا على مؤشرات قوية لحرب أميركية ومُحتملة".
شمص ذكر أن "الجانب الإيراني رجّح حدوث 3 سيناريوهات قبل رحيل ترامب، الأول تمثّل بتنفيذ عمليات اغتيال لقادة في محور المقاومة، وقد سقط هذا الخيار لأسباب أمنية وفشل الأميركي والإسرائيلي في تنفيذ عمليات بهذا المستوى، أمّا السيناريو الثاني فتمثّل بعملية عسكرية في سوريا تُعيد سطوة الإرهابيين إلى بعض المناطق، وقد سقط ذلك لاعتبارات أمنية وسياسية، فيما وضعت طهران حدوث اشتباك بحري مع الأميركيين من الخيارات الأكثر ترجيحا كسيناريو ثالث".
وشدد شمص على أن "تَركُّز المناورات الجارية في منطقة جنوب إيران بحرًا وجوًا وبرًا، له أبعاد ورسائل إقليمية لحلفاء أميركا وأدواتها"، معتبرًا أن الاتصال الأخير بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، تناول رسائل طهران إلى مجلس التعاون الخليجي خاصة إلى السعودية والإمارات والبحرين، بأن القواعد العسكرية الأميركية في هذه الدول ستكون عرضة للصواريخ الإيرانية في أيّة حرب قادمة".
كما رأى أن إيران تسعى للتصويب على البحرين خلال الآونة الأخيرة لاستضافتها الأسطول الخامس الأميركي، وقد أكدت طهران للمنامة أنها لن تسلم من أي اشتباك أو عملية عسكرية أو حرب في المنطقة في حال ساعدت الأمريكيين على ذلك، لافتا إلى أن المناورات البرية والبحرية الإيرانية كانت على سواحل الخليج وعند المضائق المائية، ليكون ذلك في النقاط الأقرب إلى السفن والبوارج الاميركية في الخليج.
وبحسب شمص "الخليج سيكون ساحة الاشتباك المفترضة وستكون القواعد العسكرية الأميركية الجزء الأساسي من هذا الاشتباك"، والرسالة الإيرانية أُبلغت بشكل شفهي لمسؤولي الخليج بأنهم سيتحمّلون عواقب أيّة حرب وسيدفعون أثمانًا باهظة نتيجة الطاعة العمياء لسيّدهم الأميركي.
وردا على سؤال عن توالي التصعيد الأميركي الإيراني في المنطقة بعد تسلّم جو بايدن الرئاسة، قال شمص إن الأجواء إيجابية ولا تشير إلى أن التهور الأميركي "الترامبي" سيستمر في عهد بايدن القادم، خصوصا أن الأخير أعلن استعداده للعودة إلى الاتفاق النووي فيما أبدت طهران استعدادها هي الأخرى العودة عن تقليص الالتزامات النووية بشروط.
وتوقّع شمص أن "يتراجع التصعيد على الرغم من أن الحكومة الأميركية لم تغير استراتيجيتها في المنطقة، لتكون المرحلة المقبلة مرحلة تفاوض بامتياز".